الأحد 28 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

"حكايا هن" ... هموم المرأة بعيونها

حكايا هن ... هموم
"حكايا هن" ... هموم المرأة بعيونها
كتب - محمد عبد الخالق

>> دينا أبو الوفا رصدت تفاصيل دقيقة بحياة المرأة قديما وحديثا بحس امرأة

>> لم تقدم تلك الصورة النمطية للمراة ككائن مقهور مظلوم على طول الخط وقدمت نموذجا للفتاة التي تخطئ في اختيارها ولا تستنكف أن تعترف بخطئها وتعمل على تصحيحه

>> مهما تعددت المشاكل ومهما ثقلت الهموم، فإن الصداقة تقوى الشخص وتجعله قادرا على مواجهة هموم الحياة.

>> لم تقتصر تجارب المجموعة على الحب والعشق والجرح والغرام والانتقام، فقد تجاوزت هذه المشاعر وضمت قصصا عن تجارب إنسانية شديدة الثراء

 

في مجموعتها الجديدة "حكايا هن"، تتناول الكاتبة د. دينا أبو الوفا مجموعة من القصص الخاصة بالجنس الناعم، في محاولة لتقديم قراءة مغايرة ومتجددة لشخصية المرأة، توضح حقيقتها وما تحوية حياتها من تفاصيل تصلح لتقديم آلاف القصص والحكايات، وكيف يراها الكتاب والمفكرون قديما وحديثا وماذا كتبوا عنها.

ضمت المجموعة 16 قصة قصيرة، منها: "لحظة ضعف" و"القلب المقتول" و"أشرقت شمس الحب"، و"حياة بلا حياة"، و"أحياء في قلوبنا يسكنون"، و"دموع القمر"، و"فستان زفاف"، و"ذكريات أحلام"، بالإضافة الى أنها خصصت قصة كبيرة وشيقة عن "عيد الحب".

تنقلت المؤلفة في قصصها بين نماذج مختلفة ومتنوعة من البطلات، المتعلمة تعليم عال وصاحبة القدر المتواضع من التعليم، الجميلة الغنية صاحبة المركز والبسيطة الفقيرة التي تعيش في منطقة شعبية، تتلهف على أول يد تطرق بابها لتطلب الزواج من إحدى بناتها، لتكشف صورا متنوعة ومتعددة من تفاصيل الحياة التي في الحقيقة لا تخص المرأة وحدها، وإنما تمثل قضية مجتمع بأثره، يشاركها المسئولية ويتحمل وزرها.

 

لوحة للفنانة التعبيرية هالة الشاروني

 

لم تقتصر التجارب التي أوردتها د. دينا أبو الوفا في مجموعتها على الحب والعشق والجرح والغرام والانتقام، فقد تجاوزت هذه المشاعر ولم تقع سجينة لها، وكتبت عن تجارب إنسانية شديدة الثراء والحقيقية، مثل تجارب الحنين إلى الماضي وعلاقات الصديقات كما في قصتها "أحياء في قلوبنا يسكنون" التي استعرضت فيها كيف يمكن للصداقة أن تكون أشد قوة وتماسكا من علاقات الدم، وكيف يمكن أن يعيد فقد صديقتها لوالدها كل مشاعر وذكريات فقدها لوالدها رغم مرور السنين، التي لم تفلح في أن تمحو من ذكراها ذلك اليوم الحزين، ولا من حلقها تلك الغصة الخانقة.

لم تقدم تلك الصورة النمطية للمراة ككائن مقهور مظلوم على طول الخط، ملاك لا يخطئ، ففي قصتها "عيد الحب" نجدها تقدم بكل أريحية قصة تمر بها الكثير من فتياتنا وفتياننا على حد سواء، ولم تستنكف أن تعترف بقصور تفكير بطلتها وخطئها الذي كشفته لها الأيام، واعترفت به وقررت تصحيحه، عندما قررت الارتباط في سن صغيرة بشاب غير مؤهل لتحمل المسئولية، ورغم اعتراض والديها فإنهما قررا تركها لخوض التجربة حتى تخرج منها بدرس وقرار تكون مقتنعة به، وهو ما حدش عندما قررت بنفسها إنها تلك التجربة التي اكتشفت أنها لن يكتب لها النجاح، وبقوة وبفضيلة الاعتراف بالخطأ اتخذت القرار الذي رأته صحيحا، واحتفلت بـ"عيد الحب" مع أسرتها، فليس من الضروري أن يكون الحب فقط بين حبيبين أو زوجين، فالصداقة حب والاخوة حب والظابوة حب والأمومة حب، وكل هؤلاء يستحقون منا الاحتفال بوجودهم في حياتنا.

كما تناولت قصة "دموع هويدا" وتعاملت بشكل حساس مع قضية زواج البنات فى سن صغيرة، وظاهرة زواج البنات الفقيرات من رجال عرب وما يتعرضن له من مشاكل عديدة، ثم استمرار مسلسل المعاناة مع زوج لا يعرف معني الرجولة ويلقى بالمسئولية كاملة على كاهل زوجته، في سرد بسيط وسلسل يمتاز بلغة تنساب دون أية عوائق قادرة على نقل المعنى مخلوطا بمشاعره.

 

 لوحة للفنان التشكيلي وليد الزعبي

 

وفي قصتها "هن وقصصهن"، كتبت د. دينا أبو الوفا عن المرأة العصريةالمثقفة ابنة الطبقة الاجتماعية الميسورة، التي تستطيع الاستقلال بحياتها وقرارها، والتي رغم هذا تمر بأشكال مختلفة من المعاناة لا تميز بين فقيرة وغنية أو متعلمة أو غير متعلمة، فهذه زوجها يخونها رغم حبها الشديد له، وهذه تحب شخصا لا يشعر بها، وهذه تحب شخصا ولكنها تقرر الابتعاد عنه خوفا منه ومن طريقة تعاملة المستهترة مع الفتيات... إلخ.

ثم تختم القصة بصورة جماعية لبطلاتها وخلفهن مشهد غروب الشمس، في رسالة ذات مغزى وهو أن مهما تعددت المشاكل ومهما ثقلت الهموم، فإن الصداقة تقوى الشخص وتجعله قادرا على مواجهة هموم الحياة.

صدرت مجموعة "حكايا هن" للكاتبة الدكتورة دينا أبوالوفا عن "دار النخبة للنشر والتوزيع"، وشاركت بها فى فعاليات معرض القاهرة الدولى للكتاب.

 

تم نسخ الرابط