
بعد العدوان على إيران هل تفكر إيران في ضرب إسلام أباد
عاجل.. كيف أحبطت باكستان الهجوم الهندي الإسرائيلي على برنامجها النووي؟

عادل عبدالمحسن
أعد موقع ناتسيف الإسرائيلي المتخصص في الشؤون العسكرية تقريرًا تسأل خلاله عن وجهة الكيان الصهيوني المقبلة ضد بلاد المسلمين.
وقال الموقع الإسرائيلي: في ظل التصعيد المستمر بين إسرائيل وإيران، ظهر اسم دولة إسلامية أخرى مسلحة نوويا، مما أثار تساؤلات حول ما إذا كانت هذه الدولة قد تكون الهدف التالي لإسرائيل.
وأشار موقع ناتسيف العبري إلى أن باكستان، الدولة الإسلامية الوحيدة التي تمتلك أسلحة نووية، تثير منذ فترة طويلة المخاوف في الدوائر الغربية والإسرائيلية.
وفي تصريح قديم يعود إلى عام 2011، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو: "مهمتنا الكبرى هي منع أي نظام إسلامي من امتلاك الأسلحة النووية، سواء كان اسمه إيران أو باكستان".
وقال الموقع العبري إن هذا التصريح يضع باكستان، إلى جانب إيران، ضمن دائرة الأهداف الإسرائيلية، على الرغم من أن إسرائيل فشلت في تحقيق هذا الهدف في ثمانينيات القرن العشرين، عندما سعت إلى تعطيل البرنامج النووي لإسلام آباد.
كانت باكستان قد تأسست كدولة مستقلة عام ١٩٤٧، وفي خمسينيات القرن الماضي، شاركت في البرنامج الأمريكي "الذرة من أجل السلام"، متعهدةً بعدم استخدام الطاقة النووية لأغراض عسكرية، إلا أن هزيمتها أمام الهند في حرب عام ١٩٧١ وتصاعد التوترات الإقليمية، وخاصةً بعد أول تجربة نووية أجرتها الهند عام ١٩٧٤، دفعت باكستان إلى السعي لتطوير أسلحة نووية.
عبد القادر خان، المعروف بـ"أبو القنبلة النووية الباكستانية"، جاء "هولندا" حاملاً معه معرفةً وخبرةً متقدمة.
وفي غضون سنوات قليلة، تمكنت باكستان من تخصيب اليورانيوم بنسبة 90%، ممهدةً الطريق لإنتاج قنبلة نووية.
ورغم أن واشنطن فرضت عقوبات على إسلام آباد بعد كشفها عن التطوير السري لبرنامج نووي، إلا أن سياستها كانت متساهلة نسبيًا مع باكستان، على عكس موقفها المتشدد تجاه البرنامجين النوويين الإيراني والعراقي.
ويعزو المحللون ذلك إلى حاجة الولايات المتحدة إلى باكستان كحليف استراتيجي ضد الاتحاد السوفيتي، وخاصةً خلال الغزو السوفيتي لأفغانستان في ثمانينيات القرن الماضي.
وكانت باكستان آنذاك بوابةً لدعم الجماعات المتأسلمة المتحالفة مع الغرب، مما دفع الولايات المتحدة إلى غضّ الطرف عن طموحاتها النووية.
حتى أن الرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريجان حذّر الهند وإسرائيل من أي محاولة لمهاجمة المنشآت النووية الباكستانية.
المحاولات الإسرائيلية: من الفشل العسكري إلى التعاون الاستخباراتي
بعد نجاحها في تدمير المفاعل النووي العراقي عام ١٩٨١، وضعت إسرائيل البرنامج النووي الباكستاني على قائمة أهدافها.
وتشير تقارير صحفية، أبرزها تقرير نشرته صحيفة سويسرية عام ٢٠٢٢، إلى تورط الموساد في عمليات سرية ضد شركات أوروبية دعمت برنامج عبد القادر خان، شملت هجمات وتهديدات.
وخططت إسرائيل، بالتعاون مع الهند، لشن غارة جوية على منشأة باكستانية لتخصيب اليورانيوم في خيبر بختونخوا، لكن نيودلهي تراجعت خوفًا من رد فعل مماثل.
حتى محاولة إسرائيلية عام ١٩٨٢، باستخدام طائرات مقاتلة بمساعدة هندية، فشلت بسبب اكتشاف باكستان للخطة مبكرًا.
لكن الحدث الأبرز وقع في مايو 1998، عندما أجرت باكستان أول تجربة نووية ناجحة لها، ردًا على تجارب مماثلة في الهند.
جعل هذا إسلام آباد سابع قوة نووية في العالم، ببنية تحتية قادرة على إنتاج وتطوير الأسلحة النووية.
وقال موقع ناتسيف الإسرائيلي المتخصص في الشؤون العسكرية إن امتلاك باكستان للأسلحة النووية اليوم ليس نتيجة جهودها الخاصة فحسب، بل يرتبط أيضًا بالسياسة الأمريكية في أواخر سبعينيات القرن الماضي، عندما مدت واشنطن يدها لإسلام آباد، مقدمةً لها الدعم العسكري والاقتصادي، ومرفعةً العقوبات، ومتجاهلةً عمدًا ما كان يُعرف آنذاك ببرنامجها النووي السري.
بلغ هذا الدعم حدًا دفع الرئيس الأمريكي آنذاك رونالد ريجان إلى تحذير الهند وإسرائيل من أي محاولة لمهاجمة المنشآت النووية الباكستانية.
مسؤول إيراني كبير: باكستان ستلقي قنبلة نووية على إسرائيل إذا هاجمت طهران
تأسست باكستان عام ١٩٤٧ بعد انفصالها عن الهند، ودخلت فورًا في حالة عداء دائم مع نيودلهي.
ورأت الولايات المتحدة في باكستان فرصة استراتيجية في سياق الحرب الباردة، وسعت إلى ضمها إلى المعسكر المعادي للسوفييت.
موقع باكستان الجغرافي، بين الصين من جهة وأفغانستان من جهة أخرى، جعلها حلقة وصل حيوية في الرؤية الأمريكية لاحتواء التوسع السوفيتي في آسيا والشرق الأوسط.
وفي ذلك الوقت، تلقت باكستان دعمًا عسكريًا وأمنيًا أمريكيًا، وكان علماؤها النوويون يتلقون تدريبًا تقنيًا مباشرًا منذ خمسينيات القرن الماضي.
وشعرت واشنطن بالارتياح لأن عدو باكستان الرئيسي هو الهند، وليس إسرائيل، إذ لم تُشكل إسلام آباد أي تهديد مباشر لتل أبيب، رغم أنها لم تعترف بها كدولة.
لهذا السبب، يعتقد بعض الخبراء أن الإدارة الأمريكية آنذاك تساهلت مع فكرة امتلاك باكستان أسلحة نووية، طالما أنها لم تكن موجهة ضد المصالح الإسرائيلية.
ورغم محاولات فرض عقوبات رسمية، لم تُجدِ هذه العقوبات نفعًا.
واصلت الولايات المتحدة تقديم المساعدات العسكرية، لكنها لم تُعلّقها إلا لفترة وجيزة لمدة تسعة أشهر، إذ كانت أولويتها الحقيقية دعم الجماعات المتأسلمة المتحالفة مع أمريكا في أفغانستان في حربهم ضد القوات السوفيتية.
وكانت باكستان القناة الرئيسية لهذا الدعم، مما عزّز مكانتها في السياسة الأمريكية.
مع ذلك، بعد انسحاب الاتحاد السوفيتي من أفغانستان وانتهاء الحرب الباردة، تغيرت المصالح الأمريكية، وتراجعت الأهمية الاستراتيجية لباكستان. في عام ١٩٩٠، علّقت الولايات المتحدة مساعداتها بسبب استمرار تطوير البرنامج النووي.
كما أصبحت شخصية عبد القدير خان، العقل المدبر وراء البرنامج، مصدر قلق أمريكي، بعد اتهامه بنقل التكنولوجيا النووية إلى دول اعتبرتها واشنطن تهديدًا، مثل كوريا الشمالية وإيران وليبيا.
وفي عام ٢٠٠٨، تدهورت العلاقات بين البلدين مرة أخرى بعد توقيع الولايات المتحدة اتفاقية تعاون نووي مع الهند، مما دفع باكستان إلى تعميق علاقاتها النووية مع الصين.
تجدر الإشارة إلى أن الصين ساهمت بشكل كبير في القدرات النووية الباكستانية، إلى جانب المملكة العربية السعودية التي قدمت دعمًا ماليًا.
وقالت إيران إن باكستان هددت بشن هجوم نووي على إسرائيل إذا شنت هجومًا نوويًا ضد إيران
باكستان قوة نووية تواجه الضغوط الإسرائيلية والأمريكية
تمتلك باكستان حاليًا حوالي 170 رأسًا نوويًا وعدة صواريخ باليستية بعيدة المدى، بعضها قادر نظريًا على الوصول إلى أهداف بعيدة تصل إلى واشنطن.
فرضت الولايات المتحدة عدة عقوبات على إسلام آباد في السنوات الأخيرة، كان آخرها عام 2023، لكن المحللين يعتقدون أن هذه العقوبات غير فعالة، نظرًا لاعتماد باكستان على مصادر تكنولوجية غير غربية.
ويعتقد بعض المراقبين أن هذه العقوبات تُفرض تحت ضغط إسرائيلي، بهدف إجبار باكستان على الاعتراف بإسرائيل، وهو أمر لا يزال غير مرجح في الوقت الراهن.
ويبقى السؤال الأهم: ما هو موقف واشنطن في حال اندلاع صراع مباشر بين إسرائيل وباكستان، سواءً سياسيًا أو عسكريًا؟
هل ستقف إلى جانب إسرائيل كعادتها، أم ستُجبر حسابات الردع النووي الجميع على توخي الحذر؟