
وزيرة التخطيط: السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية تشمل رؤية 2030 وبرنامج الحكومة والاستراتيجيات القطاعية الأخرى

أ.ش.أ
قالت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي إن "السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية"، لا تأتي بديلا عن رؤية 2030 ، لكنها تشملها، كما تشمل برنامج الحكومة والاستراتيجيات القطاعية الأخرى، موضحة أن تلك السردية جاءت كنتاج عمل تشاركي لتعكس أولويات المرحلة المقبلة، وتضع إطارًا متماسكًا يربط بين الخطط الوطنية والبرامج التنفيذية والتمويلات المتاحة، بما يضمن ترجمة الطموحات إلى واقع ملموس.
جاء ذلك خلال اجابتها على أسئلة واستفسارات رؤساء تحرير الصحف والمواقع الإلكترونية، خلال اللقاء الذي نظمته الوزارة حول «السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية».
وفيما يتعلق بمتابعة التنفيذ، أوضحت المشاط أنه، وفقًا لقانوني التخطيط والمالية العامة، فإنه بدء من العام المالي الجاري سيتم تطبيق موازنة البرامج والأداء التي تستهدف تحقيق النتائج وقياس الأداء في إطار البرامج والمشروعات الحكومية، اعتمادًا على توجيه الموارد المالية نحو تحقيق أهداف محددة وقابلة للقياس مثل تحسين التعليم أو تعزيز الرعاية الصحية أو تطوير البنية التحتية، وتمثل خطوة مهمة نحو تحسين إدارة المال العام.
وأشارت الدكتورة رانيا المشاط إلى أن خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للعام المالي 2025/2026 تمثل محطة فارقة، موضحة أنها تشهد استكمال العمل بمنهجية التخطيط متوسط المدى، من خلال إعداد خطة وموازنة عامة لثلاث سنوات متتالية بدءًا من 2026/2027، في إطار تشريعي وتنظيمي يربط بين مؤشرات الأداء والمخصصات المالية، بما يضمن فعالية الإنفاق العام وتعزيز كفاءته.
وفيما يتعلق بتحقيق التوازن بين الاستقرار الاقتصادي والمكتسبات التي تعود على المواطن، قالت الوزيرة إن السردية الوطنية تنطلق من مبدأ أساسي وهو أن التنمية الاقتصادية لا يمكن أن تتحقق بدون الاستقرار الاقتصادي الكلي، معتبرة أن السيطرة على التضخم وخفض عجز الموازنة واستدامة الدين العام، هي مدخل رئيسي لتحريك الاقتصاد الحقيقي.
وأضافت أنه لا يمكن أن نتحدث عن خلق فرص عمل أو جذب استثمارات جديدة إذا لم يكن هناك استقرار في الاقتصاد الكلي، فالسيطرة على التضخم والتوجه نحو التيسير النقدي والالتزام بالانضباط المالي هو الذي يسمح بتوليد الفوائض نحو الإنفاق على الصحة والتعليم والتنمية البشرية، وتمنح المستثمرين ثقة في استقرار السوق المصرية.
وفيما يخص القطاع الصحي، أكدت الوزيرة أن الحكومة لم تغفل هذا الملف الحيوي، حيث شهدت الاستثمارات الموجهة للقطاع في خطة العام المالي الجديد زيادات كبيرة، لافتة إلى أن الحكومة حرصت على تلبية احتياجات القطاع في خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للعام المالي الجاري جميعها، من أجل الاستمرار في تطوير مشروعات البنية الأساسية الصحية أو في استكمال منظومة التأمين الصحي الشامل في المحافظات، فضلًا عن زيادة الاستثمارات الخضراء بالقطاع، وأوضحت أن جميع طلبات وزارة الصحة تمت تلبيتها بالكامل في الموازنة الجديدة، إدراكًا لأهمية هذا القطاع كأولوية وطنية مرتبطة بجودة حياة المواطن.
وحول جدية الحكومة في تمكين القطاع الخاص، ذكرت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادة والتعاون الدولي، أن تمكين القطاع الخاص يمثل ركيزة محورية في السردية الوطنية، مضيفة أن الدولة تعمل على تقليل المزاحمة بين القطاعين العام والخاص من خلال وثيقة سياسة ملكية الدولة، التي تحدد بوضوح القطاعات التي ستتخارج منها الحكومة، وتفتح المجال أمام القطاع الخاص للتوسع والاستثمار.
ونوهت بأن برامج الشراكة بين القطاعين العام والخاص والمجتمع المدني تمثل أداة رئيسية في دفع التحول الأخضر وتنفيذ المشروعات الكبرى، مشد على أن الدولة لا تعمل بمعزل عن القطاع الخاص، بل تعتبره شريكًا أساسيًا في عملية التنمية، وأشارت إلى أن الحكومة تسعى لتحقيق وحدة الموازنة العامة للدولة بضم الهيئات الاقتصادية وإعادة هيكلتها وتعظيم الاستفادة من تلك الموارد. وتطرقت المشاط، إلى العلاقة مع صندوق النقد الدولي، مؤكدة أن برامج الصندوق هي برامج وطنية في الأساس، مشيرة إلى أن التعاون مع الصندوق يعزز الثقة في الاقتصاد المصري ويخفض من تكلفة التمويل الخارجي، إلا أن السردية الوطنية ليست مرتبطة بوجود الصندوق أو غيابه، بل هي وثيقة وطنية نابعة من أولويات الدولة المصرية واحتياجاتها الفعلية.
وفيما يتعلق بمحور التنمية الإقليمية، أوضحت الوزيرة أن التنمية الاقتصادية لا يمكن أن تتحقق بمعزل عن التوطين في المحافظات، لافتة إلى أن معادلة توزيع الاستثمارات الجديدة باتت مرتبطة بمؤشرات التنافسية للمحافظات، بما يضمن عدالة التوزيع وتوجيه الاستثمارات وفقًا للميزات النسبية لكل منطقة ، وأشارت إلى وجود خريطة متكاملة للتجمعات الصناعية والأنشطة الاقتصادية التي يمكن أن تقود النمو في مختلف المحافظات.
وأبرزت المشاط الدور الحيوي للحوار المجتمعي في صياغة السردية الوطنية، مؤكدة أن الوثيقة تظل مرنة وقابلة للتحديث بإضافة استراتيجيات وملاحظات جديدة من جانب الخبراء والمجتمع المدني والقطاع الخاص. ولفتت إلى أن الوزارة تعقد سلسلة من الجلسات النقاشية مع الوزراء وأطراف المنظومة الاقتصادية لاستكمال الحوارات وضمان التوافق حول الأولويات.
وفيما يخص التمويل الدولي، أوضحت الوزيرة أن مصر أصبحت منصة رئيسية لحشد التمويلات الميسرة، حيث تم منذ عام 2020 حتى الآن إتاحة تمويلات بقيمة 16 مليار دولار من شركاء التنمية متعددي وثنائيي الأطراف، موجهة نحو مشروعات البنية التحتية والطاقة والمياه والتحول الأخضر. وأشارت الى أن الضمانات التي وفرها الاتحاد الأوروبي بقيمة 1.8 مليار يورو ساهمت في حشد استثمارات تصل إلى 5 مليارات يورو.
وأضافت أن مؤسسات ثنائية ودولية بدأت للمرة الأولى في تمويل القطاع الخاص المصري بشكل مباشر، بما يعزز دوره في الاقتصاد الوطني.
وعن القطاعات الإنتاجية، أوضحت الوزيرة، أن الصناعات التحويلية تحقق أعلى مضاعف للتشغيل مقارنة بالقطاعات الأخرى، يليها قطاع الخدمات، وهو ما يعكس أهمية التركيز على دعم الصناعة والتوسع فيها.
وأشارت إلى أن استقرار الاقتصاد الكلي أتاح توفير مدخلات الإنتاج الصناعي وعزز من فرص نمو المشروعات الصغيرة والمتوسطة، في الوقت الذي يشهد فيه قطاع الزراعة والاتصالات والسياحة دعمًا متزايدًا لكونها من بين القطاعات الأكثر قدرة على المساهمة في النمو وخلق الوظائف.
ولفتت إلى الجهود المستمرة لتعزيز الشفافية والحوكمة، حيث تصدر الوزارة تقارير ربع سنوية باللغتين العربية والإنجليزية لعرض تطورات الاقتصاد المصري، بما يشجع الاستثمار المحلي والأجنبي.
وأكدت أنه تم إدماج 59 هيئة اقتصادية في الموازنة العامة لأول مرة، ضمن جهود حوكمة الاستثمارات العامة وزيادة كفاءتها، مشيرة إلى أن التعداد الاقتصادي والتعداد السكاني يمثلان مدخلين أساسيين لصياغة السياسات العامة على أسس علمية وبيانات دقيقة.