أيام قليلة وستعلن نتائج الفائزين بمقاعد مجلس النواب، وذلك بعد أن تم إسدال الستار على الانتخابات البرلمانية خلال الأيام السابقة، الوضع الذي نتمكن من خلاله استكمال الصورة النيابية لمجلسي الشيوخ والنواب، وهنا نستطيع أن نقول: انتهت حالة البحث عن المرشح الذي يمثل أبناء دائرته تحت قبة البرلمان، وهو النائب الذي فاز بأصوات ناخبيه الذين بنوا عليه أحلامهم وآمالهم.
لا شك أن الحكاية شهدت تفاصيل كثيرة ومتنوعة بداية من إعلان فتح باب الترشح مرورا بانتشار الحملات الدعائية وصولا إلى صناديق الاقتراع وإعلان النتيجة، محطات متعددة تضمنت تفاصيل دقيقة ومهمة بالنسبة للمرشح والناخبين في نفس الوقت.
شهد الشارع المصري حالة من الحراك السياسي المكثف، بالتزامن مع إعلان الهيئة الوطنية للانتخابات عن الجدول الزمني وفتح باب الترشح لانتخابات مجلس النواب، وتباين هذا النشاط الملحوظ بين الأحزاب والقوى المستقلة، الأمر الذي أسهم في ازدياد حرارة العملية الدعائية بين المرشحين، والتي أسفرت عن زخم من المؤتمرات والزيارات والجولات الميدانية، التي كانت بمثابة منبر للشعارات الرنانة والأقوال المأثورة والوعود الحالمة، التي لو طُبقت على أرض الواقع، وتحولت من مجرد خطاب إلى واقع ملموس، فحال المواطن سيتحول بشكل جذري إلى الأفضل في كل المجالات، "اقتصادية، خدمية، اجتماعية، صحية، تعليمية"، وغيرها من محاور مهمة يتمنى الجميع إنجازها، وإذا تحققت فإنها ستكون ذات منفعة مزدوجة، فهي تحقق استفادة مباشرة للمواطن، ومساعدة غير مباشرة وقوية للدولة في رفع العبء عن المواطن.
توجد الكثير من المصطلحات في اللغة العربية لكلمات قد تتداخل مفاهيمها ومعانيها، ومنها كلمتا "الوعد والعهد" فهما من الكلمات والمفاهيم التي تبدو متماثلة لكنها تحمل فى طياتها فوارق دقيقة في الدلالة، حيث تتشابه ظاهريًا في المعنى، وتختلف جوهريًا في المضمون، فعندما نتمعن في مرادفهما، نلاحظ أن كليهما له دور مهم في بناء العلاقات والالتزامات الإنسانية والاجتماعية والقانونية، فالوعد عبارة عن تصريح بين شخص وآخر، أو بين شخص ومجموعة، حيث يتم الاتفاق على فعل شيء في المستقبل لصالح الطرف الآخر، بينما العهد هو اتفاق أو ميثاق يتضمن التزاما موثقا مبنيا على أسس جدية مع التأكيد على تنفيذ الاتفاق و الالتزام الذي وعد به.
لذا دعت كل الرسالات السماوية إلى ضرورة الوفاء بالالتزامات والوعود، نظرًا لقيمة الثقة والمواثيق والكلمة الطيبة في بناء العلاقات بكل أشكالها، قال تعالى في كتابه الكريم: "وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا ۖ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ ۗ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ" سورة البقرة.
كما ورد بالحديث الشريف: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: "آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان"، صدق رسول الله ﷺ.
ختامًا.. أتمنى بعد انتهاء ماراثون الانتخابات البرلمانية، والمنافسة بين المرشحين بانتخابات مجلسي الشيوخ والنواب الذين أطلقوا الشعارات والوعود، أن يلتزموا بكل الوعود والاتفاقيات التي صرحوا بها أمام الناخبين، وأن يسعى كل واحد منهم إلى أن يجعلها حقيقة ملموسة يتم تطبيقها على أرض الواقع.
أخيرًا.. من أجل بناء علاقة جيدة وناجحة ببن النائب وأبناء دائرته، يجب أن يكون الصدق والشفافية هما الركيزة الأساسية في كل المعاملات، فالوفاء بالوعود يحقق العهود.



