السبت 20 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

إلغاء صفقة عسكرية بين الهند وإسرائيل بعد قرار ترامب تهويد القدس

إلغاء صفقة عسكرية
إلغاء صفقة عسكرية بين الهند وإسرائيل بعد قرار ترامب تهويد ال
كتب - مصطفى سيف

صفعة مدوّية حطت على رأس بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء الكيان الصهيوني، بعد إعلان الهند إلغاء صفقة عسكرية معها، والصفقة حسبما ذكرت "يديعوت أحرونوت" المُقرّبة من "نتنياهو" صواريخ مضادة للدروع تستوردها الهند من الكيان الصهيوني، وهذه الصفعة الهندية للكيان الصهيوني تأتي قبيل زيارة "نتنياهو" إلى دلهي بـ11 يومًا، وليس في حسابات "نتنياهو" إلغاء الزيارة.

شركة رفائيل الإسرائيلية للأسلحة تبلَّغت، أمس بشكل رسمي من الطرف الهندي، إلغاء الصفقة، وقالت في بيانها: "تعبر شركة رفائيل عن أسفها لهذا القرار، ولا تزال متمسكة بالتعاون مع وزارة الدفاع الهندية واستراتيجيتها الخاصة لمواصلة العمل في الهند وهي السوق المهمة التي قامت إسرائيل بتزويدها خلال أكثر من 20 سنة بالمنظومات الأكثر تقدما".

قيمة الصفقة بلغت ما يقرب من 500 مليون دولار، وهو الأمر الذي يكشف عن مدى التعاون الوثيق والرفيع في العلاقات الثنائية بين الكيان الصهيوني والهند.

بعض المصادر السياسية في تل أبيب كشفت أنَّ تل أبيب حاولت إغراء الهند قبل التصويت في الأمم المتحدة ضد قرار ترامب بشأن القدس، من خلال شراء منظومة متقدّمة إلا أنَّ دلهي رفضت الإغراء الإسرائيليّ.

وكان مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي قد نشر دراسة جديدة تناولت العلاقات الأمنيّة بين البلدين والتحدّيات التي تواجههما، حيث أكّدت أنّ العلاقات بين الدولتين كانت مجمدّة طوال أربعين عامًا بعد رفض الهند إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، في مقابل الحفاظ على علاقاتها مع الدول العربيّة.

لكنّ هذا الوضع، بحسب الدراسة، شهد تغيرًا جذريًا في العام 1991، بعد أن توصّلت الهند إلى نتيجة مفادها أنّه هناك ضرورة للانفتاح على العالم في ظل سياسة التحرر الاقتصاديّ، وفي يناير من العام 1992 دشن البلدان علاقاتهما الدبلوماسيّة، والتي استمرّت في التطور حتى شهدت تغيرًا مفصليًا في العام 1999 بعد تعاون أمنيّ وثيق بين البلدين، وتزويد إسرائيل الجيش الهندي بأحدث الأسلحة القتالية.

ومنذ ذلك الحين، شددت الدراسة، باتت إسرائيل أكبر مُورّد أسلحة للجيش الهنديّ، واحتلت مكان روسيا وفرنسا كأكبر موردين للسلاح والعتاد العسكريّ للهند.

كما شهدت السنوات الأخيرة تعاونًا وثيقًا بينهما في قضية محاربة “الإرهاب” والتعاون المخابراتي. واستعرضت الدراسة أهّم صفقات الأسلحة بين الدولتين خلال العامين الماضين، والتي تعكس التطور السريع في العلاقات العسكرية بين البلدين: صفقة طائرات التجسس من طراز فالكون، كما قامت الهند مؤخرًا بشراء أربعة رادارات من طرازEL-M2083 من شركة الإسرائيليّة وتمّ نصبها على الحدود مع باكستان.

وكشفت الدراسة أيضا النقاب عن شراء الهند لأنظمة دفاع جويّة من إسرائيل خلال العامين الماضيين تقدر بأكثر من مليار دولار. وقالت الدراسة أيضا إنّ أحدث صفقات التعاون الأمنيّ والعسكريّ بين تل أبيب ونيودلهي هي تزويد إسرائيل الجيش الهنديّ بالطائرات دون طيّار الهجوميّة من طراز هاربون.

وعلى الرغم من تعاظم التعاون الأمنيّ والعسكريّ بين إسرائيل والهند، لم تخف الدراسة خشية صنّاع القرار في تل أبيب من أنّ هذه العلاقات قد تذهب أدراج الرياح وقد تعصف بها أيّ أزمة قد تنشب بين البلدين على غرار العلاقات التركيّة- الإسرائيليّة. ومن بين هذه العوامل، أضافت الدراسة، أنّه كما قامت العلاقات الإسرائيليّة- الهنديّة على حساب العلاقات العربيّة- الهنديّة، لكن ليس بالسهولة أنْ تتخلى الهند عن علاقاتها التاريخيّة مع الدول العربيّة ودعم القضية الفلسطينيّة باعتبارها قادة دول عدم الانحياز وقائدة مسيرة التحرر في العالم من الاستعمار.

وشددت على أنه بالرغم من التحالف الاستراتيجيّ مع إسرائيل، فإن واشنطن تخشى من انتقال التكنولوجيا العسكريّة التي تُقدّمها إسرائيل للهند، لافتةً إلى أنّ العديد من الصفقات بين الهند وإسرائيل قد أُلغيت بسبب مُعارضة أمريكا. كما أشارت الدراسة إلى العلاقة المتينة بين الهند وإيران، خاصةً أنّ الهند تُولي أهمية عليا للعلاقات التجاريّة والاقتصاديّة مع طهران، وتحديدًا لارتباط دلهي بطهران ارتباطًا شديدًا من ناحية التزود بالنفط.

وقالت الدراسة أيضا إنّه على الرغم من التطور السريع للعلاقات العسكريّة بين الهند وإسرائيل، واعتبار الهند المصْدَر الأكبر لشراء الأسلحة والأجهزة العسكريّة من إسرائيل، فإنّه لا يمكن بأي حال من الأحوال، وصف هذه العلاقات بأنّها علاقات استراتيجية من الدرجة الأولى، خصوصًا لأن الهند تتطلع للاستقلال في مجال التصنيع العسكريّ، وتحقيق قدرت عسكرية ذاتية.

يطرح إلغاء صفقة الهند تساؤلات عدة عن مدى إمكانية انتصار دولًا أخرى لفلسطين والوقوف بوجه قرار ترامب المثير للجدل بشأن "اعتبار القدس المحتلة عاصمة للكيان الصهيوني".

لم تُقْدِم أي دولة أخرى على هذه الخُطوة، إلا أنَّه من المتوقّع أن تدخل دول أخرى على خط المواجهة المباشرة ضد ترامب والكيان الصهيوني.

ولم تخفِ وزارة الخارجية قلقها وأسفها من أن تحذو دول أخرى حذو الهند بعد قرار ترامب بشأن القدس، إلا أنَّ الزيارة التي سيجريها نتنياهو خلال هذا الشهر قد تكون تصحيحًا للمسار وضغطًا على الهند لكي تتراجع عن إلغاء الصفقة.

ولا يُخفى على أحد أنَّ رئيس الوزراء الهندي أطلق مبادرة في عام 2017 وهي "صُنع في الهند" الأمر الذي ينطبق أيضا على الأسلحة خاصة في ظل النزاع المتوتر بين الصين وباكستان من ناحية والهند من ناحية أخرى.

وزارة الدفاع الهندية أيضا وافقت على شراء 240 قنبلة من شركة "روسونبورون للصادرات" الروسية بقيمة 188 مليون دولار، مشيرة إلى أنَّ هذه الصفقة "ستسد النقص في كمية الذخيرة الموجهة بدقة في ترسانة سلاح الجو الهندي".

الاتجاه إلى روسيا في المجال العسكري لن يكون على حساب الكيان الصهيوني، على الرغم من القرار الأخير، خاصة أنَّ الهند تحاول من خلال هذه الصفقة الروسية أن تعلن لإسرائيل وأمريكا بصفة خاصة أنَّها منفتحة على جميع دول العالم.

تم نسخ الرابط