الصغير: استقبال العام الجديد يجب أن يكون بتجنب مخالفة أوامر الله
ألقى خطبة الجمعة اليوم بالجامع الأزهر فضيلة الأستاذ الدكتور حسن الصغير، الأستاذ بكلية الشريعة والقانون بالقاهرة، رئيس أكاديمية الأزهر العالمية لتدريب الأئمةوالدعاة، والتى دار موضوعها حول: مع نهاية عام واستقبال عام.. وداع بالتفاؤل والأمل والحفاظ على صالح العمل".
وقال فضيلة الدكتور حسن الصغير أيام معدودات وينقضي عام ويقبل عامر آخر، نستقبل عاماً جديداً قدر الله فيه ما فيه.
فالأيام والأسابيع، والشهور والأعوام تمضي سراعاً وهذا من سنة الله في كونه. ومن عظم هدي الإسلام أنه ذكر الناس بتعاقب الأيام والأسابيع، والشهور والأعوام من أجل أن يحاسب كل إنسان نفسه قبل أن تحاسب الحساب العظيم، يقول تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ ۖ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِّتَبْتَغُوا فَضْلًا مِّن رَّبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ ۚ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا﴾.
وأوضح خطيب الجامع الأزهر أن تعاقب الدهر هو سنة من سنن الله في الكون، وأنه يجب على كل عاقل مكلف أن يحاسب نفسه مع مرور كل وحدة زمنية.
فالله عز وجل خلق كل شىء بحق وبحكمة وقدر ليس عبثاً، قال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ ۚ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَٰلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ ۚ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾. ففي كل أسبوع يأتي يوم الجمعة وفيه ساعة يدعو العبد فيها ربه ويسعى إلى ذكره، ويتدبر ويتذكر ما قدمت يداه.
وأشار فضيلته إلى أنه من عظيم أدب الشرع أنه لم يجعل محاسبة المرء لنفسه مضماراً لليأس والغرور والندم على ما كان من تقصير، ولكن جعلها مضماراً للتزود بالتقوى، والبشر والسعادة. قدر الشرع في صحيفة كل إنسان ما قدمت يداه خيراً كان أو شراً.
فيجد كل إنسان ما خلفت نفسه من أعمال صالحة وغير صالحة، والشرع يوجه الجميع إلى محاسبة نفسه، وتذكر ما كان منه، وألا يقنط أو ييأس من رحمة الله وروحه، فإنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون. وعلى المسلم أن يركز على الإيجابيات، وأن يستزيد من الأعمال الصالحة.
وبين فضيلته أن آيات القرآن الكريم جاءت لتوضح لأهل المحاسبة، الذين يحاسبون أنفسهم قبل أن يحاسبوا، أنه لا يأس من عفو الله ومغفرته شريطة أن يستغفروا ربهم، وأن يقلعوا عن التقصير الذي بدر منهم، وأن يعزموا على عدم العودة إلى الذنوب والمعاصي، يقول تعالى: ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾.
فعلى كل مسلم ألا يحتقر العمل الصالح النافع الذي يرضي الله عز وجل ويرضي رسوله ﷺ، بل عليه أن يحمد الله ويسأله أن يوفقه إلى مثل هذا العمل، فهنا يكون الصلاح في دنيا الناس قبل الآخرة، يقول تعالى: فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره. وعلى المسلم ألا يقلق لأن آيات الاستغفار كلها تفتح باب الأمل أمام كل ما هو صالح ونافع.
وليفرح المسلم بالأعمال الصالحة الطيبة ويستزيد منها، ويدعو الله أن يحول حاله إلى أفضل حال.
ونوه خطيب الجامع الأزهر إلى أنه من الجميل أننا نودع عاما ميلادياً وفي نفس الوقت نستقبل واحدة من نفحات الله جل جلاله في السنة الهجرية، حيث أننا على أعتاب شهر عظيم من الأشهر الحرم وهو شهر رجب، الذي هو باب من أبواب التوبة والرجوع إلى الله، وكان من أدب المسلمين عند قدومه يقولون: "اللهم بارك لنا في رجب"، فهو موسم من مواسم الطاعة، موصياً الجميع بالتمسك بالقربات لله جل وعلا من الفرائض والنوافل، وأن نضع الموازين القسط في حياتنا، وأن نوازن بين طاعاتنا وتقصيرنا، وأن نحمد الله على صفحات الطاعة والعبادة والصلاح والنفع، وأن نتجنب مخالفة أوامر الله عز وجل وأن نتوب إليه ونستغفره فهو الغفور الرحيم.



