

رشاد كامل
العقاد للنحاس باشا: أنا كاتب الشرق!
فشلت كل المحاولات لرأب الصدع الكبير بين السيدة روزاليوسف وحزب الوفد، حاول أكثر من شخصية مهمة وذات وزن سياسى أن يقربوا المسافات بين روزاليوسف والوفد، وكلهم فشلوا!
فى مقدمة هذه الأسماء إبراهيم باشا عبدالهادى المحامى والسياسى البارز ورئيس الوزراء فيما بعد وأحد أصدقاء السيدة روزاليوسف، بل هو المحامى الذي قام بكتابة العقد بين روزاليوسف ود.محمود عزمى لتوليه رئاسة تحرير الجريدة، وكتب إبراهيم باشا عبدالهادى فى مذكراته -إعداد الأستاذ محمد على أبوطالب- يقول: نشبت معركة عنيفة وهاج الوفد على جريدة روزاليوسف وعلى الأستاذ العقاد وقبل أن يشتد الخصام بين النحاس ومكرم عبيد وبين الأستاذ العقاد ليعدل عن هجومه على وزارة توفيق نسيم ورئيسها رأيت من جانبى أن أصفى الجو بين النحاس باشا والأستاذ العقاد لعلاقتى الطيبة بالنحاس باشا وحبى الشديد له، ولصداقتى الوطيدة بالأستاذ العقاد وتقديرى الكبير لقلمه وفكره وثقافته غير المحدودة وأنه الكاتب الجبار كما وصفه «سعد باشا» وأن خروجه من الوفد يعد خسارة كبيرة ليس من السهل تعويضها كل ذلك دفعنى دفعا أن أسوى الخلاف الذي نشأ بين النحاس وبينه قبل أن ينقلب إلى خصومه أصبح الاتفاق بعدها عسيراً، والعقاد رجل معتد بنفسه والنحاس عنيد بطبعه، فاتفقنا واجتمعنا بفندق سان استيفانو فى أحد الأركان بعيدا عن رواد الفندق وتمت المصالحة واستأذن العقاد للسفر إلى القاهرة ولم يكد يخطو خطوة واحدة حتى ناداه النحاس باشا قائلا: اسمع يا أستاذ عباس لا تنسى أنى زعيم الأمة!
فرد عليه العقاد والغضب يملأ وجهه:
ولا تنسى أننى كاتب الشرق!!
وانتهى هذا التحدى باجتماع الوفد بعد ذلك فى بيت الأمة وأصدر قراره بفصل روزاليوسف والعقاد من الوفد..
وتصف السيدة روزاليوسف بداية علاقتها بإبراهيم باشا عبدالهادى عندما حضرت حفلًا لتكريمه بعد خروجه من السجن على مسرح رمسيس وجلست تستمع إليه وتقول: كان لصوته رنة تشد أذنيك وتجذبك دائما إليه وكان قوامه الفارع وشعره الأبيض الذي يضفى على شبابه هيبة ووقاراً، وإشارات يديه القوية المعبرة.. كان كل ذلك يجعل منه خطيبا شعبيا يشترى بكلماته قلوب الجماهير أو يبيعها!
والتفت إلى جارى وقلت له: هذا الشاب له مستقبل!
وأصبح إبراهيم عبدالهادى بعد ذلك من أصدقائى وأصدقاء روزاليوسف، وقد تولى كمحام كتابة العقد بينى وبين الدكتور محمود عزمى والأستاذ عباس العقاد عندما أصدرت «روزاليوسف اليومية» وبلغ من ثقتنا به أن جعلنا له التحكيم فى حالة الخلاف على أن يكون لحكمه قوة حكم القضاء.
وعندما انتهى عقد الأستاذ محمود عزمى -أو على الأصح فسخ- عرضت على الأستاذ إبراهيم عبدالهادى أن يتولى رئاسة تحرير روزاليوسف فقد كان يتردد دائما على دارها فاهما لحركة العمل فيها، وكان مختلفا مثلى مع النحاس، ولكن كان الفرق بينى وبينه هو الفرق الذي ظل بيننا حتى الآن -أكتوبر 1949 وقت كتابة المقال- وهو أننى لا أستطيع أن أختلف مع إنسان وأخفى رأيى عنه، أما هو فقد كان يستطيع ذلك وكان يعتقد أن الوقت لم يحن بعد ليقول رأيه فى النحاس ولذلك رفض عرضى، ترى لو أنه قبل أن يكون رئيسا لتحرير روزاليوسف هل كان وجه التاريخ قد تغير؟!
وللذكريات بقية!
نقلًا عن صحيفة روزاليوسف