عاجل
الأربعاء 15 أكتوبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
مختارات من الاصدارات
البنك الاهلي
مصر..  رمانة الميزان ..  صانعة السلام

سقوط مخطط التهجير.. وضربة فى قلب مناضلى الكى بورد

مصر.. رمانة الميزان .. صانعة السلام

هى مفارقة بلا شك. 



سبق  أن دعا الرئيس الأمريكى ترامب رئيس الدولة المصرية لواشنطن للكلام فى التهجير. 

رفض عبدالفتاح السيسي أول مرة، ثم رفض الدعوة  ثانى مرة، وسرعان ما دعا الرئيس السيسى، ترامب إلى شرم الشيخ لتوقيع اتفاق وقف الحرب. 

اتفاق شرم الشيخ أهم وأكبر اختراق كان يمكن أن يحقق الفترة الماضية. 

لم يكن إقرارًا للسلام بقوة الدبلوماسية الواعية ودمتم؛ إنما كان صفعة على وجه المشككين، وعلى وجه المضللين، وصفعة على وجه معتادى سرقة الأوطان، وتلبيس الأمور بعضها ببعض، وخلط الحق بالباطل، وقلب الحقائق، وتشويه المبادئ، وإدمان محاولات سرقة الشعوب. 

أجهض اتفاق شرم الشيخ مخطط التهجير، فى الوقت الذي استحكمت فيه الأمور، وباتت المنطقة على حافة طريق اللى يروح. 

ضمن الاتفاق بقاء الشعب على أرضه، وأكد الحق  فى الحياة، والحق فى بدء الإعمار، وضمن  أيضًا الحق فى بقاء  حلم دولة فلسطينية تعرضت لمحاولات اغتصاب علنى طوال سنتين مضتا، ظن فيهما بعضهم أن القضية سوف تموت، وأن الجغرافيا سوف تتغير. 

تسير مصر على الطريق الصحيح.

 لا تكف القاهرة عن الانتصارات. 

العشرة أيام الماضية، تضمنت كثيرًا من أخبار سارة. 

حصد خالد العنانى منصب مدير اليونسكو فى انتخابات المنظمة بأغلبية كاسحة. رفعت المؤسسات الدولية تصنيف مصر الائتمانى درجة، مع تأكيد الاستقرار المالى . وصلت مصر كأس العالم. 

دعك من كل الأحداث السعيدة.. رغم أنها أحداث سعيدة. 

يبقى اتفاق وقف إطلاق النار هو المهم والأهم وهو الذي يجب أن يوضع تحته ألوف الخطوط. 

تعمل الدبلوماسية المصرية فوق العادة. 

ممكن تسميتها دبلوماسية الصمود والتحدى. ممكن تسميتها دبلوماسية العقل والحكمة مع الإصرار. 

تتعدد الأوصاف، وتختلف المسميات، لكن الأساس أساس. 

فى الصحف الإسرائيلية استغرب بعضهم عدم دعوة رئيس الحكومة الإسرائيلية للاحتفال بتوقيع اتفاق شرم الشيخ. 

فى الكلام الدارج المصري يقولون إن «أخد الحق حرفة»، لذلك فإذا كان الحق مستحقًا، فإن ما فى القلوب فى القلوب. 

تحصلت مصر على اتفاق سلام، قلب المعادلات، وغيَّر الأمور على الطاولات، وأسقط الأقلام وجفف الصحف. 

مصر كبيرة.. والسلام. 

-1- 

سبق أن أكد عبدالفتاح السيسي أن الحرب ليست ضمانة للحقوق، ولا هى ضمانة للاستقرار. 

سبق أن أكد أكثر من مرة أن بداية الطريق للأمن فى إعادة الحقوق، وأن ضمان الاستقرار فى المستقبل فى ضمان حق الحياة وبقاء الشعوب على أرضها. 

صحيح تأخر بعضهم فى الاستيعاب؛ لكن لم يبق فى النهاية بُد من التسليم. 

دخلت إسرائيل الحرب بهدف القضاء على حماس واستعادة المحتجزين. استمرت الحرب، وزادت أعداد الضحايا، بينما لم يتحقق أى من الهدفين. 

لا استعادت إسرائيل المحتجزين، ولا استطاعت بكل القوة العسكرية القضاء على حماس. 

قبول  تل أبيب باتفاق وقف النار ضمن أسبابه إدراكها استحالة الحسم العسكرى فى غزة، خصوصًا مع تصاعد خسائر بشرية  ومعنوية غير مسبوقة داخل المجتمع الإسرائيلى.

كلام رئيس أركان جيش الاحتلال، الذي ربط فيه بين الإفراج عن المحتجزين بالضغط العسكرى، محاولة لتجميل صورة الإخفاق أمام الرأى العام.

إسرائيل فى أزمة بلا شك. 

خرجت من الحرب، بهزيمة دبلوماسية فوق المنكرة.. وبما هو أعظم من وكسة. 

الاعترافات الدولية الأخيرة بالدولة الفلسطينية وحدها كفيلة بوضع مزيد من طوابع العدائية على حائط المبكى. 

يكفى تغير الصورة فى مجتمع دولى، كان أقرب إلى إسرائيل فترات من الزمن، وكان الأكثر دعمًا، وكان الأكثر حديثًا عن حق تل أبيب فى صناعة أمنها بالسلاح. استطاعت القاهرة، أن تغير كل هذا، وأن تقلب الصورة، وأن تعيد ترتيب أركانها، وأن تزيل كثيرًا من الرتوش على مفرداتها. 

داخليًا، إسرائيل فى أزمة أيضًا. 

يقف اليمين المتطرف «متطأطئ الرأس» الآن فى مواجهة تيارات سياسية أخرى سبق وشككت فى جدوى الحرب وجدوى الاستمرار فيها. 

 

 

كثيرون فى إسرائيل يتكلمون عن أن قبول تل أبيب اتفاق شرم الشيخ، كان فى أحد أسبابه محاولة من الحكومة لحفظ ماء الوجه، بعد فشل عسكرى واضح، وبعد عزلة دبلوماسية لم يسبق أن شهدتها إسرائيل من قبل. 

-2- 

من شرم الشيخ عاد التاريخ ليسجل الوقائع مرة أخرى. 

لم يكن الاتفاق مجرد نجاح دبلوماسى أو إشارة إلى قدرة الدولة المصرية على الاستمرار فى طريق الحزم الراجح حتى الوصول إلى النتائج. 

إنما كان الاتفاق، صفعة من العيار الثقيل، على كل من حاول التشكيك فى جدية وفعالية الدور المصري فى القضية. 

تعرضت مصر لكثير من محاولات الكذب والتلفيق، وكثير من محاولات الصيد فى الماء العكر. 

تكومت المزايدات أطنانًا فوق أطنان، خوضًا فى الإرادة المصرية، وخوضًا فى الإدارة، وخوضًا فى القدرة، ودخلت حتى فى النوايا .. زورًا وبهتانًا. 

من جانب ابتكر البعض قوافل للصمود. 

ومن جانب آخر، جرى بعضهم على السفارات فى الخارج بشعارات باطنها العذاب.. مكتوب عليها: «افتحوا المعابر»! 

وقف بعضهم بمطالبات هوجائية وصلت فى بعض أوقات إلى التوافق ضمنيًا مع أفكار التهجير حماية للقضية! 

حتى المزايدات تضاربت على الأرض وعلى مواقع التواصل. 

زادت الأمور عن الحد وعن الوصف. 

بعضهم تكلم بموجات هجوم منقطعة النظير عن صفقة قرن توافقت عليها مصر تارة، ثم عاد هؤلاء أنفسهم باللوم للقاهرة على تصديها الصلب لدعوات التهجير. 

على كل، دعك من مواقف بائسة لبعض أصحاب الأغراض هنا، أو بعض أصحاب الأمراض هناك. 

عادة ما يلقى التاريخ، بأقاويل وأفاعيل ولاة الشيطان فى مقالب المهملات. 

يبقى التاريخ حاكمًا وحكمًا. 

اليوم، لم تقف الحرب فقط، إنما تجاوز الاتفاق مجرد وقف القتال ليجهض هدفًا أكبر على الجانب الآخر تعاركت الظروف عليه الفترة الماضية لتحقيقه. 

الهدف كان إتمام تهجير تتحين له إسرائيل الفرصة منذ عقود. 

لن تكف إسرائيل عن أحلام توراتية، بينما فى المقابل، لن تكف مصر عن مسؤوليات تاريخية أخلاقية، بقدرة وقوة. 

عزز الاتفاق دور مصر التاريخى كأيقونة لصناعة السلام والتوافق، وأعاد التأكيد على حضورها القوى فى المشهد العالمى والإقليمى. 

لا تقتصر الرؤية المصرية على الحلول قصيرة المدى، لكن تمتد فى العادة إلى الحل المستدام، بإقامة الدولتين ودعم دولة فلسطينية قابلة للحياة. 

مصر اللاعب الإقليمى الأهم، وهى القادرة على فرض رؤيتها فى معادلات السلام، رغم التعقيدات والتشابكات والطموحات الوهمية من البعض فى الإقليم وربما فى الغرب. 

من شرم الشيخ جددت القاهرة التأكيد على غضها الطرف الكامل عن الإملاءات، لأنها لا تصوغ مساراتها إلا وفقًا للمصالح القومية وثوابتها العربية العادلة. 

 

نقلاً عن مجلة صباح الخير

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز