عاجل
الأربعاء 25 يونيو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
مختارات من الاصدارات الحرب الإسرائيلية الإيرانية .. تغطية مستمرة
البنك الاهلي
أمريكى وعد بالسلام.. فأشعل الإقليم

أمريكى وعد بالسلام.. فأشعل الإقليم

دخلت الولايات المتحدة على خط الحرب. 



بعضهم وصفه بالدخول المبكر، وآخرون قالوا: «حتمى فى عهد ترامب». 

ليس المهم ما إذا كان دخولًا مبكرًا من عدمه، المهم أن هناك من هو على رأس الإدارة الأمريكية سبق ووعد بإقليم هادئ، ثم قلب الإقليم كله على بعضه، ووعد باستقرار، فما كان بعد ولايته إلا أن استمرت الحروب، واندلعت أخرى جديدة، بينما هو ما زال، للآن، يتكلم عن التهدئة.

فى الساعات الأولى بعد بدء الطائرات الأمريكية هجومها على إيران، وصفت الخارجية الأمريكية القصف بأنه «خطوة فى طريق الدبلوماسية»!

ولمزيد من طريف الكلام، برر ترامب دخول قواته الحرب بقوله: «استهدافًا للسلام وعملًا من أجله»!

 

-1-

هى واحدة من أكثر الفترات وضوحًا التي تبدو فيها الولايات المتحدة شديدة التذبذب والاضطراب والتناقض بين كلام فى اتجاه وسياسة فى اتجاه آخر. 

وهى أيضًا واحدة من أصعب الفترات التي مرت على الشرق الأوسط، بكل تعقيدات الخيوط وتشابكات المصالح، واضطراب السياسات.

تظل السياسات المصرية واضحة، لا تتغير ولا تتبدل. سبق وحذرت مصر من تفاقم الأوضاع واحتمالات خروجها عن السيطرة. 

وهذا ما يحدث، ولو أن هناك من هو على تصوراته بأن الحروب تحقق الأهداف، وأن الاعتداءات وأكل الحقوق وقتل المدنيين وتشريد الملايين هو أول الطريق للاستقرار.

هذا الكلام ليس صحيحًا، ولا هو مقبول. 

فى الصحافة الأمريكية يتكلمون عن أنه لم يعد هناك من يستطيع تفسير ما فى نية الرئيس ترامب من سياسات بناء على ما يخرج من فمه، لأنه وببساطة يقول عكس ما يفعل، ويفعل عكس كل ما تعهد به.

هذا صحيح، فترامب هو الأمريكى العجوز الذي وعد بالسمن والعسل، ولم يقدم إلا العلقم والصبار.

فى أوروبا بعضهم استهجن، وبعضهم سكت.

من بين الحكام الأوروبيين من يرى أن الكلام لم يعد له فائدة، لأن ترامب يغير كلامه خلال أقل من ساعة.. فيتحول من النقيض إلى النقيض.

قبل ساعات من الضربة الأمريكية للأراضى الإيرانية، كان الأوروبيون قد بدأوا مفاوضات فى جنيف مع إيران بعلم ترامب الذي أكد لهؤلاء القادة أنه لن يتقدم خطوة، قبل انتهاء تلك الاجتماعات.

منح ترامب المفاوضين الأوروبيين أسبوعين حدًا أقصى، لكنهم فوجئوا به فى صباح اليوم التالى يضرب إيران. 

لم يكف ترامب خلال فترة المفاوضات عن رسائل متضاربة أضافت مزيدًا من الارتباك للمفاوض الأوروبى.

هو مثلًا أكد أن إيران بينما هى تتفاوض فى جنيف، فإنها فى الوقت نفسه تتفاوض من أبواب خلفية مع واشنطن.

نفت طهران، واستغرب المفاوض فى أوروبا، لأنه إذا كانت واشنطن على مسار تفاوضى مع إيران لا تعلم أوروبا عنه شيئًا، فما الذي يمكن أن نتوقعه من نتائج لمفاوضات جنيف؟ 

ثم أضاف ترامب المزيد المحير، وقال إن لديه يقينًا بأن إيران تريد الحوار مع الجانب الأمريكى.. وليس مع الأوروبيين. 

تساءل الأوروبيون مرة ثانية: إذا كان الأمر هكذا، فلماذا قال ترامب إنه يعول على المفاوضات الجارية بينما واشنطن غائبة عنها؟

لم يسفر اجتماع جنيف الوزارى عن أى نتائج إيجابية يمكن أن تؤشر إلى لقاءات لاحقة، وحملت أوروبا ترامب المسؤولية. 

-2-

لم يشعل ترامب المنطقة وحدها، إنما صب مزيدًا من الزيت على نار خلاف كبير مترامٍ داخل حزبه الجمهورى، فيما الأسلحة على جبهة الديمقراطيين ما زالت موجهة له، فى هجوم مطرد، وصل الذروة الأيام الأخيرة. 

الديمقراطيون وصفوا دخول الولايات المتحدة على خط النار فى الحرب ضد إيران بكارثة على مستوى الخارج، وخطأ دستورى على مستوى الداخل. 

لأن ترامب لم يرجع إلى الكونجرس لاستصدار تفويض باستخدام القوة العسكرية أو الدخول فى حرب.

 وقالوا إن ترامب ضلل بلاده، وضلل الكونجرس، ووضع أمريكا فى مواجهة فوهة مدفع إيرانى يمكن أن يصوب بسهولة ناحية المصالح والمنشآت والجنود الأمريكيين فى أنحاء المنطقة، محذرين من رد الفعل الإيرانى الانتقامى المنتظر، الذي لابد أنه سوف يفتح باب المخاطر.

خلافات الجمهوريين والديمقراطيين عادية، لكن غير العادى الانقسام الحاد الذي أحدثه ترامب داخل حزبه الجمهورى وبين رموزه من خلافات شديدة واختلافات.

ناقش الجمهوريون الفترة الماضية كثيرًا من الرؤى حول ما إذا كان ينبغى أن تتورّط الولايات المتحدة فى صراع خارجى جديد، أم لا؟ 

بعضهم خشى من أن تجرّ إسرائيل الولايات المتحدة إلى حرب جديدة فى الشرق الأوسط بلا طائل ولا مكاسب.

فى المقابل، رأى صقور الحزب أن العمل العسكرى ضد إيران قد تأخر لسنوات، وإنه إذا لم يكن قد حدث اليوم، فكان لابد له من أن يحدث غدًا.

ترامب بدا أنه بين هذا وذاك. لا سياسة واضحة، ولا استراتيجية فى المسألة. 

والديمقراطيون قالوا على سبيل الفكاهة، إن ترامب مع هذا الرأى صباحًا، ومع ذلك الرأى مساء.

وكانت الصورة كالتالى: الرئيس الأمريكى الذي يبدو فى محاولات الابتعاد بالولايات المتحدة عن المشاركة فى الحرب الإسرائيلية على إيران، كان هو الذي يحتفل بنجاح الهجمات الإسرائيلية.. ويحذر إيران من أن المزيد قادم.

وترامب الذي أثنى على إسرائيل عدة مرات العام الجارى عن الهجوم على المنشآت الإيرانية، لأنه يريد التوصل إلى تسوية تفاوضية، والذي وصف بدء الهجوم الإسرائيلى على إيران فى أيامه الأولى «بالإجراء الأحادى»، وقال إن بلاده لم تشارك فى الضربات، وأن أولويته القصوى حماية القوات الأمريكية فى المنطقة، كان هو نفسه الذي قال إنه كان على علم بالهجوم الذي وصفه بالممتاز. 

غريبة.

-3-

لم يحقق ترامب من وعوده شيئًا، حتى إنه يبدو أن الرجل خلال حملته الانتخابية، كان آخر غير الذي يجلس الآن على رأس البيت الأبيض.

وعد كثيرًا ولم يوف. 

تعهد ترامب بوقف الحرب فى غزة، ووقف الحرب الروسية الأوكرانية، وقال إنه سوف يتفاوض مع إيران لإغلاق الملف النووى نهائيًا، وإنه سوف ينجح، لأن لديه ما يقدمه لجميع الأطراف، كى يتحقق السلم فى منطقة قال إنها سوف تدخل مرحلة جديدة بمجيئه. 

مرة أخرى، يقول الأمريكيون على سبيل التندر، إن ترامب لم ينجح فى تهدئة إلا مع إيلون ماسك، بعد خلاف ناري كاد أن يعصف بالاثنين. 

اعتاد الرئيس الأمريكي على تحميل إخفاقاته على شماعات الآخرين.

وبعد الرياح العاتية فى جلسة تاريخية وضع فيها ترامب الرئيس الأوكرانى أمام العالم على حرف سكين.. عاد ترامب للشكوى من بوتين. 

نيوريورك تايمز قالت نقلًا عن أحد المقربين من الرئيس الأمريكى أنه قال: «كنت مخطئًا لما وصفت بوتين بالصديق الطيب». 

عندما بدأت الحرب الروسية الأوكرانية، كان ترامب خارج البيت الأبيض، لكنه لم يكف عن ادعاءاته بأن تلك الحرب لم تكن لتقع أصلًا لو كان رئيسًا، وأنه يحوز من الملكات ما يمكنه من إنهائها بعد انتخابه وخلال ساعات. 

وقال أيضًا، وهو خارج البيت الأبيض، إن حرب غزة هى الأخرى لم تكن لتقع لو كان رئيسًا للولايات المتحدة، واصفًا بايدن بالغبى، الذي أشعل الشرارة، ولم يعد فى قدرته إطفاؤها. 

ماذا تغير بعد أكثر من مائة يوم من ولاية ترامب؟

لا شىء جديد، فالأمور فى حدود فوق الصعبة، والمنطقة على حافة بركان، زاد من سخونتها حرب جديدة.. دخلتها الولايات المتحدة بدلًا من أن تطفئ نيرانها.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز