ننشر الأعمال الفائزة بجائزة التميز الصحفى بنقابة الصحفيين "التعليم الفنى"..المقال
المركز الاول جائزة المقال
الكاتب/ عمرو الأنصاري
النمر حسن وأبناء هتلر والبيض الفاسد..المستحيل ليس مصريًا!
في رحلته على ظهر الباخرة التي أقلته من الاسكندرية صوب روما جلس محمد حسن يتذكر تعذيب زوجات أبيه الأربعة له، وكيف ألقت به إحداهن في ورشة الخراطة عاملًا للنظافة للتخلص منه.
يبتسم عندما تتصدر صورة "الأسطى" الألماني "هانز بياليجي" ذهنه وهو يردد فرحًا: "محمد حسن اللي علمته الخراطة بقى أحسن مني"
بعد نجاحه في صناعة وبيع 6 مواتير في غياب الخواجة المريض بالمستشفى.
قبل أن يطلب منه السفر للعمل في ألمانيا التي كانت تحاول التعافي بعد الحرب عام 1957، مهديًا اليه ثمن الرحلة عبر البحر.
ينظر "حسن" إلى البيضات العشر المسلوقة التي سلحته بها أمه وفسدت في الطريق، ويضحك من السلاح الفاسد، وسخرية القدر الذي لم يُبقي له في رحلته إلا "الخبز والدُقّة".
يصل إلى ألمانيا بالقطار عبر ايطاليا صوب شقيق "معلمه الألماني" لينضم إلى مصنعه.
رحلة طويلة واجه فيها "ابن السيدة زينب" أمية اللغة "العربية والألمانية"، والعنصرية وأوجاع الغربة استطاع فيها قهر المستحيل بالجهد والعرق.
ذاع صيته بين عمال المصنع فنيًا بارعًا، وأهدته موهبته في الملاكمة مجدًا جديدًا صنعه بتمثيل ألمانيا في مباريات رسمية وانتصارات وصلت إلى اسطورة الملاكمة الأمريكي "كلاي".
قصة كفاح حقيقية لعامل فني مصري خلدتها السينما المصرية بأداء العبقري الراحل أحمد زكي "النمر الأسود".
هُزمت ألمانيا في الحرب العالمية الثانية، وانتحر هتلر مخلفًا ورائه إرثًا من الكراهية والرغبة في الانتقام وصلت إلى الدعوة لإخصاء وتعقيم 45 مليون ألماني، لقطع نسل أبناء هتلر.
-وفقا لاعترافات رجل الاعمال اليهودي كوافمان في كتابه "ألمانيا يجب أن تُسحق Germany Must Perish!" -
العالم كله اجتمع على ترويض الألمان خوفًا من تكرار النموذح النازي بخطة إضعاف الاقتصاد وتحويل ألمانيا من دولة صناعية إلى دولة زراعية.
فقدت ألمانيا كثيرًا من أراضيها في الشرق بفعل قصف الحلفاء، وقتل من أبنائها تسعة ملايين، وشرد منهم اثنا عشر مليونًا.
أعلنت دول الحلفاء الوصاية عليها، وقسموها إلى ألمانيا الشرقية التي استحوذ عليها الاتحاد السوفيتي، وألمانيا الغربية التي وقعت في نصيب الولايات المتحدة الأمريكية.
لكن الشعب الألماني الذي رفعت نسائه شعار "المستحيل ليس ألمانيًا" ابتلع مرارة الانكسار، وآمن بأن السواعد المدربة تستطيع بناء ألمانيا الجديدة.
كان التعليم هو حجر الأساس في خطة إعادة الاعمار. خطة تعليمية مصاحبة لخطة اقتصادية واجتماعية وضعها الألمان لإعادة البناء، في مقدمتها تعويض غياب الكوادر البشرية بعد مقتل 3 مليون مدني في الحرب، عن طريق استقدام عمالة زائرة عام 1955قدرت ب14 مليون عامل من ايطاليا واسبانيا والبرتغال واليونان و المغرب، وتونس وتركيا للمساعدة في بناء ألمانيا القوية.
بجانب اعداد كوادر بشرية المانية تتسلم الراية لتحقق نهضة تعليمية، وتصنع نهضة صناعية من خلال تجربة جمعت التعليم العام والتعليم المهني أتت ثمارها.
شرع المسئولين عن التعليم والصناعة في إنشاء مؤسسات التعليم الفني، بهدف تطوير الصناعة الألمانية، وتعزيز قدرتها التنافسية في السوق الدولية. أصبح التعليم إلزاميًا وحقًا بحكم الدستور، وهو ما انعكس على الميزانيات المخصصة له.
أُقِر نظامًا للتعليم المزدوج يربط التعليم باحتياجات الصناعة والتشغيل، يعزى له الفضل في تخريج طبقة متميزة من العاملين الفنيين المهرة في أدق التخصصات قادت ألمانيا نحو المستقبل.
يقضي التلميذ الألماني يومان في المدرسة لتلقي الدروس النظرية التي تمثل الأساس العلمي للعمل الذي سيقوم به، وفقا للتخصص الذي يقوم باختياره، ويتم قياس استيعابه من خلال امتحانات دورية، بينما يقضي بقية الأسبوع في التدريب العملي في المصنع الموافق لتخصصه.
برغم مجانية الجامعات إلا أن أكثر من 75% من الشعب الألماني يحمل شهادة تعليم فني – وفقا للمركز المصري للدراسات الاقتصادية-
ولم لا فما يجنيه عشرة أكاديميين يساوي راتب عامل واحد.
نجحت ألمانيا عبر بوابة التعليم الفني في أن تكون أكبر اقتصاد داخل الاتحاد الأوروبي EU، ورابع أكبر اقتصاد في العالم، بعد الولايات المتحدة والصين واليابان. بفضل امتلاكها للعمالة الفنية الماهرة التي تميزت في قطاعات عدة حققت نسب هائلة في التصدير على رأسها قطاع السيارات وبناء الآلات والتجهيزات ومجالات الطب والتقنيات النانوية والليزر لتتربع على قمة الهرم الصناعي.
قصة نجاح ألمانيا كانت ومازالت ملهمة لمصر. حيث شهدت مصر محاولات في تسعينات القرن الماضي لتطبيق النموذج الألماني بتجربة مدارس "مبارك كول"، لكن المشروع لم يؤت ثماره المنتظرة بسبب عدم تبني الدولة لرؤية شاملة تربط التعليم باحتياجات السوق.
29 ألف طالب مصري فقط يدرسون في التعليم المزدوج "مبارك كول"- ما يمثل أقل من 3% من مجموع الطلاب المقدر ب٢ مليون طالب- الذين يدرسون في مدارس التعليم الفني البالغ عددها ٢٠٠٠ مدرسة على مستوى الجمهورية.
٥٠٪ من طلاب المدارس الفنية ينتمون إلى التعليم الصناعي، و١٩٪ في التعليم التجاري، و٣١٪ في التعليم الزراعي
-وفقا لوزارة التربية والتعليم والسفارة الألمانية-
نسب نجاح متدنية سجلها طلاب التعليم الفني في مصر العام الماضي بما فيهم طلاب "مبارك كول" -وفقا لوزارة التربية والتعليم-
في الدبلوم الصناعي كانت نسب النجاح "58.71" وفي الدبلوم التجاري 53% بينما كانت في الدبلوم الزراعي 35.38%
في التعليم الفني المزدوج بلغت نسبة نجاح الدبلوم الزراعي 55.98% في مقابل %78.82 للدبلوم التجارى، بينما وصلت نتيجة الدبلوم الفندقى نظام 3 سنوات 75.48% و62.23% لنظام الـ5 سنوات، في حين بلغت نسب النجاح العامة 54.49%.
-احصائيات كاشفة لمستوى التعليم الفني المصري-
التعليم الفني في مصر يحتاج إلى ثورة شعارها "انسف حمامك القديم" تعيد بنائه من جديد على أسس صحيحة في مقدمتها تغيير نظرة المجتمع المصري "الدونية" لهذا النوع من التعليم.
يخطئ البعض حين يظن أن الغاء مسمى "دبلوم صنايع" أمر هامشي وبعيد عن صلب التغيير، إذ أن هذا المسمى يمثل اشكالية حقيقية في الانضمام للتعليم الفني، وتغييره بات أمرًا ضروريًا لتغيير الصورة الذهنية داخل العقل المصري.
ذلك التغيير الذي لابد أن يكون مصاحبًا لتغيير حقيقي في القوانين ونظم التعليم من التعليم النظري إلى ربط التعليم بالصناعة واحتياجات السوق والتشغيل، وهو ما سوف يشجع الأسر المصرية على الحاق أبنائها بالتعليم الفني ويخفف من تكدس الجامعات الذين يقف خريجوها على رصيف البطالة .
خرج من مصر نمر أسود وفي المحروسة ملايين النمور.. ولذلك تستطيع فالمستحيل ليس مصريًا.
المركز الثانى
الكاتب / عيسى جاد الكريم
التعليم الفني وكأس العالم وtevet 2
حدث صعود مصر مونديال كأس العالم فى روسيا عام 2018، أسعد قلوب الملايين من الشعب المصري، بعد غياب 28 سنة، والذي جاء بأقدام النجم محمد صلاح، الذى استطاع إحراز هدف الفوز في الدقيقة الأخيرة في المباراة التي جمعت مصر والكونغو في برج العرب،
ليصبح صلاح صانع البهجة والمحبوب المتوج على قلوب المصريين، فبات ذكر اسمه على كل لسان، وفي كل مكان، وبات رمزًا للتحدي وتحقيق النجاح والانتصار.
وحسناً فعلت الحكومة المصرية بإطلاق اسم محمد صلاح على مدرسة بسيون الثانوية الصناعية بمحافظة الغربية، في لفتة رائعة تعلن فيها الدولة تقديرها للتعليم الفني، بإطلاق اسم أغلى لاعب عربي في الدوري الإنجليزي، وأشهر لاعب مصري ورمز من رموز النجاح على مدرسة ثانوي صناعي.
وهي إشارة قوية للمجتمع كله أن المدارس الثانوية الفنية، لها كل تقدير، فمصر التي وصل تعدادها لما يزيد على 104 ملايين نسمه، 65% في سن الشباب طبقاً للإحصائيات الأخيرة للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بلغ إجمالي أعداد مدارس التعليم الفني 2000 مدرسة (منها 966 مدرسة بالتعليم الصناعي، 824 مدرسة بالتعليم التجاري, 205 مدارس بالتعليم الزراعي، وكذلك بلغ إجمالي أعـداد التلاميذ بالتعليم الثانوي الفني 1.6 مليون تلميذ بنسبة 7.7% من إجمالي المراحل التعليمية، منها 809 آلاف تلميذ بنسبة 49.2% بالتعليم الصناعي، 668 ألف تلميذ بنسبة 40.6% بالتعليم التجـاري (عـام ـ فندقـي)، 168.7 ألف تلميذ بنسبة 10.3% بالتعليم الزراعي من إجمالي التعليم الثانوي الفني.
وأوضح الجهــــــاز المركـــــزي للتعبئــة العـامــــة والإحصــاء أن إجمالي أعداد التلاميذ بالتعليـم التجـاري العـام 615.6 ألف تلميذ بنسبة 92.2 %، التعليم الفندقي 52.4 ألف تلميذ بنسبة 7.8% من إجمالي التعليم التجاري، حيث بلـغ إجمالي أعـداد المدرسـين بالتعليـم الثانوي الفني 148.2 ألف مدرس (منها 96 ألف مـدرس بالتعليم الصناعي بنسـبة 64.8 %، 39 ألف مدرس بالتعليم التجاري بنسبة 26.0 %، 13.7 ألف مدرس بالتعليم الزراعي بنسبة 9.3 %) من إجمالي التعليم الفني.
وهذه الإحصاءات تعطي مؤشرات كبيرة وخطيرة بأن معدلات الالتحاق بالتعليم الفني كبيرة مقارنة بالتعليم الثانوي العام، ورغم أن الأعداد في تزايد، ولكن عدد المدارس لم تتم زيادته بالقدر الكافي، وكذلك عدد المدرسين بالتعليم الفني، الشيء الذي يجب أن يدق ناقوس الخطر بضرورة الاهتمام بمثلث العملية التعليمية، المنشأة التعليمية والمدرس والطالب، بداية من زيادة عدد المدارس وتنوعها، والاهتمام بالمدرس وتحسين دخله بما يساهم في تجويد العملية التعليمية، والاهتمام بالطالب لجعله يحصل على تعليم حقيقي، وفرص عمل حقيقية وليس شهادة تخفي جهلًا مقنعًا.
فالإصلاحات الاقتصادية التي تنفذها الحكومة المصرية حاليًا بهدف توفير البيئة المواتية للاستثمار ضرورية للتوسع في برامج التعليم الفني والتدريب المهني، لتوفير العمالة المدربة، خاصة في ظل المشروعات الكبرى التي تنفذها الدولة، سواء في الضبعة أو محور قناة السويس أو العلمين الجديدة.
الأمر الذي جعل الاستفادة من تجارب الدول الأخرى في التدريب والتطوير مع الدول الشقيقة والصديقة أمرًا حتميًا وضروريًا، بما يمنع تنامي ظاهرة الهجرة غير الشرعية التي تبتلع الشباب في عرض البحر وتضيف أعباء على سكان دول يشعرون بأنهم يدفعون ثمن أخطاء دول أخرى، لم توفر فرص العمل والحياة الكريمة لسكانها.
وأمام هذه التحديات نجد دول الاتحاد الأوروبي التي تطل علينا من الضفة الأخرى من المتوسط بدأت بتطبيق المثل القائل: "لا تعطني سمكة ولكن اعطني سنارة لكي اصطاد"، ومدت لنا يد العون والمشورة من خلال تنفيذ برنامج إصلاح قطاع التعليم الفني والتدريب المهني TVET بالتعاون مع الحكومة المصرية، والذي بدأت مرحلته الأولى من عام 2005 حتى 2013 وقدم الاتحاد الأوروبي 35 مليون يورو، واستمر الدعم والنجاح للمشروع وامتد الدعم من الاتحاد الأوروبي لتنفيذ المرحلة الثانية من البرنامج "TVET 2" بمبلغ إضافي 50 مليون يورو، نظرًا لأهمية هذا القطاع كونه محورًا رئيسيًا للتنمية.
وستؤتي ثمار هذا البرنامج في القريب من خلال تخريج طلاب يساهمون في سد النقص الذي يعاني منه كثير من المصانع، مع وضع البرنامج يده على أوجه القصور والخلل لمعالجتها وتنفيذه ثلاثة برامج مهمة، أولها المكون الأول، والذي يركز على تحسين حوكمة نظام التعليم الفني والتدريب المهني في مصر، وتوفير قاعدة بيانات بالإدارة والاحتياجات بما يساهم في وضع استراتيجية لما يرجئ من التعليم الفني السنوات المقبلة.
وعمله على المشروع الثاني، والذى يهدف إلى تحسين جودة مخرجات التعليم الفني والتدريب المهني لتلبية احتياجات سوق العمل من المهارات ومتطلبات القطاعات الاقتصادية بشكل افضل، بما في ذلك تحسين المناهج والتدريب، لتوفير احتياجات سوق العمل في النهاية وتوظيفها بشكل جيد.
كما يعمل البرنامج على المكون الثالث والمهم، هو تسويق الطالب بعد تخرجه وتوفير فرص العمل من خلال قواعد بيانات بالاحتياجات الفعلية وتوفير التوظيف بعد التوجيه والإرشاد للطلاب بالمدارس بالاحتياجات.
قطاع السياحة والتعليم السياحى يحتل أيضًا جانبًا مهمًا من اهتمامات البرنامج، سواء بتوفير التدريب والتوجيه لطلاب المدارس الفندقية والتعاون مع الشركات السياحية والفندقية في تدريب الطلاب، وتوفير فرص عمل لهم بعد التخرج، بما يحقق أفضل تعليم بأفضل جودة.
ويبقى الأمل في أن تكون كل خطوات الحكومة التي اتخذتها بالتعاون مع الأصدقاء تحقق ما نطمح فيه في دولة قوية توفر فرص العمل لأبنائها ليساهموا في تنميتها الصناعية.
المركز الثالث
الكاتب/ خالد حمزة
اخبار الادب




