عاجل
الثلاثاء 18 نوفمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
اعلان we
البنك الاهلي
مصر تحول ثروتها المعدنية إلى محرك اقتصادي عالمي

مصر تحول ثروتها المعدنية إلى محرك اقتصادي عالمي

تمضي مصر بخطى ثابتة نحو تحويل هيئة الثروة المعدنية إلى هيئة اقتصادية مستقلة تمنحها القدرة على إدارة مشروعات التعدين بشكل مباشر وتحويل المعادن إلى محرك رئيسي للنمو الاقتصادي وخلق فرص استثمارية واسعة في الصناعات التحويلية مثل السيارات البناء الإلكترونيات والكيماويات.



تمتلك مصر ثروة معدنية متنوعة تشمل الذهب والفضة من مناجم جبل السكري والصحراء الشرقية، حيث بلغ إنتاج الذهب والفضة في العام المالي 2025/2024 حوالي 640 ألف أوقية بإجمالي مبيعات بلغت نحو مليار و500 مليون دولار ويشكل الذهب والفضة المصدر الأكبر للإيرادات، كما تنتج مصر الفوسفات للاستخدام في صناعة الأسمدة، بالإضافة إلى خامات الحديد والمنجنيز والنحاس والكروم والرصاص التي تستخدم في دعم الصناعات الثقيلة، كما تتنوع الخامات المعدنية إلى خامات محجرية تستخدم في صناعة مواد البناء مثل الحجر الجيري والرخام والسيليكا والكاولين إلى جانب الأحجار الكريم، كما تتوافر بعض الخامات المشعة مثل اليورانيوم وتستخدم  لأغراض صناعية وخاصة فى مشروعات  الطاقة النووية.

 

تشير بيانات وزارة البترول وهيئة الثروة المعدنية إلى أن عائدات تنمية الثروة المعدنية بلغت 446 مليون دولار بزيادة 131 في المئة عن العام السابق وإنتاج الخامات الأخرى بلغ 26 مليون طن مع تصدير  مليون و400 ألف طن بقيمة 52 مليونا و500 ألف دولار، حيث ارتفعت إجمالي إيرادات الثروة المعدنية إلى 6 مليارات و750 مليون جنيه مقارنة مع 2 مليار و760 مليون جنيه في العام السابق.. تعكس هذه الأرقام قدرة قطاع التعدين على دعم النمو المحلي وتوفير موارد مالية ضخمة للمشروعات التنموية.

 

 

وتتمثل الفرصة الأكبر أمام مصر حاليا في قطاع الذهب والاستخراجات الجديدة، حيث تشير الدراسات الجيولوجية إلى وجود مناطق واعدة في الصحراء الشرقية وشمال سيناء وصحراء الوادي الجديد تحتوي على احتياطيات ذهبية لم تستغل بعد وتوافر إمكانيات ضخمة لجذب استثمارات عالمية مباشرة وشراكات ناجحة مع شركات دولية متخصصة في التعدين والتقنيات الحديثة، مما يعزز قدرة الاقتصاد على زيادة الإنتاج وتحويل المعادن إلى صناعات تحويلية محلية ذات قيمة مضافة عالية، مما يخلق فرص عمل كبيرة ويعزز الإيرادات الاقتصادية بشكل كبير.

 

تشير التجارب الدولية إلى أن الدول الناشئة الناجحة في استخراج الذهب، تمكنت من تحويل ثروتها المعدنية إلى رافعة اقتصادية قوية، فمثلا دولة غانا في غرب أفريقيا تعتمد على الذهب كمصدر رئيسي للعملة الصعبة ويشكل حوالي 20 في المئة من الناتج المحلي ويجذب استثمارات ضخمة من الشركات الكبرى، بسبب توافر البيئة الجاذبة للاستثمار في هذا القطاع، ووجود بنية تحتية للتعدين تمكن الشركات من الإنتاج بكفاءة عالية أما دولة مالي فتستفيد من الذهب في تمويل مشروعات البنية التحتية والصناعات التحويلية وتستقطب كبار شركات التعدين العالمية لتطوير المناجم باستخدام تقنيات حديثة ما يزيد من الإنتاجية ويضاعف العائد الاقتصادي ويضعها ضمن أسرع الاقتصادات نموا في غرب أفريقيا.. تجربة هذه الدول من المهم أن نطلع عليها ونحن مقبلون على مشروع لتحويل هيئة الثروة المعدنية إلى هيئة اقتصادية مؤثرة فى معادلة الاقتصاد المصري.

 

الدراسات الاقتصادية في هذا المجال تشير إلى أن مصر تستطيع تحقيق الاستفادة المثلى من ثروتها المعدنية إذا ما نجحت في تحويل هيئة الثروة المعدنية إلى كيان اقتصادي مستقل يتيح لها إدارة المشاريع الكبرى ويمتحها القدرة على عمل شراكات استراتيجية مع المستثمرين المحليين والدوليين.. مما يساهم في تنويع الإنتاج وزيادة إنتاج الثروة المعدنية إلى جانب الخامات غير المعدنية أيضًا المتمثلة في الخامات مما يدفع بقوة نحو تطوير الصناعات التحويلية المحلية وتحويل المعادن الخام إلى منتجات صناعية نهائية.. كما أن تطوير هيئة الثروة المعدنية ومفهومها إلى رؤية اقتصادية أشد عمقا وقيمة مضافة للاقتصاد لا بد أن يعتمد على تعزيز البحث العلمي واستخدام أساليب التكنولوجيا الحديثة لتحسين كفاءة الإنتاج وتقليل التكاليف إلى جانب تطوير البنية التحتية وتدريب الكوادر البشرية وتحسين معايير وقواعد الحوكمة لجذب المزيد من  الشركات العالمية المتخصصة للاستثمار في المشاريع الكبرى.. كل هذه العوامل تعمل على زيادة مساهمة قطاع التعدين في الناتج المحلي من نحو 1.5 في المئة حاليا إلى 6 في المئة كمستهدف خلال السنوات المقبلة.

 

يمثل هذا التحول فى التخطيط الاقتصادى لاستغلال الموارد الاقتصادية قفزة استراتيجية لمصر نحو استثمار كامل مواردها الطبيعية وتحويلها إلى رافعة اقتصادية قوية توفر فرص عمل وتدعم النمو المحلي، وتعزز مكانتها على الساحة العالمية في قطاع المعادن والخامات، كما تفتح أمامها آفاقا جديدة خاصة فى شراكات ناجحة في الذهب والفضة والاستخراجات الجديدة، بما  يضع مصر على طريق تحويل ثروتها المعدنية إلى نموذج عالمي للاستثمار.

 

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز