أبو الغيط: الأمن الغذائي بات من أخطر التحديات التي تواجه العالم العربي
أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط أن الأمن الغذائي بات واحدًا من أخطر التحديات التي تواجه العالم العربي، مشيرًا إلى أن الفجوة الغذائية في المنطقة تُعد من الأكبر عالميًا، في ظل اعتماد الدول العربية على استيراد أكثر من نصف احتياجاتها من الغذاء، ووصول هذه النسبة في بعض الدول إلى 90%.
وقال أبو الغيط - في كلمته أمام المؤتمر العام الثالث لممثلي منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، بحضور رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، والمدير العام للفاو شو دونيو - إن المنطقة العربية تواجه تحديات غير مسبوقة في مجالات الغذاء والزراعة والموارد الطبيعية، ما يتطلب تنسيقًا وتسريعًا في الجهود لإيجاد حلول فعّالة وشاملة.
وأضاف أن الفقر المائي يمثل الخطر الأكبر، إذ تُصنَّف 19 دولة عربية ضمن الدول التي تعاني من ندرة المياه، بينما تعاني 13 دولة من شح مائي مطلق، الأمر الذي يضع ضغوطًا كبيرة على منظومة إنتاج الغذاء .. وأوضح أن أكثر من 55 مليون نسمة في العالم العربي يعانون من نقص التغذية، بينما تسببت النزاعات المسلحة الممتدة في أوضاع كارثية فيما يتعلق بتوفر الغذاء.
وأشار الأمين العام إلى أن اليمن يُعد من أكثر الدول تضررًا، حيث يعاني 24 مليون شخص، يمثلون 80% من السكان، من انعدام الأمن الغذائي، في ظل الحرب المستمرة منذ 2014 ونقص المياه والجفاف.
وفي السودان، قال إن الملايين يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد نتيجة الحرب المستمرة منذ أبريل 2023، وما خلفته من انهيار لمشروعات زراعية كبرى مثل مشروع الجزيرة .. كما لفت إلى أن الصومال يواجه موجات جفاف غير مسبوقة منذ عام 2020، ما يهدد حياة نحو 4.4 مليون إنسان بالجوع الشديد وسوء التغذية.
وأكد أبو الغيط أن النزاعات المسلحة تظل أحد أكبر مسببات انعدام الأمن الغذائي في المنطقة، مشيرًا إلى الوضع مأساوي في قطاع غزة، حيث يعيش أكثر من مليوني فلسطيني تحت حصار خانق، بعد عامين من حرب الإبادة التي شنتها إسرائيل، والتي استخدم فيها التجويع كأداة حرب وجرى خلالها تدمير جميع مصادر إنتاج الغذاء بهدف جعل القطاع غير قابل للحياة.
ودعا إلى دخول المساعدات الإنسانية والغذائية إلى القطاع بشكل مستدام وبدون عوائق، ورفع جميع القيود الإسرائيلية المفروضة على المواد الأساسية.
وأوضح أن الأزمات العالمية الأخيرة، مثل جائحة كورونا والحرب في أوكرانيا، أثبتت أن الأمن الغذائي قضية مركزية في الأمن القومي العربي، ولا يمكن التعامل معها بشكل منفصل عن قضايا المياه والطاقة، مؤكدًا الحاجة لتأسيس منظومة عربية تضمن استمرار توفر الغذاء خلال الأزمات وبأسعار مناسبة.
كما لفت الأمين العام إلى أن جامعة الدول العربية تضع قضايا الأمن الغذائي في صدارة أولوياتها، من خلال تنفيذ عدد من البرامج والمبادرات، منها مبادرة الغذاء والزراعة للتحول المستدام (FAST Partnership) التي أطلقتها مصر خلال مؤتمر الأطراف Cop27 عام 2022، والاستراتيجية العربية للأمن الغذائي، واستراتيجية حشد التمويل المناخي 2030.
ودعا الفاو إلى دعم تنفيذ أهداف الاستراتيجية العربية للأمن الغذائي التي أقرتها القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية في دورتها الخامسة بالعراق في مايو الماضي، مؤكدًا أن الأمانة العامة عقدت هذا الشهر الاجتماع الأول لفريق متابعة تنفيذ الاستراتيجية بمشاركة منظمات عربية وإقليمية ودولية، من بينها الفاو.
وأشار أبو الغيط إلى أهمية تعزيز الحد من مخاطر الكوارث في ظل تصاعد تأثيرات تغير المناخ، مثمنًا التعاون بين الجامعة العربية والفاو في إعداد البرنامج العربي للحد من مخاطر الكوارث في القطاع الزراعي .. كما أشاد بالتعاون المشترك في الاجتماعات الوزارية لوزراء الزراعة والمياه العرب، وبرامج دعم استخدام الموارد المائية غير التقليدية، وتطوير سياسات فعّالة لتحصيص المياه، إلى جانب البرنامج الإقليمي لندرة المياه.
وفي ختام كلمته، أعرب الأمين العام عن تمنياته بأن تسهم مناقشات المؤتمر في تحقيق خطوات عملية تعزز مستقبل الأمن الغذائي في العالم العربي، مؤكدًا تطلع الجامعة العربية إلى تعاون وثيق مع جميع الشركاء لتحقيق هذا الهدف.



