

محمد جمال الدين
عشرون عامًا من الكلمة والمسئولية
منذ عشرين عامًا وتحديدًا من فوق مقاعد مقهى فى شارع القصر العينى، انطلقت فكرة إعادة إصدار جريدة “روزاليوسف” اليومية، الفكرة طرحها الزميل الراحل عبد الله كمال على عدد من الزملاء كنت واحدًا منهم، عندما قال إنه يعد مفاجأة صحفية لن يعلن عنها حاليًا، تبارى الجميع وبدافع الفضول المهنى فى معرفة هذه المفاجأة، ولكن لم يستطع أحد أن يعرف أو يصل الى حقيقتها، بعدها بفترة ليست بالطويلة أعلن عبد الله أنه بصدد إصدار جريدة يومية تحمل اسم “روزاليوسف”، وجار التحضير والتجهيز لاختيار من يعملون فيها، وطلب من نفس مجموعة المقهى التي شهدت النبتة الأولى للفكرة، آراء وأفكارًا عن المحتوى الذي ستتضمنه الجريدة الوليدة، وهو من جانبه عمل بأقصى جهد على ضرورة أن تستكمل هذه المطبوعة ما سبق وأن صارت عليه المجلة التي تحمل اسم المؤسسة والتي كان يشغل منصب رئيس تحريرها أيضًا، ومن عددها الأول أخذت المطبوعة على عاتقها أن تكون الكلمة المصدرة على أكبر قدر من المسؤولية حتى تنال احترام عقل القارئ، كلمة تتماشى مع الواقع ولا تنقل سوى الحقيقة، كلمة تحلل الحدث دون أن تتخلى عن مبادئ ومهنية جميع إصدارات المؤسسة النقدية، كلمة تقف مع المواطن لا عليه، حتى ولو وصل الأمر إلى نقد أداء الحكومة.
هكذا كان الفكر والذي من خلاله تحقق الهدف من ضرورة أن تبقى مؤسستنا العريقة منبرًا صحفيًا لا يتنازل عن جوهر الحقيقة والمهنية، والذي بفضله تتضمن مناهج كليات ومعاهد الإعلام دراسة وتحليل لأداء هذه المدرسة الصحفية الفريدة.
وشاء حظى أن أتولى مع زميلى أسامة سلامة الإشراف على صفحات الرأى فى الجريدة، وتركت لنا هيئة تحريرها حرية اختيار من يكتبون فى هذه الصفحات، وهذا ما حرصنا عليه منذ العدد الأول، حيث وقع اختيارنا على مجموعة من أبرز كتاب الرأى فى مصر المعروف عنهم الجرأة والطرح السياسى المباشر والتحليل المتعمق، كتاب متنوعون من أقصى اليمين الى أقصى اليسار.
جميعهم أثرى صفحات الرأى، ولذا نافست صفحات الرأى فى المطبوعة الوليدة، صفحات الرأى فى مطبوعات أخرى لها من العمر والوقت الكثير، أذكر من هؤلاء الكتاب الراحل صلاح عيسى الذي كان واحدًا من أبرز كتاب الرأى والتاريخ السياسى فى مصر، (الذي كنت أعانى منه شخصيًا لاعتياده إرسال مقاله فى وقت متأخر)، والدكتور رفعت السعيد، والكاتب اليسارى الراحل سعد هجرس، ونبيل زكى المتحدث الرسمي لحزب التجمع، والدكتور عمار على حسن، والفقيه الدستورى الدكتور يحيى الجمل الذي تولى منصب نائب رئيس مجلس الوزراء لشؤون الحوار المجتمعى فى أعقاب ثورة 25 يناير، والكاتب مأمون البسيونى ومصطفى الخولى والمحامى ثروت الخرباوى والسلفى محمود عامر والمحامى المنتمى للجماعات الإسلامية ممدوح إسماعيل الذي قام برفع الأذان فى البرلمان أثناء حكم الإخوان، وكمال زاخر وسمير مرقص وجمال أسعد ودكتورة لميس جابر والدكتور سامح فوزى والدكتورة عزة هيكل والسيناريست عاطف بشاى وغيرهم كثر, ومن هنا تحولت صفحات الرأى إلى منابر للوعى وسبب لتحقيقات ميدانية بفضل هؤلاء الكتاب, وقد كان من حسن حظى أن أشارك مع زميلى وصديقى أسامة سلامة ولو بقدر قليل من الجهد فى تقدم وازدهار تلك المطبوعة, خاصة أنه عند بداية تولينا هذه المسؤولية ترك لنا الراحل عبد الله كمال كامل الحرية فى اختيار الكتاب ومراجعة ما يسطرونه فى مقالاتهم, ودليلى على هذا واقعة كان طرفها الرئيسى أحد أعضاء مجلس تحرير الجريدة، الذي ذهب لرئيس التحرير ليشكونا بأننا أجزنا مقالة لأحد الكتاب كان من الواجب عدم نشرها، وهنا قال له رئيس التحرير طالما محمد وأسامة أجازا تلك المقالة فأنا موافق على نشرها لثقتى التامة فى قرارهما.
بهذه الروح والثقة والحرية فى العمل ثبتت جريدة “روزاليوسف” مكانتها فى عالم الصحافة، لم تساوم قط ولم تهادن، بل أسست لنفسها مسارًا لا يقل شجاعة أو حضورا على الخط الذي تسير عليه كافة مطبوعاتها منذ تأسيسها الأول على يد السيدة فاطمة اليوسف، محررة فى طريقها صفحات الرأى من التبعية، بعد أن فتحت المجال لكافة الآراء تحت مظلة المهنية ثم القانون.
من أجل هذا وغيره كثير لا بد من توجيه التحية للراحل عبد الله كمال الذي كان له الشرف فى إعادة إصدار الجريدة مرة أخرى، وكذلك تحية لكل من كتب أو حرر أو من صمم ونفذ أو طبع، ولمن وضع هذه الجريدة فى يد القارئ، حتى يستمر هذا الإصدار المتميز، رغم الظروف الصعبة التي تمر بها الصحافة المصرية الآن.
وأخيرًا لابد أن يعلم كافة الزملاء الذين يعملون فى هذه المطبوعة المحببة إلى نفسى، أن الاحتفال بمرور عشرين عامًا لا يعنى نهاية الطريق، بل هو استعداد لجولة تطور وتغير جديدة فى مسيرة هذه المطبوعة.
رئيس مجلس إدارة روزاليوسف الأسبق