عاجل
الإثنين 15 سبتمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
البنك الاهلي
سلوم حداد.. ظالمًا ومظلومًا

سلوم حداد.. ظالمًا ومظلومًا

ترقبت اعتذار الفنان سلوم حداد عن سوء الفهم المصاحب لتصريحاته عن مستوى أداء الفنانين المصريين للأعمال التاريخية المكتوبة بالفصحى، لكني لم  أتوقع أن يأتي الاعتذار بهذه السرعة وتلك الكلمات المهذبة التي تعرف قيمة مصر ونجومها.



 

توقعت أن يعتذر لأن الاعتذار من شيم الكبار، وسلوم حداد اسم كبير ومرموق في تاريخ الدراما العربية عموما والسورية خصوصًا، اسم لا يؤثر على مكانته "رذاذ" الغاضبين الذي يحوّل أي خلاف في وجهات النظر إلى مناظرة شوفينية نحاول فيها إثبات ما هو ثابت بالضرورة، أن تاريخ مصر ونجومها أكبر من التشكيك به ولا يستدعي الجدل حول بعض القضايا كلمات غاضبة وساخرة ضد فنان عبّر عن وجهة نظر عليها مثالب كثيرة، وإن كانت في بعض جوانبها تستحق التفكير والتأمل.

 

ظلم سلوم حداد الفنانين المصريين عندما قال إن "قلة" منهم يجيدون الأداء بالفصحى ذاكرًا اسمين فقط توفاهما الله، واستدرك ذلك في اعتذاره الصوتي عبر "القاهرة 24" عندما زاد من الأسماء وقال إن المصريين أساتذتنا وأنه لم يقصد أي إساءة، لا يتابع حداد على ما يبدو ما يجري الآن على المسرح القومي، حيث عروض "الملك لير"، للنجم يحيى الفخراني والتي تقدم بالفصحى، وإذا ذهب إلى عروض طلاب معهد الفنون المسرحية وغيرهم سيجد المزيد من الفصحى التي تقدمها أجيال عدة يتم الاستعانة بمعظمهم في ستوديوهات الدوبلاج التي تحتاج لمتمكنين في اللغة العربية لدينا منهم الكثير و"مصر ولادة" دائما كما يعرف الأستاذ الكبير.

ظلم سلوم حداد نفسه عندما استدعى مثالًا ردده بسخرية عن عدم تعطيش بعض الممثلين للجيم في الأعمال التاريخية، صراحة لا أعرف من فعلها وحتى لو كان حداد شاهد ذلك في عمل مصري فلا يصح أن يحوّل الاستثناء إلى قاعدة.

 

ظلم حداد أيضًا مسلسل "الحشاشين"، عندما اعتبر أن تقديمه بالعامية ليس الخيار الفني الأنسب، وهو بذلك يصادر على وجهة نظر صناعه ويتجاهل الانتشار الذي حققه العمل، ولم يكن يصح أن يربط سلوم حداد بين هذا الخيار وضعف الفصحى عند أبطال المسلسل، لأننا في السنوات الأخيرة شاهدنا أكثر من عمل بالفصحى من بينهم "ممالك النار" و"رسالة الإمام" وكلاهما لخالد النبوي بالتالي نحن نقدم أعمالًا تاريخية كما يقول الكتاب المؤمن به حداد فلماذا اعتبر "الحشاشين" قاعدة وليس استثناء.

 

لكن، ظلمنا نحن سلوم حداد عندما لم نسمع المقطع كاملًا، الندوة أقيمت منذ أكثر من شهر في بيت الفلسفة بالفجيرة، مدتها 75 دقيقة، والمقطع المنتشر مدته 35 ثانية وهو جزء من مقطع أكبر مدته خمس دقائق، استدرك خلاله الشاعر والصحفي محمد المتيم ضيفه وحدثه عن إشادته السابقة بكواليس المسلسلات في مصر، ليكرر سلوم حداد رأيه ويشيد بالتقاليد الفنية المصرية التي سبقت الدراما الشامية بعقود، فالرجل إذن لا يهاجم المصريين في المطلق بل يعلق فقط على طريقة نطق الفصحى بين المصريين وغيرهم، وهو ما رد عليه الكثيرون بأنه من المستحيل أن تتطابق الطريقة وأنه لا يجوز اتخاذ فصحى الشاميين باعتبارها مرجعًا وحيدًا للنطق.

 

أخيرًا، نظلم نحن أنفسنا عندما نتغاضى عن تراجعنا المستمر في إنتاج الأعمال التاريخية والدينية، ولولا وقوف الدولة وراء مسلسلات مثل "رسالة الإمام" و"الحشاشين" ما خرجت هذه الأعمال للنور أبدًا، ولظلت الدراما التاريخية مجرد ذكرى عند جيل الأجداد من المشاهدين.

 

نظلم أنفسنا عندما لا نعترف أنه نعم بين نجوم هذه الأيام من لا يجيد الفصحى خصوصًا من غير خريجي أكاديمية الفنون، بالتالي - وبما أن حداد اعتذر- علينا أن نتذكر أننا لن نحافظ على المنافسة في هذا المجال إلا بمزيد من تلك الأعمال وبإحساس الممثلين أن التدرب على الأداء بالفصحى أمر واجب ومطلوب في السوق وإلا سيتكرر رأي حداد على لسان فنان آخر بعد عقد أو عقدين وربما وقتها لن نجد فعلا من نضرب بهم المثل لنقول إن المصريين قادرون على الأداء بالفصحى وعلى نطق "الجيم" چيم.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز