عاجل
الخميس 20 نوفمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
اعلان we
البنك الاهلي
بودكاست يمكث في الأرض

بودكاست يمكث في الأرض

رغم كل الانتقادات الموجهة لتسونامي البودكاست الذي اجتاح سوق صناعة المحتوى الرقمي في الأعوام الثلاثة الأخيرة، يظل المحير أن كثيرين يبدأون مما انطلق منه الآخرون، لهذا يتابع الناس المقاطع المجتزأة عبر منصات التواصل وتحقق مشاهدات مرتفعة فيما الحلقات الكاملة لا تجد من يحنو عليها، ظاهرة تؤكد حالة "التشظي"، التي أصابت صناعة المحتوى بسبب عدم الوقوف على الطرق الأصح لتقديم ما ينفع الناس ويمكث في الأرض، فيما الغالبية باتت تقدم "فقاقيع" تنجح وتنشر لساعات ثم تطويها الأيام ولا يبقى منها حتى القليل.



 

جمعتني جلسة دردشة أو لنقل بودكاست غير مسجل، مع الصديق أحمد أبو اليزيد صاحب بودكاست "أبو اليزيد بيقول"، وتجاذبنا أطراف التحليل عن سمات يجب أن تتوافر في بودكاست يعيش لسنوات طويلة، ونتحدث هنا عن المحتوى نفسه وطريقة تقديمه وليس المسمى، حيث يترك البعض لٌب الموضوع ويتحدث عن أن ما نراه ليس بودكاست وإنما فودكاست، وغير ذلك من الأمور، القصة كما يقول أبو اليزيد ليست في التعريفات، ليست في كونه مصورًا أو مسموعًا، ولكن فيما يقوله الضيف ويضيفه المذيع.

أولًا: البودكاست ينطلق من إعطاء الميكروفون للضيف للحديث، بالتالي مقدمه يجب أن يكون معتادًا على السؤال المختصر وأن تكون تداخلاته أقل بكثير من المذيع التقليدي ولنا في أنس بوخش خير مثال.

ثانيًا: ليس المهم من الضيف لكن ماذا سيقول، يمكن أن تستضيف نجومًا يحققون مشاهدات مرتفعة خصوصًا لو حكوا مواقف مضحكة وذكريات مبهجة لكن إلى أي مدى سيفيد ذلك الجمهور على المدى البعيد؟ بمعنى آخر يحرص الناس الآن على مشاهدة حوارات قديمة للنجوم ويستخرجون منها مواقف وتناقضات بين الأزمان والمجتمعات، فهل حكايات النجوم من ضيوف البودكاست هذه الأيام ستصمد لعقود؟

ثالثًا: هناك تفكير تجاري جعل البعض ينتج بودكاست منبثقًا من بودكاست آخر، جملة قالها ضيف تحوّلت لترند فتحول الضيف إلى مذيع في بودكاست عنوانه نفس الجملة، جميل، لكن هذا في النهاية برنامج ترفيهي بين مقدم البودكاست وزملائه، لكنه ليس محتوى بالمعنى القابل للصمود.

رابعًا: بسبب اهتمام شركات كبرى برعاية البودكاست، بات من يستطيع إقناع الرعاة هو من يقدم الحوار، بالتالي جلس على مقعد المذيع كثير من غير المتخصصين ونتج عن ذلك حوار ضعيف ومحتوى غير قابل لإعادة التداول.

خامسًا: المدة ليست معيارًا أبدًا، البعض يطيل بلا داع أو يختصر بلا منطق، فيما هناك بودكاست عربي حقق أرقامًا قياسية، رغم امتداده لأكثر من ثلاث ساعات لأن الناس شعرت بمصداقية الضيف واحترافية المضيف.

أخيرًا: هي نقطة يمكن أن تجمع كل ما سبق، البودكاست فكرته الأساسية حوار تلقائي طبيعي بين طرفين، بالتالي إذا جاء الضيف من أجل الأجر، وشعر المذيع أنه ليس في المكان المناسب، كلاهما سيعكس توترًا على الشاشة يجعل المحتوى يمر مرور الكرام، قد يحقق أرقامًا مرتفعة في "خانة المشاهدات"، لكن المتفرج لن ينقله أبدًا إلى "خانة الذكريات".

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز