السبت 27 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

علي إدريس : نعيش زمن النجم المخرج...والسبكي يقدم واقع مجتمعه...والمرأة مظلومة

علي إدريس : نعيش
علي إدريس : نعيش زمن النجم المخرج...والسبكي يقدم واقع مجتمعه
حوار - خلود أبو المجد

- أحضر لعرض فيلمي "البر التاني" يناير المقبل

- الجيل الجديد أوعى كثيرا ولا مجال للاعتزال أمام الملايين

- زينب عزيز نجحت بدوني وكثير من أعمالي ألفها آخرين

- طريقة عملي لم تتفق مع هاني سلامة وشركة الانتاج فانسحبت

- الفن بيأكل بغاشة وليس لدينا نجوم عالميين بعد عمر الشريف

 


علي إدريس مخرج تمكن من حفر اسمه ومكانه في الوسط الفني بين النجوم الكبار، فعمل على مدار سنوات مع أبرزهم على الإطلاق وكان على رأسهم الزعيم عادل إمام، الذي تعاون معه في كثير من الأفلام التي حققت جماهيرية كبيرة حين عرضها، إلا أنه يعد واحدا من أبرز المختفين عن الإعلام والصحافة، فلا تتمكن حين البحث عن اسمه من ايجاد الكثير، ولا تقترن باسمه سوى أعماله الفنية.
الأنباء التقته في القاهرة وحاورته حول هذا الاختفاء وأعماله الفنية وكثير من قضايا الفن، وهذا نص اللقاء :-
 
· أين أنت وما سبب اختفائك منذ فترة؟
- في العمل لست ختفي أبدا، على العكس فكان في رمضان قبل الماضي يعرض لي مسلسل تفاحة آدم الذي قام ببطولته الفنان خالد الصاوي، وكان من المفترض هذا العام أن أقوم بإخراج مسلسل "قسمتي ونصيبي" الذي يقوم ببطولته الفنان هاني سلامة، ولكن تركت العمل فيه وكان منذ فترة توقف تصويره، والآن عاودوا التصوير واتمنى لهم التوفيق، وأعمل حاليا على وضع اللمسات الأخيرة لفيلمي الجديد " البر التاني" الذي من المتوقع عرضه في يناير المقبل.

 

· وما كان سبب انسحابك من "قسمتي ونصيبي" ؟
- عندما أتحدث عن هذا العمل أشعر بأنني كما الرجل الذي يتحدث عن زوجة سابقة، لذا أشعر انه ليس من حقي الحديث عن أي شيء، لكن كل ما يمكنني قوله أنني تعاملت مع العمل بإخلاص شديد، لكني لم أجد ما يقابله، لذا انسحبت من العمل.

 

· فيلم "أصحاب ولا بزنس" كان أول تعاون يجمعك مع هاني سلامة، فمن أين جاء الخلاف؟
- هاني صديق عزيز جدا، وأحب العمل معه، لكن شركة الإنتاج اتفقت معي على العمل من العام الماضي، وكان هناك إصرار كبير منهم على تواجدي معهم في هذا العمل، لكن ما يبدو لي أن طريقة عملي لم تتوافق في النهاية مع هاني وأيضا شركة الانتاج، فلم يعجبهم أن يكون المخرج هو سيد العمل، وكانوا يبحثون عن مخرج بمواصفات خاصة، تختلف عن مواصفاتي.

 

· ملاحظ في الفترة الأخيرة أن النجوم يفضلون التعاون مع المخرجين ضعاف الشخصية ممن يمكنهم السيطرة عليه، فلماذا برأيك؟
- هذا واقع بالفعل نعيشه في الفترة الأخيرة، وأكبر دليل لى ذلك أن ما نشاهده من أعمال في الفترة الأخيرة سيئة، وبها الكثير من الأخطاء، المخرج منذ بداية الفن هو رب العمل، وبعض النجوم يرغبون في أن يكون المخرج مجرد فرد من أفراد العمل، وهذا ما يجعله يختفي أثناء التصوير وأيضا من المونتاج ومن كل العناصر اللازمة لنجاح العمل، ما يفقده هويته.

 

· هل هذا ينطبق على السينما والدراما التلفزيونية؟
- هذا اتجاه عام نعيشه في كل ما يقدم من أعمل فنية سواء للسينما أو للتلفزيون، فظاهرة أن يكون النجم هو سيد العمل وليس المخرج منتشرة منذ فترة كبيرة في الوسط الفني.

 

· هل هذا ما جعلك تلجأ للعمل مع نجوم جدد في فيلمك الجديد" البر التاني"؟
- بالفعل هذه ما أسعى له، فأحاول من خلال هذا الفيلم وهؤلاء الأبطال أن أستعيد شكل الدراما التي تقوم بشكل أساسي على ورق مكتوب بعناية ومخرج، والأبطال ليس من المهم أن يكونوا نجوم صف أول أو لهم اسم معروف في الساحة الفنية، ولكن المهم أن يشاهد الجمهور أدوار مهمة وأداء جيد أو ممتاز لهم، فيعود النصاب من جديد للورق وللمخرج.

 

· ومتى متوقع عرضه للجمهور؟
- أعمل جاهدا ليبدأ عرضه في يناير المقبل، ليس بهدف أن يكون ضمن سباق أفلام عطلة منتصف العام، فهو فيلم يصلح للعرض في أي وقت من السنة.

 

· ما رأيك في من يؤكد أن أعمالك برفقة الكاتبة زينب عزيز أنجح من غيرها، لأنها زوجتك؟
- هذا كلام بعيد عن المنطق، فقد عملت العديد من الأعمال سواء في التلفزيون أو السينما ولم تكن من تأليف زوجتي الكاتبة زينب عزيز، وعلى الرغم من ذلك كلها كانت أعمال ناجحة، فتعاونت مع الدكتور مدحت العدل في فيلم أصحاب ولا بزنس، ومع الكاتب يوسف معاطي في ثلاث أفلام صورتها للفنان القدير عادل إمام، وفيلم الداده دودي كان من تأليف الأستاذ نادر صلاح الدين، وغيرها الكثير، لكن إن تصادف وقامت زينب بكتابة عمل يناسبني أوافق عليه، ولكن إن لم أجد نفسي فيه، أخبرها بذلك، وأكبر دليل فيلم ألوان السما السبعا الذي مثل مصر في مهرجان القاهرة السينمائي منذ سنوات، وكانت أولى تجاربها في العمل للسينما مع المخرج محمد خان.

 

· لماذا تنطلق مثل هذه الأقاويل حول نجاح أي زوجين في الوسط الفني؟
- بشكل عام أنا وزينب بعيدين عن أجواء الشائعات تماما، فنحن بعيدين كل البعد عن أجواء الحفلات أو السهرات أو المقابلات التلفزيونية أو حتى في الصحف، فحياتنا الأسرية عادية جدا وبعيده عن أن تكون متأثرة بعملنا في الوسط الفني، ولكن من وجهة نظري أعتقد أن السبب في ذلك يعود إلى أن الكثيرون لا يحبون أن يكون العنصر النسائي فعال في المجتمع، فالسيدات الناجحات في مجتمعنا مظلومات.

 

· كيف تقيم نجاح أعمال الدراما التلفزيونية التي تقدم في رمضان؟
- أرى أن كل ما يقدم ضعيف، وليس على المستوى المطلوب، فالنجاح ليس بكم الإعلانات التي تعرض على المسلسلات في رمضان، ولكن في البقاء والاحتفاظ بالمسلسل في المكتبة التلفزيونية، وليس في الأدراج، فالتقييم لا يمكن أن يكون على ما يقدم في حينه، ولكن يأتي لاحقا من قبل الجمهور، إن كان سيتابع العمل من جديد أو لا، وما يحدث في سوق الإنتاج أن كل فضائية تقوم بإنتاج مسلسل تعلن أنه الأفضل والأعلى مشاهدة ويقام مهرجانات تكريمية للإعلان عن ذلك، لكن هذا ليس بالحقيقة، فهم في الواقع يقومون بعملية ترويج للمسلسل الذي انتجته لا أكثر، لكن الحقيقة أن الأعمال التي تبقى في الذاكرة والمكتبة هي ما يمر عليها الكثير من السنين ومع هذا يحب أن يشاهدها الجمهور في كل مرة عرض، مثل ليالي الحلمية ورأفت الهجان والجماعة وغيرها.

 

· هل هذا ينطبق على المسرح؟
- بالتأكيد، فهذا يقاس على الفن كله بشكل عام، فللأسف أصبح ينظر للفن من قبل المسؤولين على أنه يأتي في المرحله الرابعة أو أكثر من اهتماماتهم، وبالتالي هذا ما انتقل لرجل الشارع العادي، فانعدم الاهتمام بكل أنواع الفنون، واختفى المسرح المدرسي والجامعي والاكاديمي.

 

· لماذا أصابع الاتهام في هذا تتجه لأهل الفن أنفسهم، بأنهم من ابتعدوا عن الساحة وتركوها للمنتجين أصحاب المال فقط؟
- هذا اتهام ظالم لأنه لا يوجد فنان حقيقي من داخله لا يملك الرغبة في تقديم فن حقيقي يضيف لرصيده الفني، ويصنع له بصمة في تاريخ الفن، لكن هناك عوامل محيطة تؤثر عليه ويرتبط بها تطور الفن، مثل حالة الشارع والأمن والاقتصاد، والحالة الاجتماعية وما يؤثر على تفكير الشباب ويشغل بالهم، وهذا كله مع الأسف غير متواجد في الفترة الحالية، بالتالي هو منعكس على الفن.

 

· ما الأسباب التي جعلت بعض المنتجين تسوق لسوء الأحوال المعيشية في مصر عبر الأفلام التي ينتجوها؟
- الفن عندما يعبر عن المجتمع لا يمكن اتهامه بأنه يصدر أو يسوق للوجه السيء للدولة، لكنه يعكس الواقع، لكن إلى جانب هذا السوء لا يقوم الفن بعرض أي حالات أخرى للمجتمع وهذه مشكلتنا، لكن هذا لا يعني أن مخرج مثل خالد يوسف عندما يشاهد مشاكل كبيرة في العشوائيات ويعرضها في فيلم مثل "حين ميسرة" لا يمكنه عرضها والجميع يهاجمه، لأنها بالفعل انعكاس للواقع الذي نعيشه، لكن على الآخرين أن يصنعوا أفلام تعكس الصورة الأخرى من المجتمع.

 

· من أين تأتي الأزمة التي يمر بها الفن في الوقت الحالي من وجهة نظرك، هل هي من الكتابة والنصوص أو من الإنتاج؟
- أزمة الفن الحقيقية التي نعيشها في السنات الأخيرة تأتي من الضمير، فبالمقارنة بما كان يقدم في الماضي من أعمال فنية سواء في السينما أو التلفزيون كان يهدف المنتج من وراءها للربح أيضا، لكن كان بها الكثير من الذوق، وهذين العنصرين "الضمير والذوق" انعدما من المجتمع، لذا اختفى أيضا من الفن.

 

· وما رأيك بالحرب الشرسة على السبكي وما يقدمه من أفلام ولأنها هي من أفسدت الذوق العام؟
- هذا كلام غير صحيح، فالسبكي إن توافر له المناخ الصحي للانتاج لا أعتقد نهائيا بأنه كان سيقدم على انتاج مثل هذه النوعية من الأفلام، لكن لأنه منتج يدرس السوق جيدا ويرى أن هذا ما يتطلبه، فيقدم له ما يريده لا أكثر، لكن هل إن كنا في الستينات ومناخها الراقي القائم على الفكر والحوار والمجتمع المتدرج الذي يؤمن بأن الفرد يمكنه بالعمل أن يصبح في يوم من الأيام صاحب شركة أو وزير أو غيرها من الأمور، كانت هذه النوعية من أفلام السبكي ستنجح؟ من المؤكد لا، وأتوقع في حال تطور حال المجتمع في العشر سنوات المقبلة أن تنقرض هذه النوعية من الأفلام.

 

· متى وكيف يتغير هذا المناخ السائد في الفن؟
- من الصعب في مصر ربط هذا التغيير بمدة زمنية، فيمكن أن يستغرق هذا خمسون عاما، وفجأة نجد أن المناخ يتعدل في عشر سنوات أو أقل، لكن في حقيقة الأمر نحن أمامنا سنوات كثيرة لاعادة بناء المواطن الصالح الذي يرفض الرشوة أو تنازل عن مبدأ أو إهانة وغيرها من الأمور، وليس الموهوب أو العبقري، أي عندما تتغير ثقافة المجتمع والتعليم الذي نعيش فيه، فنحن تعلمنا مبادئنا من خلال المدرسين والمدارس التي كنا نتعلم فيها، فإن عاد التعليم لسابق عهده في خلال خمسة عشر سنة مقبلة، من المؤكد أن حال الفن سيصبح أفضل ويتغير.

 

· كيف تجد الأعمال الدرامية العربية المشتركة التي بدأت في الانتشار في الفترة الأخيرة؟
- تجربة مميزة للغاية، وخطوة جميلة كان يجب أن يقدم عليها الفن العربي منذ فترة كبيرة لأنها آن أوانها، فالفرقة والتشتت الذي تعيشه الشعوب منعكسه على حال الفن في كل أرجاء الوطن العربي، فمثلما وجد اتحاد أوروبي انعكس اتحاده على حال السينما الأوروبية، يجب أن يكون لدينا هذا الاتحاد وبتعد عن الحساسية المفرطة التي نعيشها، فقد كنا الحضن المفتوح للجميع.

 

· من من الفنانين تجده مؤهل ليكون عمر الشريف جديد؟
- ولا أحد، فالمجتمع غير مؤهل أن يفرز مواطن طبيعي، فكيف له أن يفرز فنان، ومع احترامي لكل الفنانين الذين قدموا تجارب في الخارج، فعمر الشريف كان نتاج مرحلة في تاريخ الشعب، فهو مواليد عام 1932 عندما كانت مصر تحتل المركز الأول في كثير من المجالات اقتصاديا وبيئيا وفنيا وغيرها، وكانت حاضنة لجميع الجنسيات والطوائف، فاختلط بكل هذا فكان نتاجه، لكن المجتمع الحالي لا يملك كل هذه المقومات.

 

· هل نحن نملك المقومات للمنافسة مع السينما العالمية من جهة التصوير؟
- عندما تتواجد الكوادر العالمية ونتعايش ونختلط معها نصبح قادرين بالفعل على المنافسة والتنفيذ بنفس التقنيات، فلم نكن نشعر بهذا الفرق الكبير في التقنيات قديما أي في الثلاثينيات أو الستينات وغيرها لأن من كانوا يعملون في السينما العالمية هم أنفسهم من يعملون في مصر، لذا نحن قادرين على المنافسة بشرط عودة مثل هذه الكوادر للتواجد في مصر باستمرار.

 

· لماذا مقل في لقاءاتك الصحافية والاعلامية؟
- لا أحب التواجد في الإعلام إلا عند الضرورة، على الرغم من أن الجميع أصدقائي، لكن أرى أن الاتجار الإعلامي في المرحلة الأخيرة أصبح كبيرا، بمعنى أني أشاهد في الفترة الراهنة مشاجرات واتهامات متبادلة بين الضيوف، فطبيعة الحوار اختلفت كثيرا، وكنت سعيد بتجربة الدكتور مدحت العدل في محاولة الإصلاح الإعلامي التي كان يقوم بها، لكن لا أعرف ما السبب في إجهاضها.

 

· بعيدا عن الفن كيف يقضي المخرج علي إدريس وقته برفقة أولاده؟
- شخص طبيعي جدا، أمارس دوري كأب وزوج في بيتي بعيدا عن الشلل الفنية أو الإعلامية، وعلاقتي بأي فنان تنتهي بمجرد انتهاء العمل الذي أقوم بإخراجه، وأحب ملاقاة أصدقائي القدامى في المقهى ويكون الحديث بالعادة عن الكرة والفرق التي نشجعها، وبخلاف هذا لدي مكتبة محترمة بها العديد من الكتب التي أقضى أغلب الوقت في قراءتها، إلى جانب مشاهدة الأفلام الجديدة.

 

· ماذا بعد فيلمك " البر التاني"؟
- حتى الآن ليس هناك أي مخططات، وأتمنى أن يحوز الفيلم على إعجاب الجمهور، لأنه مختلف تماما عما قدمته في السابق من أفلام كوميدية، فهو يناقش قصة الهجرة غير الشرعية التي تتم عن طريق قوارب الموت في البحر، وهي تمس قطاع كبير جدا من الشباب الراغب في الهجرة ويبحث عنها بأي شكل.

 

· متى يجب على الفنان الاعتزال؟
- عندما لا يجد شيء جديد يقدمه أو يضيفه للفن أو لمشواره الفني باختصار، فسيدة مثل الراحلة أمينة رزق ظلت تمثل حتى آخر يوم في عمرها، شاهدتها شخصيا وهي تبلغ من العمر تسعون عاما والجمهور يصفق لها بحرارة على أدائها التمثيلي في أحد المشاهد على خشبة مسرح الهناجر، وماتت وهي على الخشبة، وكثير من فنانين الزمن الماضي اعتزل وهو في وهج نجاحه مثل هند رستم وشادية ونجلاء فتحي وأحمد رمزي، فكان لديهم هذا الوعي الذي جعلهم يبتعدوا في الوقت المناسب، والجيل التالي لديه هذا الوعي إلا أن العائد المادي مازال مجزي بالنسبة لهم، وهي لها رنين ووقع آخر في الحياة هذه الأيام، فلا أحد يمكنه أن يقف أمام الملايين.

 

· هل يعني هذا أن مقولة "الفن ميأكلش عيش" انتهت؟
- أكيد فالفن بيأكلهم "بغاشه"، فهذا الجيل أوعى كثيرا من الجيل الماضي ومن قبله، فأصبحوا إلى جانب الفن لديهم مشاريعهم الخاصة التي تأمن لهم مستقبلهم.
 

 

 

 

 

 

تم نسخ الرابط