الجمعة 19 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

مثقفون: إرادة الشعب المصري تتجلى دائما وقت الأزمات مع مؤسساته الوطنية

بوابة روز اليوسف

مع حلول الذكرى الـ73 لثورة 23 يوليو، تتجدد القيمة التاريخية الدائمة لوعي الشعب المصري بقيمة هذه الملحمة الفارقة في تاريخ مصر الحديث، والتي كانت نقطة انطلاق نحو التحرر الوطني وترسيخ مبادئ العدالة الاجتماعية، ومهدت لبناء دولة المؤسسات. 

 

كما يتجدد دائمًا الإحساس بروح الإرادة لدى الشعب المصري بداية من ثورة 23 يوليو التي تجددت فى ثورة 30 يونيو، وأثبتوا أن روح ثورة يوليو لا تزال حاضرة، وأن الجمهورية الجديدة التي يقودها الرئيس عبد الفتاح السيسي، تعد امتدادًا طبيعيا لتلك الثورة العظيمة، برؤية حديثة تضع الإنسان في قلب عملية التنمية الشاملة.

"بوابة روزاليوسف" تعرفت على آراء مثقفين ومفكرين حول وجود سبب جوهري وسر كبير يؤكد وحدة المصريين ومساندة مؤسساتهم الوطنية وقت الأزمات والتحديات ووقوف الشعب المصري خلال الثورتين مع صالح وطنه خير شاهد ودليل، ونعرض رؤيتهم حول ذلك فيما يلي:

 

- يوسف القعيد: تلاحم الشعب مع مؤسساته يثبت الإرادة الشعبية الرافضة للتبعية والمطالبة بالحرية

 

أكد الكاتب الكبير يوسف القعيد، عضو مجلس النواب، أن المصريين جميعا شرقا وغربا شمالا وجنوبا تتجلى إرادتهم الشعبية وقت الأزمات، ودائما وأبدا تعلن عن نفسها باعتبارها عنوانًا للمرحلة، كما تجسد إرادة الشعب المصري في صناعة مستقبله بنفسه، بعدما قرر التخلص من الاحتلال والتبعية وبناء دولته الحديثة عبر المرحلتين.

 

وأشار "القعيد" إلى أن المصريين عمومًا مرتبطون ومتحدون في هيبة وطنهم واسمه وقيادته وشرعيته، وهذا يتجلى في كل أزمة تمر بها مصر والأحداث الكبري، بداية من ثورة 23 يوليو حتى ثورة 30 يونيو، ما أثبت أن شعب مصر متحد ومترابط مع بعضه البعض ولا يحتاج إلى مناسبة لكي يعلن ذلك، فالمصريون هم المصريون فى كل زمان ومكان.

 

وقال: إن تلاحم المصريين حول مؤسساتهم يأتي لإثبات إرادة شعبية رافضة للتبعية والظلم، ومطالبة بالحرية والكرامة، مؤكدًا أن ثورة يوليو لم تنهِ حكمًا ملكيًا فحسب، بل دشنت مرحلة جديدة من الوعي الوطني، قامت على تحقيق المصلحة العامة وإعادة الحقوق لأصحابها وإعلاء صالح الوطن والاستقرار العام للبلاد.

 

- النمنم: وقوف المواطنين خلف مؤسسات الدولة ليس جديدًا ويعود إلى فترات تاريخية كثيرة

 

وأكد الكاتب الصحفي حلمى النمنم، وزير الثقافة الاسبق، أن وقوف المواطنين المصريين خلف مؤسسات الدولة المصرية ليس جديدًا ويعود إلى فترات تاريخية تسبق 23 يوليو، ويعود إلى قبل ذلك طوال التاريخ، ففي فترة احتلال نابليون مصر كان المصريون يقفون صفا خلف مؤسسة الأزهر، وفترة ثورة 1805 كانوا خلف الطرق الصوفية والأزهر الشريف، أما في الثورة العرابية فكانوا يقفون خلف المؤسسة العسكرية وعلى رأسها محمود سامي البارودي وأحمد عرابي ورفقائهما، وبالتالي يرجع سر وقوف المصريين خلف مؤسساتهم لأن الدولة لن تقوم إلا بمؤسساتها وقانونها.

 

وأشار "النمنم" إلى أن الدولة تقوم بالأساس على المؤسسات والمصريين بحكم ارتباطهم بالنيل، وأن حياتهم مرتبطة به، فكان يحتاج إلى مؤسسة تربطه بحياتهم، وتم ذلك من خلال مؤسسة الري، التي تنظم العلاقات بين الناس والحفاظ على النيل والزراعة، ولأنه سبب للحضارة والبناء والتعمير.

 

وقال: هناك لحظات تكشف مدى تماسك المصري مع مؤسسات الدولة مثلما حدث فى ثورتي 23 يوليو و30 يونيو، وأيضا ما سبقها من لحظة وقوف الشعب المصري مع القوات المسلحة عقب هزيمة يونيو 1967، لكن مع ذلك وقف الشعب المصري خلف مؤسسات الدولة التي تمثل دفعًا لبناء هذه المؤسسات وعادت إلى دورها ومكانتها الطبيعة التي حققت نصر أكتوبر 1973.

 

 

- د. خلف الميري: مساندة الشعب المصري لمؤسسات الدولة هي الرافد الرئيسي للحضارات الإنسانية

 

 

وأكد الدكتور خلف عبد العظيم الميري، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة عين شمس، أنه لمعرفة سر وقوف الشعب المصري مع مؤسسات الدولة لا بد أولا من استدعاء عدة مكونات تفسر لنا مواقف الشعب المصري في الالتفاف حول ثورتيه 1952 و2013، فكلتاهما كانت دفاعًا عن الوطن وإن اختلف الزمن، ودعني أرى هذه المنطلقات من مكون عام يرتبط بالرافد الرئيسي للحضارات الإنسانية، التي عرفت الاستقرار في بيئات الأنهار والأودية الزراعية وليس في بيئات الحل والترحال.

 

وأشار الميري: إلى أن هذه الحضارات الإنسانية تكون أكثر من سواها قدرة علي تكوين الأطر المركزية ومن ثم الارتباط بالأرض والحياة بكل ما فيها من ولاء وانتماء وتضحية بالروح والفداء في هذه البقعة "الموقع والموضع"، فليس هناك للحياة سواها، ولعلنا جميعا نتغنى بأعذب مشاعر بلادي بلادي لك حبي وفؤادي.. رغم أنها قيلت قبل أكثر من قرن من الزمان.

 

وكشف الدكتور خلف الميري وجود عوامل أخرى زادت الأمر صقلا في الشخصية المصرية، منها ارتباطها بموقعها والدفاع عنه على مر الزمن ضد الطامعين الذين اكتوى بنيرانهم في مختلف العصور، ومن ثم أصبح لدى الشعب المصري الميراث الخالد في الارتباط بأرض الوطن حد الانصهار فيه والذود عنه ضد الأخطار، وهذا أوجد الحالة النضالية الوجدانية فلا يهجر أرضه، وأصبحت لديه الأرض كالعرض أو الأرض عرض، يُقدم روحد فداء من أجلها.

 

 

وقال إنه منذ اللحظة الأولى، ومع تطبيق قوانين الإصلاح الاشتراكية والاجتماعية، أدرك الشعب أن هؤلاء يسعون لرفع المعاناة عنهم ويحققون الكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية، وقبل كل ذلك الاستقلال الذي كان حلمًا وهدفًا قوميًا، وبات عدم الرضوخ للاستعمار ومقاومة التفاوت الطبقي معبرًا عن العزة والكرامة وهي سمات أصيلة في الشخصية المصرية.

 

 واشار "الميري" أن ذلك كان متسقًا مع والولاء والانتماء للوطن ومُحققا للأماني، ولذك التف الشعب المصري حول ثورة 1952، وكان ولا يزال ملتفا حولها، وتمثل أمانيها أمانيه وما زالت مُلهمة له في طموحاته وأمانيه القومية في أجّل صورها، وهذا يُفسر أيضا تلك العلاقة وتشابه المواقف سواء الشعبية أو العسكرية بين ثورتي 52 و2013، حيث أدرك أن مكتسبات الوطن في 2013 أصبحت في خطر، وإنه تحمل ما تحمل خلال عام منذ 2012 إلى يونيو 2013 في حالة من الترقب هل تمضي الأمور إيجابا أم سلبا، وحين أدرك الخطر خرج الشعب عن بكرة أبيه في 20 يونيو يسترد ثورته التي قام من أجلها وأهدافها النبيلة في 25 يناير 2011.

 

وأوضح، انه في كلتا الحالتين كان الجيش والشعب معًا، ففي الأولى ثورة 52 كان الضباط الأحرار في المقدمة والتف الشعب حولهم في إطار وجداني معبر عن الاحتضان الوطني، وفي 2013 كان الشعب في المواجهة بوعي سياسي ليستعيد ثورته التي أدرك أنه سيتم اختطافها، وانضم الجيش حاميا للشعب والثورة، وفي كلتا الحالتين كان الدافع هو استرداد آمال وأهداف وطموحات الوطن، أو إن شئنا قلنا استرداد الوطن.

تم نسخ الرابط