نزيف "سعاد" قطرة من جرح غائر
كتبت - إيمان حسين
نزيف "سعاد" قطرة من جرح غائر
غضبت "سعاد" بشدة عندما أخذتها والدتها من بين زميلاتها، كانت تريد أن تكمل لعبة "الحجلة" التي بدأتها مع قريناتها، لم تكن تعرف أنه سيكون آخر عهدها باللعب في الشارع، وبداية عهد جديد لم يتح لها سنها الذي لم يتجاوز الثانية عشر بعد أن تعرفه، أو تعرف عنه شيء.
كأن كابوسًا مرت أحداثه سريعًا، وجدت نفسها تجلس محاطة بنساء العائلة، بين من تمشط لها شعرها بعد تحريره من ضفائر الطفولة، ومن تلون لها وجهها بمساحيق رخيصة، وما هى إلا أيام حتى كانت تزف إلى رجل، لم تتمكن عندما رفعت عينيها خلسة سوى من رؤية شاربه، شهور قليلة، وكانت سعاد بين يدي الطبيب يحاول إنقاذها من نزيف أعقب حملا لم تكن الصغيرة مهيئة له جسديا، لكن ضعف الجسد الصغير لم يحتمل وفاضت روحها إلى بارئها.
"سعاد" ليست قصة خيالية، بل حقيقية، وللأسف تتكرر حتى الآن، ولم تفلح حملات التوعية أو الأعمال الفنية التي ناقشتها في وضع حد لها.
وعندما أعلن الرئيس عبدالفتاح السيسي، اليوم، التعداد العام لمصر 2017، فإن ظاهرة زواج القاصرات لا تزال موجودة وبأرقام كبيرة.
ورغم تناول الدراما لهذه القضية الاجتماعية المهمة منذ فترة طويلة، فإننا للأسف لانزال نعاني منها، "بوابة روزاليوسف" سألت الناقد الفني طارق الشناوي، عن رأيه في تناول الدراما لقضية "زواج القاصرات" فقال: "عندما نذكر آخر الأعمال التي تناولت هذه القضية سنذكر مسلسل "القاصرات" للفنان صلاح السعدني، الذي كان له تأثيرا شديدا يجعلنا نشعر بالتقزز من هذا الفعل، وكان دائما ما ينوه خلال المسلسل بأن من يشاهده لا بد بأن يكون فوق 18سنة، نظرا للمشاهد القاسية التي يعرضها لما تتعرض له الفتيات الصغيرات، وأيضا كان هناك فيلما للمخرجة إيناس الدغيدي بعنوان "لحم رخيص" وكان يتحدث في نفس القضية.
طارق الشناوي
وأكمل الشناوي: أرى أن هذه القضية عميقة وصعبة، وتشغل الرأي العام، ولكن المعالجات السينمائية والدرامية لم تصل بعد إلى العمق، الذي يتمثل في الفهم الخاطئ في الدين والثقافة، ولا بد للدراما عند معالجة مثل هذه القضايا أن تعتمد على دراسات علمية، وتدرس الإحصائيات العلمية، فالصورة الدرامية لا تأتي على عجالة من أجل الربح التجاري، وللعلم الفنان دوره فقط أن يقدم جرس إنذار وليس حلولا، ولو طلب منه تقديم الحلول فليصبح وزيرا أو رئيسا للوزراء.
وجاءت الناقدة ماجدة خير الله، لتؤكد على، أن الدراما لم تتناول هذا الموضوع بشكل كاف، يناسب حجم هذه الكارثة وخطورتها، كما أرى أن دور الدراما يتمثل في إبراز القضية وليس تقديم الحلول، والدراما لم تتناول هذه القضية بشكل يجعلها تصل إلى الفكر في الصعيد أوالقري وغيرهم، لذلك لا بد من أعمال أكثر، من أجل توعية الأسر، لأن الدراما هي أقصر الطرق لتوصيل الفكرة.
ماجدة خير الله
ومن جانبه، يرى الدكتور محمد هاني، استشاري العلاقات الأسرية والزوجية، أن هناك اختلافا في العادات والتقاليد في كل بلد أو كل محافظة، ونلاحظ انتشار زواج القاصرات في الصعيد جدا، بل يرونه شيئا عاديا، فالفتاة عند سن معين لا بد أن تكون في بيت زوجها، وإلا تحمل لقب "عانس"، وتصل نسبة زواج القاصرات إلى 4 من كل 10 حالات زواج.
ورغم أن الدراما تلعب دورا مهما من خلال وصولها إلى عقل وقلب الجمهور بصورة سريعة تمكنها من تقديم حلول لتلك القضايا، لم يتم توظيف الدراما للأسف لتقديم حلول، وإنما اكتفت بالتركيز فقط على إبراز المشكلة، ولم تتناول بالتفصيل تلك المشكلة وما يترتب عليها من آثار سلبية، ومدى تأثيرها على الفتاة وأسرتها بالكامل، وهل هي بالفعل قادرة على تحمل مسئولية وأعباء البيت أم لا؟ كل ذلك لم توضحه الدراما.
وعن اقتراحاته لوضع حلول لهذه القضية، قال الدكتور محمد هاني: لا بد من تقديم الحلول، وعمل ندوات تثقيفية وتوعوية للأسر، فالأهالي أنفسهم يتحايلون على القانون ويقومون بتزويج بناتهم القصر عرفيا، فأين حقها القانوني والشرعي إذا تعرضت إلى أي مشكلة؟ لا بد أن نترك أولادنا يعيشون طفولتهم.
اقرأ أيضا:



