الرجل الذي أشعل البيت الأبيض.. من هو "مايكل وولف"؟
كتب - عبد الحليم حفينة
لم يكن يدرك الشاب المكافح صاحب الـ 21 عاما أثناء عمله بين ماكينات الطباعة؛ بصحيفة "نيويورك تايمز" عام 1974، أنه سيكون ذات يوم أحد أشهر كتاب الصحيفة، بل أحد أشهر الكتاب في العالم؛ ويتربع وهو في عقده السابع على عرش المؤثرين في الولايات المتحدة الأمريكية والعالم، لم يكن هذا الصبي فني الطباعة، سوى "مايكل وولف" الكاتب الشهير الذي أضج مضجع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بكتابه الأخير "نار وغضب"، والذي نُشر يوم الجمعة الماضي، في هذا التقرير نتتبع سيرة "مايكل وولف" من نشأته حتى الزلزال المدوي الذي أحدثه مؤخرًا، مهددًا به الحياة السياسية للرجل الأول في البيت الأبيض.
الخَطْو نحو الهدف
"مايكل وولف" الذي ولِدَ في نيوجيرسي عام 1953 لأبٍ يعمل في الدعاية، وأم مراسلة صحفية، عَرِفَ طريقه جيدًا للصحافة منذ نشأته الأولى، ربما بفضل والديه، أو لشغفه بالبحث عن المتاعب، فقد نشر مقاله الأول في صحيفة "نيويورك تايمز" بينما كان يَدرُس حينها بجامعة كولمبيا بنيويورك، ويعمل أيضًا كفني طباعة بذات الصحيفة، وقد كتب مقالاته بإنتظام بالعديد من الصحف اليومية فيما بعد، أبرزها صحيفتي "يو إس إيه تودا" و"هوليوود ريبورتر" الأمريكيتين، والنسخة البريطانية من مجلة "جي كيو"، بالإضافة لعمله محرر بمجلة "أدويك"، ومشاركته في تأسيس موقع "نيوزر" المتخصص في جمع الأخبار. ولتعزيز مسيرته الصحفية؛ نشر كتابه الأول بعنوان "الأطفال البيض" في عام 1979، الذي كان عبارة عن مجموعة من مقالاته.
لـ "مايكل وولف" حوالي سبعة كتب، أبرزهم كتاب "بورن ريت" الذي نشره عام 1998 والذي تحدث فيه عن تجربته في عالم المال من خلال شركته الخاصة "دوت كوم" العاملة في مجال تعبئة وتغليف الكتب والتي إنهارت فيما بعد، مما استرعى تعيينه بعد عام في مجلة "نيويورك" ليكتب بها نحو 300 مقال، في عمود أسبوعي، وقد تركّزت فلسفة "وولف" على نقد الأثرياء أمثال "روبرت مردوخ" رجل الإعلام الأول، والذي كتب عنه "وولف" كتابًا بعنوان "الرجل الذي يملك الأخبار".
مصداقيته
رغم اعتماد "وولف" على مصادر قوية في كتابه الأخير "نار وغضب"، ولها حيثية في أروقة السياسة الأمريكية، وعلى رأسهم "ستيف بانون" مستشار ترامب السابق، إلا أننا لا نستطيع أن نغفل أيضًا اتهامات كانت توجه له "بعدم المصداقية" من بعض أقرانه من الصحفيين بالولايات المتحدة، أبرزهم تعليق الكاتب الراحل "ديفيد كار" بصحيفة "نيويورك تايمز" عام 2008 في معرض تعليقه على أحد مؤلفاته، حيث قال "من الناحية التاريخية، فإن أحد المشاكل التي تواجه كتابات وولف هو أنه قد يبدو يعرف كل شئ، إلا أنه يرتكب بعض الأخطاء.
لماذا ترامب الآن؟
في بداية الثمانينيات حصل "وولف" على منحة لكتابة رواية قد شرع في تأليفها، لكنه توقف ولم يستكملها، لكن ربما حس "وولف" الروائي لم يتوقف عن التدفق، ليعود ويشبع هوايته تلك، بنسج قصص عن ترامب، لكن هذه المرة لم يكن خياله الذي لم يسعفه في روايته الأولى هو البطل، ولكن بطل كتاب "نار وغضب" هو الحقائق التي عايشها "وولف " الذي تجول داخل البيت الأبيض ليجري نحو 200 مقابلة مع شخصيات مقربة من ترامب وفريق عمله على رأسهم كبير المستشارين السابق بالبيت الأبيض "ستيف بانون"، ليرسم صورة عن ترامب ورجاله، ُتبرز الخلل المريع في إدارة البيت الأبيض، لكن السؤال الملّح لماذا ترامب الآن؟ّ قد تكون الإجابة الأكثر دقة لدى "وولف"، لكن من واقع المعلومات المتاحة فإن "وولف" الصحفي المشاغب الذي يمقت الأثرياء وأصحاب النفوذ، وينتقدهم دومًا، لم يجد صيد أثمن من ترامب، رئيس دولة على رأس القوى العظمى في العالم، وفي الأساس هو أحد الأثرياء الذين ينتقدهم دائمًا، والاهم أن الطريق إلى المعلومات وتوثيقها كان ممهدًا، ربما تكون هذه إجابة في إطار حسن النوايا، والمعلومات المتاحة، لكن عالم السياسة لا يعرف النوايا الحسنة، وحتمًا ستنبؤنا الأيام القادمة بإجابات ربما يكون لها أبعاد أكثر عمقًا مما هو متاح.



