الجمعة 19 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
بوابة روز اليوسف

عليك أن ترضى بما كتبه لك الرزاق، وذلك لأن نعم الله كثيرة لا تُعد ولا تُحصى، والرضا بالقليل نعمة من أهم النعم التي تجعلك تعيش حالة من القبول والامتنان بما هو متاح ومكتوب لك، وهذا لا يعني أنك تكون مستسلمًا أو سلبيًا بل هذا دليل على أنك تنعم بصفة غالية، وهي السلام الداخلي واليقين بأن مقاليد الرزق بيد الله تعالى وحده، لذا عليك تدارك أن كل ما يحدث في حياتك له حكمة بالغة، سواء كانت هذه الأحداث سلبية أو إيجابية فكلاهما خير لك.

 

إذا أمعنا النظر في قيمة ومفهوم الرضا بالقليل، وارتضينا يقيناً فسوف نستشعر فضل الله علينا، وسننعم براحة البال والطمأنينة والهدوء، ونعيش حالة من السعادة الحقيقية، كما أن هذه النعمة تعزز علاقتنا الإيمانية برب العباد، وتساهم في تقليل الحزن والقلق والهموم، وغيرها من صفات ترتقي للإنسانية، فعليك أن تتحرر من قيود الرغبات المادية والمتطلبات غير الضرورية، وأن تقدر قيمة ما لديك وما تمتلكه من نعم كثيرة، وأن تشكر الله عز وجل على ما أنت به من ستر وصحة ومال وغيرها من النعم التي أنعم الله عز وجل بها عليك.

 

عندما تنظر حولك فستجد أن الذين أقل منك رزقا، حامدين وصابرين على ما قسمه الله لهم، ولكن عند النظر إلى من هم أعلى منك "ماديا، ثقافيا، اجتماعيا" فإنك ستقع في خطأ كبير، بكونك تنظر إلى الجانب المفتقد أو ما هو غير متوافر لديك، ولكنك إذا دققت النظر فستجد إنك تتمتع بجوانب وصفات يفتقدها من كنت تنظر إليهم وتقارن أحوالك بهم، وهنا عليك أن تطمئن لأن من خلقنا هو الله العدل الذي يوزع الأرزاق بين العباد، حيث يعطي كل شخص القدر الذي يناسبه وفقا لحكمته.

 

أدلة كثيرة جاءت فى القرآن الكريم وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم، حيث قال تعالى: "ولسوف يعطيك ربك فترضى، ألم يجدك يتيمًا فأوى، ووجدك ضالًا فهدى، ووجدك عائلًا فأغنى".. صدق الله العظيم (سورة الضحى)، وفي الحديث الشريف، قال رسول الله ﷺ "قَدْ أَفْلَحَ مَنْ أَسْلَمَ، وَرُزِقَ كَفَافاً، وَقَنَّعَهُ اللّهُ بِمَا آتَاهُ".

 

ختامًا.. لا تنسى أن الله لا يفرق بين غني وفقير، لكن للأسف نحن نعيش في عالم يسوده الاستهلاك المفرط والسعي الدائم وراء المزيد، في حين أننا نفتقد إلى النظر بعين الرضا لما كتبه وقسمه الله لنا، فعلينا تجنب المقارنة مع الآخرين، الذين نظن أنهم أوفر منا رزقًا وحظًا، في حين أن الأرزاق مقسمة بالعدل على الجميع، فلا يوجد أحد أقل من الآخر.

 

أخيرًا.. اعلم جيدًا أن هناك من في داخله حيرة وصراع بين الرضا بالموجود والطموح بالمفقود، ولكن عليك أن تتأكد أن الله خالق كل شيء لك وأنت مخلوق لله، فالكل لك وأنت لله، ولهذا لا تعطي ظهرك لمن خلقك، وتنظر لأشياء مادية يختار الله عز وجل منها ما يناسب احتياجاتك، فعليك الاستغناء باختيارات الله وأن تقنع بما هو مكتوب ومقسوم لك، حتى تنعم بالدنيا والآخرة.

 

 

تم نسخ الرابط