ننشر حيثيات حكم الإعدام والسجن للمتهمين باقتحام قسم حلوان
كتب - رمضان أحمد
أودعت محكمة جنايات القاهرة، حيثيات حكمها - الصادر في 10 أكتوبر الجاري- بالإعدام شنقا لـ8 متهمين، والسجن المؤبد لـ50 متهما، والسجن 10 سنوات لـ7 آخرين، و5 سنوات لـ3 آخرين، في القضية المعروفة إعلاميًا بـ"اقتحام قسم شرطة حلوان".
صدر الحكم برئاسة المستشار حسن فريد، وعضوية المستشارين فتحي الروتيني وخالد حماد.
وقالت المحكمة في حيثياتها أنه استقر في يقين المحكمة انه على أثر ثورة الثلاثين من شهر يونيو 2013 التي انتفض إليها الملايين من شعب مصر للمطالبة بعزل الرئيس محمد مرسي لما لمسوه فيه من جنوح الفكر وجنوح الإرادة وشطط في إدارة البلاد التي وإن قصرت مدتها؛ إلا أن أحداثها كانت جسام وخطبها كان جللا وأمرها جد خطير حتى بلغ قدرا استعصى فيه على صبر الصابرين ولم تفلح معه شفاعة الشافعين فاستيأس الشعب مما آلت إليه الأحوال وبات دوام الحال من المحال فتوافق على ثورته التي أطاحت بعرشه وأبعدته عن سدة الحكم فانتصر الشعب – من الرافضين لحكمة – لرغبته وأرادته غير أن الآلاف من المناهضين للثورة والمؤيدين للرئيس المعزول محمد مرسى والمناصرين والمنضمين لجماعة الإخوان المسلمين لم يروق لهم ذلك واعتبروه انقلابا على الشرعية التي أتت برئيسهم إلى منصة الحكم فلم يجدوا بدآ سوى الاعتصام بالميادين وجمع شتات عناصرها ليعلنوا رفضهم للثورة سالفة البيان وما وصفوه بالانقلاب على الحكم وأنهم صامدون حتى إعادة الحاكم، واتخذوا من ميدان رابعة العدوية على وجه التحديد مركزًا إعلاميًا لبث أفكارهم ورسائلهم للداخل والخارج وللتأكيد على عدم استقرار الأوضاع وأنهم على درب المقاومة سائرون، عسى الله أن يقضي أمرًا كان مفعولًا.
وناشدت الدولة المتجمهرين في ميدان رابعة العدوية مرارا وتكرارا من خلال وسائل الإعلام بإنهاء تجمهرهم إلا أنهم أبوا واستمرت جماعة الإخوان في تصعيد ممارستها ضد إرادة الشعب المصري بأن كلفت قيادات الجماعة وكوادرها بالمكاتب الإدارية بجميع محافظات الجمهورية بزيادة الحشد في ميدان رابعة ومحيطه وذلك لتكدير الأمن والسكينة العامة وذلك باستعراض القوة والتلويح بالعنف واستخدموها ضد المعارضين لانتمائهم السياسي وأفكارهم ومعتقداتهم من قاطني ومرتادي محيط رابعة المتاخم لتجمهرهم.
ولما كان الاعتصام في ميدان رابعة العدوية قد طالت مدته مما حدا بالأهالي وسكان المنطقة بالتقدم ببلاغات إلى الجهات الرسمية تشكوا تضررهم من أفعال نسبوها للمعتصمين فما كان من أجهزة الدولة المتعددة إلا أن ناشدت المعتصمين والقائمين عليهم بطلب فض الاعتصام إلا أنهم لم يحركوا ساكنًا.
ولما كان بقاء الاعتصام قائمًا ومستمرًا دون تدخل من الجهات المعنية مما يشكل أضعافًا لهيبة الدولة وانتقاصًا من سيادتها وإظهارها بمظهر العاجز عن إدارة شؤون البلاد فكان من الطبيعي أن تتخذ الدولة الإجراءات اللازمة لتدارك ذلك الأمر وكان المعتصمون والقائمون على أمرهم قد أعدوا عدتهم تحسبًا لهذا اليوم في صد وإفشال أي تدبير يمكن أن تتخذ من قبل مؤسسات الدولة حال تصديها لهم بإشاعة الفوضى الأمنية في ربوع البلاد.
وبتاريخ 14 أغسطس 2013 قامت الجهات الأمنية بالتوجه إلى حيث مكان الاعتصام وشرعت في اتخاذ الإجراءات القانونية بناء على قرار السيد المستشار النائب العام الصادر بتكليف الشرطة باتخاذ اللازم قانونًا نحو ضبط الجرائم التي وقعت بمحيط ميدان رابعة العدوية والنهضة بمحافظتي القاهرة والجيزة ومسجد القائد إبراهيم بمحافظة الإسكندرية وميدان الشون بالمحلة الكبرى بمحافظة الغربية وسائر الميادين الأخرى بالوجه البحري وصعيد مصر والتي وقعت فيها الجرائم (مقاومة السلطات وإتلاف المباني الحكومية والخاصة وتعطيل المواصلات والقتل العمد والقبض على الناس بدون وجه حق والتعذيب البدني، وذلك بغرض إرهاب المواطنين وترويعهم)، وذلك لكشف مرتكبيها واتخاذ اللازم قانونا بشأنهم في ضوء أحكام القوانين وضبط الأسلحة والأدوات المستخدمة في ذلك وضبط المحرضين على تلك الجرائم.
وبالفعل وعلى أثر قيام قوات إنقاذ القانون بفض اعتصام رابعة العدوية – وبذات التاريخ سالف البيان – وبناء على المخطط التخريبي من قبل قيادات جماعة الإخوان بإشاعة الفوضى الأمنية في ربوع البلاد وإفشال أي تدابير يمكن أن تتخذ من قبل مؤسسات الدولة حال تصديها لتجمهر عناصر جماعة الإخوان بالميادين في المحافظات المختلفة وأن تكون ساعة الصفر هي وقت اتخاذ الدولة الإجراءات لإنهاء التجمهر (اعتصام رابعة العدوية) وبالفعل اضطلعت عناصر الجماعة سالفة الذكر وبعض عناصر القوى المتطرفة الموالية لهم بارتكاب العديد من الانتهاكات الصارخة وذلك عندما بدأ التعامل مع التجمهر والتي مثلت اعتداء جسيما على أمن المجتمع وأهدرت أسس النظام العام بالدولة فخرجوا في مسيرات منددة وتفوهوا بألفاظ السباب والاستهجان مرددة عبارات الوعد والوعيد مهددة بالانتقام وقطعوا على أنفسهم عهدا بعودة رئيسهم المعزول ومن دون ذلك الرقاب فصالوا وجالوا في الشوارع والطرقات وأخذوا يقطعون الطرق هنا وهناك وانتشرت ظاهرة المظاهرات والاعتصامات والاغتيالات والتفجيرات وغيرها من الأفعال العدائية التي تتصف بالعنف وتحركها غريزة الانتقام من كل من طالب بإقصائه من الشعب والقائمين على حماية الشرعية من رجال الشرطة والقوات المسلحة.
فكان لزاما على الدولة أن تتخذ من الإجراءات ما يكفل إعلاء كلمة القانون بفض هذا الاعتصام ولان هذا اليوم قادم لا محالة فقد أعد المناهضون له عدتهم وخطط مجابهتها حيث كانت وقائع هذه القضية الماثلة – والتي تعتبرها المحكمة بحسبانها محكمة الموضوع – أنها إحدى صور الاستعداد المسبق لما فيها من سرعة رد الفعل وتلاحق زمنى أثناء وعقب أحداث الفض سالفة البيان مما يؤكد الاستعداد والتجهيز المسبق لهذا اليوم.
فمع بزوغ نهار يوم 14أغسطس 2013 استيقظ الشعب المصري على نبأ شروع قوات إنقاذ القانون من رجال الشرطة فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة ولم يمضي إلا سويعات قليلة حتى تعرض قسم شرطة حلوان بمنطقة حلوان بمحافظة القاهرة إلى الهجوم وإطلاق النار عليه وعلي من بداخله من ضباط وأفراد الشرطة، قاصدين من ذلك قتلهم جزاء لما قارفه جهاز الشرطة من فض الاعتصام سالف الذكر وكرد فعل سريع وعنيف ضد من ينتمون إلى هذا الكيان.
ففي قرابة الساعة التاسعة تقريبا من صباح ذات اليوم سالف البيان وبناء على تحريض من بعض قيادات جماعة الإخوان المسلمين والتيار السلفي وأئمة المساجد والمنتمين لجماعة الإخوان المسلمين والذين ناشدوا الناس (الأهالي) وتحريضهم من خلال أبواق المساجد وكذا مؤيدي الرئيس المعزول وأهلية المحجوزين بديوان قسم شرطة حلوان، وحفزوهم على الخروج في مسيرات صوب ديوان القسم سالف الذكر للهجوم عليه للانتقام من رجال الشرطة ثأرا لقتلاهم باعتصام رابعة العدوية بدعوى أن الشرطة أسقطتهم أثناء الفض وطالبوهم بأخذ حق المعتصمين.
فكانت تلك هي شرارة البدء التي على أثرها لبي كثير من الغاضبين من جماعة الإخوان المسلمين والمتعاطفين والمؤيدين النداء. فقامت أعداد كبيرة من المتجمهرين (المتهمين وأخرين مجهولين) جاوزت ألف متجمهر تقريبا بالاشتراك في الهجوم على قسم شرطة حلوان وتباينت أهدافهم من هذا الهجوم ما بين المساهمة في إحداث فوضي عارمه في البلاد وبين إرهاب المواطنين وبين تدمير المنشآت الشرطية المتمثلة في قسم شرطه حلوان والفتك بمن فيها من ضباط وأفراد وبين تهريب المسجونين المحتجزين بديوان القسم.
وأن المتجمهرين (المتهمين وآخرين مجهولين) من جماعة الإخوان المسلمين ومن مؤيدي الرئيس المعزول والمناصرين لهم، وكذا عناصر من النوعيات الإجرامية التي وإن تباينت أهدافهم إلا أنه قد جمعهم نية واحدة تمثلت في الانتقام من رجال الشرطة والفتك بهم لشفاء صدور تكاد تميز من الغيظ من فرط الضغينة التي تكنها أنفسهم لهم باعتبار أن الشرطة هي اليد القاصمة لكل معتدي والقوة الضاربة لكل مجتري ذراع الدولة في بسط سلطاتها وسيادتها فهي حائط الصد الذي يقوض جنوح الجانحين ومن هم على القانون بخارجين، ومن ثم فقد تباينت أسباب العداوة والبغضاء لدى المعتدين فمنهم من انبثقت وجهته من جراء أحداث فض الاعتصام الذي هو لهم بمثابة منطقة سيادة ونفوذ وإثبات وجود وبؤرة لإشاعة الفوضى وإثارة الفتن ورمزا للمقاومة على حد زعمهم وعدم استقرار الأوضاع بالبلاد طالما كان قائما، ومنهم من أعماه نبأ قتل المعتصمين عن أن يتبصر حقيقة الأمر فهب مندفعا للزود عن جماعته في أي مكان تحركه مشاعر الغيرة التي أفقدته السيطرة على توازنه ومنهم من شاركهم جمعهم طمعا في جمع المال غير عابئ بعاقبة الأمور أو مستقر الأحداث وهم من هانت عليهم أنفسهم من النوعيات الإجرامية المتنوعة والخطرة والمأجورين (حلفاء الشيطان ) الذين لا يحدهم حد أو يمنعهم مانع وعلى قدر اختلاف أهدافهم إلا أنه قد تملكتهم غريزة الانتقام من كل من ينتمى لجهاز الشرطة بغير تميز ولو لم تكن له جريرة سوى أنه من المنضمين لهذه المنظومة الشرطية وهو الأمر الذي يكشف أن عداوة المعتدين وبغضهم تجاه رجال الشرطة لم يتمثل في شخص بعينة بل اتسع وامتد ليشمل كل من حمل شرف ارتداء السترة العسكرية إلا ما أستثنى لأسباب خاصه.
حيث قام بعضهم باعتلاء العقارات المطلة على القسم وقاموا بإطلاق الأعيرة النارية صوبه وبمن بداخله من رجال الشرطة بينما كان الأخرون في مواجهة القسم يطلقون الأعيرة النارية ويقذفونهم بالزجاجات الحارقة (المولوتوف) والكاوتشوك بعد أن قاموا بإشعالها وكذا الحجارة قاصدين من ذلك قتلهم جزاء لما أقدمت عليه الشرطة من فض الاعتصام وثأرا لما أشيع عن قتل المعتصمين.
وعلى الجانب الأخر كان ضباط القسم والأفراد الشرطية قد علموا من الأهالي بقدوم المسيرة صوبهم فاستعدوا للزود عن عرينهم والدفاع عن أنفسهم والتصدي للزحف القادم الذي يتوقعون أسبابه لكنهم لا يعلمون عواقبه حيث اتخذوا موقعهم بديوان القسم وصدرت إليهم التعليمات بضبط النفس على هدى من التريص لبيان طبيعة الهجوم واستبيان حدوده ومداه.
بيد أنهم وما أن تكشفوا حقيقة الهجوم بأنه مسلح وأن المتجمهرين قد أمطروهم بوابل من الأسلحة النارية المتنوعة، سالف الذكر، حتى شرعوا في رد الاعتداء تدريجيا بإطلاق الأعيرة التحذيرية، وقنابل الغاز، لما عساها أن تكون رادعا للمتجمهرين وإشارة بأن رجال الشرطة لن يقفوا مكتوفين الأيدي إيذاء هذا الاعتداء غير أن هذا الإجراء لم يقص المعتدين عن أن يتراجعوا عما أقدموا عليه وانتووا فعله فاستمروا في اعتدائهم حتى بدءوا في النيل منهم مما حدا برجال القسم (الضباط والأفراد) أن يتعاملوا معهم ويبادلونهم إطلاق النار من خلال أسلحتهم المسلمة إليهم، محتمين في ذلك بمحيط القسم على أمل أن يتراجع المتجمهرين المعتدين أو تنفذ ذخيرتهم.
لكن هيهات لما يأملون فقد كان الدعم من الأسلحة والذخيرة يأتي إلى المتجمهرين المعتدين (المتهمين وآخرين مجهولين) من خلال سيارات ذات أرقام مجهولة تخترق صفوفهم وتمدهم بالبنادق الألية والبنادق الخرطوش وفرد الخرطوش والذخيرة لمواصلة الاعتداء ولقد كان لهم ما أرادوا إذا استمر الهجوم والاعتداء على ديوان قسم شرطة حلوان قرابة الاثني عشر ساعة تقريبا سقط من رجال الشرطة من سقط وأصيب منهم من أصيب ولم ينفض هذا الاعتداء حتى بلغت قرابة الساعة التاسعة من مساء ذات اليوم.
وإزاء هذا الهجوم المتواصل لم تجد الشرطة بدا سوى الاستعانة بمديرية أمن القاهرة بطلب تشكيلات من الأمن المركزي لتؤازرهم وتدعم صفوفهم إلا أنه قد تعذر وصولها لظروف الطريق وتم إمدادهم بثلاث مدرعات من القوات المسلحة والتي حضرت ظهر ذات اليوم ليتولى طاقمها مهمة الدفاع عن القسم وحماية من به ضد هذا الهجوم الدامي الذي أنهك قوى الشرطة من جراء من قتل ومن شرع في قتله وهو ما استتبع هروب مائة وثمانون محتجزا تمكنوا من كسر باب الحجز بالدفع من الداخل ولازوا بالفرار وتحرر عن ذلك محضرا مستقلا وفقا للثابت بالتحقيقات. وقد وصل أيضا تشكيل من قوات الأمن عقب هروب المحجوزين بالقسم.



