الدكتور علي الدكروري يكتب : التكنولوجيا المالية والذكاء الاصطناعي... مستقبل الاقتصاد الرقمي التحول الرقمي وأثره على الاستثمار

يقول الدكتور علي الدكروري، رئيس مجلس إدارة CTrust Global وخبير الاستثمار الدولي، إن العالم يعيش اليوم ثورة اقتصادية غير مسبوقة، عنوانها الأبرز هو التحول الرقمي، حيث لم تعد التكنولوجيا مجرد أداة للمساعدة، بل أصبحت ركيزة أساسية في اتخاذ القرار الاقتصادي والاستثماري.

ويضيف:

“التحول الرقمي لم يعد خيارًا ترفيهيًا أو اتجاهًا مؤقتًا، بل أصبح معيارًا لتنافسية الدول والمؤسسات. من يمتلك التكنولوجيا يمتلك أدوات السيطرة على السوق، ومن يتأخر في تبنيها يخرج من المشهد تدريجيًا.”

ويرى الدكروري أن التحول الرقمي في الاستثمار يفتح آفاقًا جديدة أمام المستثمرين من حيث السرعة في اتخاذ القرار، ودقة تحليل البيانات، وتقليل المخاطر، مشيرًا إلى أن كبرى المؤسسات المالية حول العالم أصبحت تعتمد على الذكاء الاصطناعي في قراءة الأسواق وتوجيه رؤوس الأموال بشكل لحظي وديناميكي.

الذكاء الاصطناعي.. صانع القرار الجديد

يوضح الدكتور الدكروري أن الذكاء الاصطناعي أصبح الآن هو “العقل المدبر” لمعظم الأنظمة المالية الحديثة، فهناك خوارزميات تدير المحافظ الاستثمارية الضخمة دون تدخل بشري مباشر، وتُحلّل الأسواق العالمية في أجزاء من الثانية، مما يقلل من الهدر والقرارات الانفعالية.

ويتابع قائلاً:

 “الذكاء الاصطناعي لا يُقصي الإنسان من المعادلة، لكنه يُعيد تشكيل دوره. فالمستثمر الناجح في المستقبل لن يكون فقط من يملك رأس المال، بل من يملك القدرة على فهم التكنولوجيا وتوظيفها لصالحه.”

ويؤكد أن هذا التحول سيجعل الاقتصاد العالمي أكثر سرعة وتنافسية، لكنه في الوقت نفسه يتطلب تشريعات ذكية تواكب هذا التطور وتحمي البيانات وتمنع استغلال الذكاء الاصطناعي في المضاربات أو غسل الأموال.

مستقبل العملات الرقمية والنظام المالي الجديد

يتحدث الدكتور الدكروري عن العملات الرقمية باعتبارها الوجه المالي لعصر الذكاء الاصطناعي، موضحًا أن العالم يشهد صراعًا محمومًا بين النظام النقدي التقليدي القائم على الدولار وبين الأنظمة الرقمية اللامركزية التي تسعى بعض الدول إلى تبنيها كبديل استراتيجي.

 “العملات الرقمية لم تعد مجرد تجربة على الهامش، بل أصبحت واقعًا تتعامل به البنوك المركزية والشركات الكبرى، وهي جزء من سباق السيادة المالية العالمي. فالدول التي ستنجح في صياغة تشريعات رقمية مرنة وآمنة ستكون هي القادرة على قيادة النظام المالي القادم.”

ويشير إلى أن التحول نحو العملات الرقمية السيادية (CBDCs) سيكون هو العنوان القادم للمرحلة المقبلة، خاصة بعد دخول الصين، والهند، والاتحاد الأوروبي في مراحل متقدمة من التجريب الفعلي.

مصر والتكنولوجيا المالية... خطوات واثقة نحو المستقبل

يتحدث الدكتور الدكروري بفخر عن التجربة المصرية في مجال التحول الرقمي، مؤكدًا أن مصر قطعت شوطًا كبيرًا في بناء بنية تحتية قوية لأنظمة الدفع الإلكتروني، والمحافظ الرقمية، والخدمات البنكية عبر المحمول، وهو ما يعكس رؤية الدولة تحت قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي نحو اقتصاد رقمي متكامل.

ويضيف:

 “ما تشهده مصر اليوم من تحول في خدمات البنوك، ومشروعات ميكنة الضرائب والتأمينات، وإطلاق منصات الاستثمار الإلكتروني، كلها إشارات على أننا نسير في الاتجاه الصحيح نحو اقتصاد أكثر شفافية وفاعلية.”

كما يؤكد أن الدولة تُدرك أن التحول الرقمي ليس فقط بنية تكنولوجية، بل تغيير ثقافة مجتمع بأكمله، ولهذا يأتي التركيز على تدريب الكوادر الشبابية وتعزيز الوعي المالي لدى المواطنين.

فرص الشباب في سوق الاقتصاد الجديد

يختتم الدكتور علي الدكروري اللقاء برسالة موجهة إلى الشباب:

 “الاقتصاد الجديد لا يحتاج إلى رأس مال ضخم بقدر ما يحتاج إلى عقل رقمي قادر على الابتكار. فكل فكرة تكنولوجية اليوم يمكن أن تتحول إلى مشروع استثماري إذا وُظفت بذكاء.”

ويؤكد أن المرحلة القادمة ستشهد ولادة جيل جديد من المستثمرين الشباب الذين يعتمدون على المنصات الرقمية والمشروعات التقنية الصغيرة، داعيًا الشباب إلى الاستثمار في المعرفة، والتعليم التكنولوجي، وريادة الأعمال الرقمية، لأنها مفاتيح المستقبل.

إن التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي لا يهددان الاقتصاد التقليدي، بل يُعيدان تشكيله، والعالم يتجه بثبات نحو نموذج اقتصادي أكثر ذكاءً وشفافية.

أما الدول التي تُحسن قراءة هذا التحول مبكرًا، فهي من ستقود الاقتصاد العالمي القادم، ومصر — كما يؤكد الدكتور الدكروري — تمتلك اليوم كل المقومات لتكون مركزًا إقليميًا للابتكار والاستثمار الرقمي في الشرق الأوسط وأفريقيا.

تسجيلي