عاجل
الأربعاء 6 أغسطس 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
ثورة 30 يونيو مختارات من الاصدارات
12 عامًا على  ثورة الخلاص

12 عامًا على ثورة الخلاص

فى 30 يونيو 2013 خرج المصريون بالنداء الأشهر: انزل يا سيسى.. وفى 3 يوليو أعاد عبد الفتاح السيسي ترتيب المشاهد وغيّر الاتجاهات. 



نزل عبدالفتاح السيسى، متحملًا شجاعة قرار فى مواجهة عدو كان فى طريقه بالدولة إلى الجحيم .

لم يكن القرار سهلًا.. ولم يكن التصدى استجابة لرغبة الشعب محمود العواقب. 

لكن الذي حدث أن اتخذ الجيش القرار الأصعب.. واختار عبد الفتاح السيسي القرار الأصوب. 

وقتها توقف الزمن.. فترة من الزمن.. لتعود عقارب الساعة من جديد لحساب الوقت.. بتوقيت جديد .

دخل المصريون بعد ثورة

30 يونيو عقدًا مرحليًا أولًا من نوعه. أعادت الجمهورية الجديدة تشكيل الجغرافيا، وأعادت رسم الخرائط، وغيرت حتى أماكن المدن الكبرى على خريطة البلاد .

لم يكن الطريق إلى الجمهورية الجديدة سهلًا.. ولم يكن طريق الإنقاذ مفروشًا بالورود.. أو ممهدًا بالأسفلت الناعم.

فمنذ 2011 والتاريخ المصري كان يقف فى مواجهة أنواء وظروف كانت الأشد تعقيدًا على مستويات السياسة والاجتماع. 

لم تمر بالبلاد فى تاريخها الحديث أحداث بهذا الشكل، ولا مخططات ظاهرة على هذا المنوال. 

لم يحدث أن استهدفت مثل تلك المؤامرات بتلك الصورة الدولة، فتهدد أصلها وفصلها ووجودها.. وتهدد أيضًا تلك المؤامرات فكرة الدولة نفسها. 

لذلك كان بيان 3 يوليو بابًا أكبر لمرحلة مفصلية فى تاريخ المصريين الحديث. 

وفى المراحل المفصلية فى تاريخ الأمم، لا تتغير الظروف على صعوبتها إلا بأن يفرض قائد بمواصفات خاصة السطوة على «الدقائق والثواني».. لتعاد الحسابات.. ويعاد النظر.. وتعاد التصورات .

-1- 

فى 3 يوليو 2013، أعاد عبد الفتاح السيسي رسم الخرائط فى مواجهة عجلة نار تدحرجت سريعًا لإعادة ترسيم الشرق الأوسط.

مصر كانت البوابة وكانت المراد. 

 على مر التاريخ ومصر بوابة المنطقة.. وبوابة أفريقيا.. وبوابة الإقليم. وخلال ما تخطط لإرساء دعائم الربيع العربى، كان استيلاء الإخوان على الحكم فى مصر، ليس مجرد سطو على وطن فقط، إنما كان بداية لفتح بوابة واسعة لتنامى خلايا سرطان الرديكالية الدينية وجماعات التطرف فى جسد المنطقة، فى إطار «مساعى» لشرق أوسط جديد، يعيد توازنات القوى، ويعيد تقسيم الثروات، ويعيد أيضًا رسم معادلات السلاح والهيمنة .

كانت الأوطان معروضة للبيع فى المزاد. 

راهن الإخوان خلال فترة حكمهم على بيع الوطن، فباعوا الخرائط، وقسّموا الأرض على غرار تقسيم شركات المقاولات، طبقًا للسعر وحسب المكان. 

لكن.. ليست كل الرهانات قابلة للتحقيق.. وليست كل النبوءات قابلة للتنفيذ، لأنه كثيرًا ما تتوقف عجلة التاريخ أمام إرادات الشعوب، فيظهر فى المراحل المفصلية أبطال ضمن قدراتهم إدارة أقراص الزمن نحو اليمين أو نحو الشمال. 

استجابة عبد الفتاح السيسي لمطالبات المصريين بخارطة استعادة الوطن فى 3 يوليو أوقفت عجلة الزمن.. وأوقفت المخطط.. وأوقفت خرائط الشيطان، لتستعيد وطنًا، كاد أن يخطفه قبل الإخوان تجار شعارات.. وبعد الإخوان أرزقية، أطلقوا اللحى، وقصّروا الجلابيب، ثم مدّوا السماط على الأرض فى القصرالرئاسى ليأكلوا البط والأرز بالأيدى على السجاد!

خلال مشروع لم يكن ليكتمل، لأنه لم يكن له أن يكتمل، حاول الإخوان دفع المصريين نحو بوابات تسييس الدين، وأدلجة العقيدة، وصولًا إلى السطو العام على رقعة من أعرق وأقدم الرقع فى التاريخ والجغرافيا.

لذلك كانت 30 يونيو نهاية حتمية لمرحلة اقتربت فيها الدولة والحضارة والثقافة من حواف الهاوية. 

 لذلك أيضًا ستظل ذكرى 30 يونيو إشارة ودلالة. 

هى ليست إشارة فقط على قدرة الشعوب إذا أرادت حماية مصيرها واستعادة هويتها، إنما كانت دلالة على أن المصريين لن يرضوا إلا بقيادة وطنية، يتشكل على يدها الاستقرار، ويدخل الوطن على يدها بوابات التنمية.. بأيادى مصرية.. وإرادة مصرية.. وقرار مصري حر.

-2- 

واجهت دولة 30 يونيو تحديات على مسارات عدة. اختبرت قوة الدولة وإرادتها أزمات مختلفة. بدأت الجمهورية الجديدة بقرارات شجاعة كان أولها استعادة المكان والمكانة فى الإقليم، استعادة لجواز مرور وعبور أزمات عالمية لاحقت العالم.. وتلاحقه للآن .

خاضت الدولة مسارات عدة.. بالتوازى. 

كانت التنمية الخيار الأول، إلى جانب خيارات تطهير الأرض من الإرهاب، وتثبيت دعائم دولة، استمرت منذ 2011 فى أشد حالات الاضطراب والترنح. 

تصدت دولة 30 يونيو لمسارات عدة على مقاييس التنمية، استلزمت قرارات فوق عادية. 

فى مسارات التنمية الشاملة وسياقاتها تستلزم الظروف رؤى جذرية، بحلول واقعية، للعبور من أعناق زجاجة كانت قد ضاقت واستحكمت فى 2013 ، حيث كانت الدولة على مشارف إعلان الإفلاس. 

حاز عبد الفتاح السيسي شرعية الإنجاز بعد شرعية الإنقاذ. 

 تفوقت الدولة على كافة الأصعدة، بعدما رسم عبد الفتاح السيسي دوائر خضراء برغبات عملية فى البناء، كما رسم أيضًا خطوطًا حمراء عند اللزوم.. وعند المقتضى .

كان أن خرجت مصر بمعجزة من مسارات الدول الفاشلة، وهى المرحلة التي كانت قد اقتربت منها عام 2013، بدخول خصم ثورة يوليو52 قصر الرئاسة. 

فبحلول عام 2013 بدا أن مصر قد اقتربت من خطوط التماس على طرق سير الدول الفاشلة. وقتها كانت غالبية الدراسات وتوقعات مراكز الأبحاث تؤكد اقتراب البلاد من مسارات اللاعودة.. واللا رجوع .

مع اعتلاء الإخوان كرسى الحكم، أصبحت التوقعات فى حكم المؤكدات، وأصبحت التكهنات فى حكم الواقع .

ظهر مصطلح الدول الفاشلة بدايات التسعينيات فى دراسات غربية تناولت تداعيات انهيار الدول وانعكاسات ما بعد الانهيار على الاقتصاد والاجتماع وعلى السياسة.. وبالتالى على باقى المسارات .

اعتبر خبراء العلوم السياسية الدولة الفاشلة هى تلك التي تفقد القدرة على لعب دورها، وهى التي توقفت عن ممارسة وجودها ككيان مستقل صاحب قرار فى الداخل، وفى الإقليم .

وفى المصطلح السياسى، الدولة الفاشلة هى التي لم تعد قادرة على القيام بوظائفها الأساسية، وفى ضعفها لا تقوى على أداء مهامها السيادية على أرضها، وفى المحيط الدولى .

كانت 2011 فتنة.. وكان وصول الإخوان إلى كرسى الاتحادية كارثة، لولا أن سلم الله، لتخرج مصر من محطات الفشل، وتبدأ بعد 30 يونيو عصرًا جديدًا. 

-3- 

على مستوى الداخل، كانت قرارات الإصلاح صعبة، خصوصًا بعد أن ظلت مؤجلة طوال أكثر من 60 عامًا.   وقتها بدا وكأن الإصلاح أشبه بكهف مهجور لا يدخله ولا يقربه أحد. 

الأسباب عديدة.. 

لكن الدولة قررت بعد يونيو، لأنها أرادت ودرست وخططت واتخذت القرار بإسقاط تابوهات انطبعت فى الذهنية العامة، على مدى سنوات طويلة بأنه لا حلول لها.. ولا بدائل.

استلم عبد الفتاح السيسي الدولة فى 2014 مضطربة معادلات الاجتماع، قبل اضطراب معادلات السياسة والأمن والاقتصاد. 

لذلك كان خيار التحرك على كل المسارات لا بديل عنه، فى مرحلة فارقة، استلزمت التركيز على إعادة بناء البشر مع بناء الحجر.

تحولت مصر بسرعة من الطريق إلى الدولة الفاشلة فى عهد ما قبل 30 يونيو، إلى طريق الدول الرشيدة. 

المعيار الأول لدولة رشيدة هو قدرة الإدارة على اتخاذ القرار، وقدرتها على تنفيذه، ثم قدرتها على إحداث نظام تتناغم فيه الاختصاصات التنفيذية، لتنعكس نتائج الأعمال على ما يلمسه المواطن على الأرض. 

والدولة الرشيدة هى التي تحوز القدرة على السيطرة وفرض الهيمنة، بالتوازى مع مسارات التنمية. 

بدأت ثمار التنمية تظهر فى توقيتات لم تكن متخيلة.. ولا كانت متصورة. 

تنمية شاملة، بدأت بتطوير رائد للقدرة على الردع العسكرى، وصولًا إلى سياسات الإصلاح الاقتصادى وتحسين أحوال المعيشة، وضمان حياة كريمة للمصريين. 

أوجدت مصر الحلول، وفق أولوياتها، ووفق ما تراه من مبادئ شريفة فى زمن عزّ فيه الشرف. 

خاض عبد الفتاح السيسي معارك الإقليم بأنواعها منذ العام 2014، برؤى واثقة وثوابت انطلقت من أنه لا تنازل عن حقوق للدولة المصرية، تبدأ من حريتها الكاملة فى استغلال ثرواتها، وصولًا إلى ما تراه مناسبًا من قرارات لحماية أمنها القومى، وتحقيق مصالحها القانونية دون اعتداء أو تهديد .

حققت الدولة نجاحًا منقطع النظير فى مكافحة الإرهاب ودحره، وحققت أيضًا انتصارات كبرى على طريق التوعية بحقائق ملف الإرهاب، وحيل تجار الأوطان وأرزقية الشعارات. 

لم تنجح مصر فقط فى قطع يد الإخوان الإرهابيين وتعليقها على أبواب قلاع القوات المسلحة فى سيناء، إنما استطاعت أيضًا أن تكشف بجدارة للدول الغربية حجم ومدى وخطورة تلك التنظيمات بانعكاساتها شديدة السلبية على العالم كله.

ويظل ملف تنويع السلاح واحدًا من أهم ملفات حققت فيها مصر قفزات غير مسبوقة، بنجاحات مدوية فى فرض تغييرات جوهرية على الخريطة الدولية، وفرض تحولات كبرى، كانت فى زمن ما غير متوقعة ولا متصورة .

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز