عاجل
الأحد 5 أكتوبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
البنك الاهلي

جنازة عبد الناصر.. رسالة شعبية صامتة تنسف أكاذيب "الإخوان"

جنازة عبد الناصر
جنازة عبد الناصر

أعلن مساء يوم الاثنين ٢٨ سبتمبر ١٩٧٠، نبأ وفاة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، ليتحول الحزن الذي عمّ مصر والعالم العربي إلى مشهد تاريخي غير مسبوق في اليوم التالي، حين خرجت "ملايين المصريين" إلى شوارع القاهرة لتشييعه في جنازة هي الأكبر في تاريخ مصر الحديث. 



 

 
 

لكن تلك الجنازة لم تكن مجرد وداع رسمي لرئيس راحل، بل كانت في نظر كثيرين "استفتاءً شعبيًا صاخبًا" وردًا عمليًا على خصومه السياسيين، وفي مقدمتهم "جماعة الإخوان الإرهابية" التي عارضت نظامه بشدة، وخلافات ممتدة مع الإخوان منذ ثورة "23 يوليو 1952"، دخل عبد الناصر في مواجهة فكرية وسياسية مفتوحة مع جماعة الإخوان الإرهابية. 

فبعد تحالف قصير الأمد عقب الثورة، سرعان ما تصاعدت الخلافات بسبب"اختلاف الرؤى حول هوية الدولة" ومحاولة جماعة الإخوان الإرهابية السيطرة على البلاد تحت ستارة الدين. 

وبلغ الصراع ذروته عام 1954 مع حادثة "المنشية" الشهيرة، حيث حاولت الجماعة الإرهابية اغتيال جمال عبد الناصر، لتبدأ مرحلة من الصدام الحاد شملت محاكمات وإعدامات وحظر نشاط الجماعة.

 
 

 

جنازة بحجم الأمة

وفي صباح " 29 سبتمبر 1970"، تحوّلت القاهرة إلى "بحر بشري" غصّت به الشوارع والميادين كما أقيمت جنازات رمزية في جميع المدن بالمحافظات المصرية، حتى إن سيدة في قرية الخزندارية شرق طهطا بمحافظة سوهاج أقامت عزاءً لمدة أسبوع لأنها كانت قد التقت الزعيم الراحل جمال عبد الناصر شاكية أحد أصحاب النفوذ الذي استولى على أرضها وأعادها إليها "ناصر". 

قُدّر عدد المشيعين بنحو "خمسة ملايين مصري وعربي" في القاهرة وحدها، خرجوا من مختلف الطبقات والانتماءات، يرفعون صور عبد الناصر ويرددون هتافات الوداع، في مشهد فاق كل التوقعات. 

لم تكن الحشود مقتصرة على أنصاره التقليديين، بل ضمت فئات اجتماعية واسعة، من عمال وفلاحين وطلاب وموظفين، حتى بعض معارضيه الذين دفعتهم لحظة الفقد إلى المشاركة في وداعه.

 

الرد الشعبي على دعايات الجماعة الإرهابية

مثّلت تلك الجنازة "إشارة قوية إلى حجم الشعبية" التي احتفظ بها عبد الناصر حتى آخر لحظة في حياته. فبينما كانت جماعة الإخوان الإرهابية تصف نظامه بالاستبداد وتسعى إلى تقويض شرعيته، جاءت الجموع الهادرة لتؤكد أن مشروعه القومي والاجتماعي ترك أثرًا عميقًا في وجدان المصريين.

واعتبر كثير من المراقبين أن "المشاركة الجماهيرية الواسعة" كانت بمثابة استفتاء غير معلن على سياساته، ورسالة واضحة بأن محاولات التشويه أو التقليل من مكانته لم تنجح في اقتلاع صورته من قلوب الشعب.

القادة أمام المد الشعبي

وشارك في الموكب عشرات الزعماء والملوك العرب والأفارقة، لكن الأضواء بقيت مسلطة على "الحشود الشعبية" التي أحاطت بالنعش، في مشهد جعل القادة يتراجعون أمام إرادة الجماهير. 

كان صمت الملايين وهتافاتهم المتقطعة بمثابة إعلان بأن الرجل الذي واجه قوى الاستعمار وأعاد لمصر هيبتها لا يزال حيًا في ضمير الأمة.

إرث يتجاوز الخلاف

ورغم أن سياسات عبد الناصر واجهت انتقادات تتعلق بالحريات وملف الإخوان، فإن جنازته أثبتت أن "التاريخ يُكتب بإرادة الشعوب لا بخطابات الخصوم". فقد بدا أن المصريين، بغضّ النظر عن انتماءاتهم، اتفقوا في لحظة الوداع على تقدير زعيم ربط اسمه بالكرامة الوطنية والعدالة الاجتماعية، حتى إن اختلفت الآراء حول أسلوب حكمه.

وجاءت جنازة جمال عبد الناصر بمثابة "رد إنساني وشعبي" على خصومه السياسيين، وفي مقدمتهم جماعة الإخوان.

فقد نطق المشهد بما عجزت الكلمات عن قوله: "إن القائد الذي آمن بمشروع وطني جامع، سيبقى في ذاكرة الأمة، بينما تتوارى الخلافات تحت زخم التاريخ".  

 
 

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز