عاجل
الخميس 16 أكتوبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
البنك الاهلي

عاجل| إسرائيل تعترف بأكبر عملية خداع استراتيجي نفذتها مصر.. و"مروان" يتصدر المشهد

أشرف مروان.. الرجل الذي خدع الموساد
أشرف مروان.. الرجل الذي خدع الموساد

 مع اقترب حلول ذكرى مرور نصف قرن على حرب 6 أكتوبر 1973، أزاحت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية الستار عن واحد من أعقد ملفات الصراع العربي الإسرائيلي، كاشفةً تفاصيل موسعة حول الدور الذي لعبه أشرف مروان، صهر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وأحد أقرب العاملين في مؤسسة الرئاسة المصرية في عهد الرئيس الراحل أنور السادات، في خطة الخداع الاستراتيجي التي مكنت مصر من مفاجأة إسرائيل وإنجاز العبور تحقيق نصر أكتوبر عام 1973. 



 

 

 

التحقيق الصحفي الذي نُشر في ملحق "سبعة أيام" بصحيفة يديعوت أحرنوت اليوم الجمعة، استند إلى وثائق استخباراتية واسعة النطاق ما زالت محفوظة في أرشيف الموساد الإسرائيلي، وتكشف لأول مرة أن مروان لم يكن عميلاً لإسرائيل كما اعتقد قادتها لعقود، بل كان أداةً مصرية متقنة في عملية تضليل مخططة بدقة فائقة لخداع دولة الاحتلال.

 

رأس الحربة في عملية الخداع

 

توضح الوثائق أن مروان، الذي أطلقت عليه إسرائيل الاسم الحركي "الملاك"، شارك منذ أواخر أغسطس 1973 في اجتماعات حساسة حضرها الرئيسان المصري أنور السادات والسوري حافظ الأسد، جرى خلالها تحديد موعد الهجوم المشترك ضد إسرائيل. 

ورغم معرفته الكاملة بقرار بدء الحرب في السادس من أكتوبر، نقل مروان إلى قادة الموساد سلسلة من التحذيرات المضللة تضمنت تواريخ وتقديرات زائفة تحوي بأن الحرب قد لا تندلع مطلقا. 

وعندما بعث بإنذاره الأخير عشية الحرب جاء غامضاً ومتأخرا إلى درجة أفقدت التحذير قيمته العملية.

اللواء الإسرائيلي شلومو جازيت، أحد أبرز قادة جهاز الاستخبارات في تلك الفترة، أقر في محادثة لم يُسمح بنشرها إلا بعد وفاته بأن مروان كان رأس حربة في خطة الخداع المصرية، مؤكداً أنه تمكن من اختراق العمق الاستخباراتي الإسرائيلي وتضليل رئيس الموساد تسفي زامير نفسه، الذي جُنّد لتشغيله دون أن يدرك أنه يتحرك ضمن خطة خداع شاملة.

 

وثائق تخرج للنور لأول مرة

وبالتزامن مع اقتراب حلول الذكرى الخمسين للحرب، نظم الموساد حفلاً لإطلاق كتاب توثيقي جديد بعنوان "كان يا مكان حين كان يسمح بالرواية" يضم وثائق تاريخية ومحاضر اجتماعات تنشر للمرة الأولى، بما في ذلك صورة لأشرف مروان مع ضابط تشغيله المعروف باسم دوفي. 

 

ويحتوي الكتاب على المحضر الكامل للاجتماع الذي عقد بين مروان ورئيس الموساد في لندن ليلة الخامس من أكتوبر 1973. 

وفي ذلك اللقاء الذي بدأ الساعة الحادية عشرة وخمسًا وأربعين دقيقة ليلاً واستمر حتى الثانية صباحًا، أكد مروان لـ"زامير" أن احتمال اندلاع الحرب في اليوم التالي يبلغ 99% ، موضحاً أن الجيشين المصري والسوري سيشنان هجومًا متزامنًا في وقت واحد.

تفاصيل دقيقة عن خطة الحرب

 

سرد مروان أمام زامير تفاصيل دقيقة عن التحركات العسكرية المصرية، مؤكداً أن الرئيس السادات حدد موعد الحرب أولاً في 25سبتمبر ثم عدّل القرار سرًا، وأن الجيش المصري بات بأكمله تقريبًا متمركزًا على طول جبهة القناة. 

وأوضح أن الخطة المصرية تقضي بكسر وقف إطلاق النار باستخدام المدفعية والقوات الجوية، ثم عبور القناة والتوغل لمسافة عشرة كيلومترات شرقها دون نية لاحتلال مواقع إسرائيلية رئيسية، بينما يشن الجيش السوري هجومًا واسعًا لاستعادة أكبر قدر من هضبة الجولان.

ورغم أن "مروان" أبلغ الموساد بأن الحرب ستبدأ في المساء، فقد اندلعت في الواقع عند الثانية ظهر يوم 6 أكتوبر، وهو ما ساهم في زيادة عنصر المفاجأة وإرباك الحسابات الإسرائيلية. 

وتكشف الوثائق أن مروان سبق أن أطلق تحذيرات مماثلة في نهاية عام 1972 وفي أبريل 1973 دفعت إسرائيل إلى إعلان حالة تأهب قصوى في المرتين، وهو ما زاد من ثقة قادة الموساد في معلوماته وعمّق تأثير تضليله.

 

عمليات جانبية تعزز ثقة الإسرائيليين في “أشرف مروان”

 

تتضمن الوثائق أيضًا معلومات عن دور مروان في إحباط عملية فلسطينية في روما قبل شهر من الحرب، إذ أبلغ الموساد بوجود صواريخ ستريلا موجهة لاستهداف طائرة إسرائيلية، ما عزز صورته لدى الإسرائيليين كمصدر موثوق للمعلومات. 

ويشير الكتاب إلى أن هذا النوع من المعلومات الحساسة كان عاملًا رئيسيًا في تعزيز قناعة قيادة الموساد بصدق مروان، ما جعلهم أقل ميلاً للشك في نواياه الحقيقية.

 

احتفاء إسرائيلي وحذر مستمر

 

أقيم حفل إطلاق الكتاب في مقر الموساد بحضور رئيس الجهاز الحالي ديفيد برنياع وكبار قادة الاستخبارات والجيش الإسرائيلي. 

وخلال كلمته في الحفل شدد برنياع على ضرورة استيعاب دروس حرب أكتوبر، محذراً من الاستهانة بقدرات الخصوم أو الإفراط في الثقة بالحلفاء، ومؤكدًا أن قوة إسرائيل تكمن في وحدتها الداخلية واستمرار تطوير قدراتها العسكرية والاستخباراتية. 

وأكد أن الموساد اليوم أكثر تواضعًا في قراءة المعلومات وأكثر تشككًا في تقييم التهديدات بعد أن تسببت حرب 1973 في واحدة من أكبر الصدمات الاستخباراتية في تاريخ إسرائيل.

  شخصية استثنائية في تاريخ الصراع

أشرف مروان الذي تزوج من منى عبد الناصر ابنة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وشغل مناصب دبلوماسية رفيعة في عهد السادات، يبرز في هذه الوثائق كشخصية استثنائية في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، فقد استطاع أن يخدع جهازًا يُعد من أقوى أجهزة الاستخبارات في العالم، وأن يسهم في تحقيق عنصر المفاجأة الذي مكن الجيش المصري من عبور قناة السويس وتحقيق إنجاز عسكري وسياسي غير مسبوق في السادس من أكتوبر 1973.

هذه الوثائق التي أفرج عنها الموساد بعد خمسة عقود من الحرب تعيد رسم ملامح واحدة من أعقد المعارك الاستخباراتية في التاريخ الحديث، وتؤكد أن ما جرى عشية حرب أكتوبر لم يكن مجرد تقصير إسرائيلي بقدر ما كان نتيجة خطة مصرية محكمة شارك فيها رجل تمكن بذكاء وجرأة من تغيير مسار المواجهة.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز