تصاعد العداء مع الصين بعد إقرار التعريفة الجمركية بأمريكا
كتب - عبد الحليم حفينة
بعد يوم واحد من الإعلان الرسمي لتطبيق التعريفة الجمركية الجديدة على واردات الحديد والألومنيوم، فتحت الولايات المتحدة الأمريكية اليوم طريقًا لمزيد من الإعفاءات، بعد ضغوط كبيرة مارسها حلفاؤها، إلى جانب المشرعين الأمريكيين أنفسهم، الأمر الذي يخفف من الإجراءات التي تم الإعلان عنها أمس الجمعة.
كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي يتمتع بصلاحيات واسعة قد أقرَّ رسومًا جديدة تتعلق بفرض تعريفة جمركية قيمتها ٢٥٪ على واردات الحديد، و١٠٪ على واردات الألومنيوم، وقد منح كل من كندا والمكسيك إعفاءات من المرسوم الجديد لمدة ٣٠ يومًا، باعتبارهما شركاء بلاده في اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية –نافتا.
.jpg)
إعفاءات جديدة
وبعد أن فتح ترامب الباب للإعفاءات، طالبت كل من البرازيل واليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا وأوروبا بمعاملة خاصة، في حين دعا المصنعون الصينيون بكين للرد العملي على تلك الإجراءات التي تستهدفهم بشكل مباشر.
وقال ترامب، أمس الجمعة، إنه تحدث مع رئيس الوزراء الأسترالي مالكولم تيرنبول بشأن التعاون التجاري والعسكري؛ حيث أشار إلى أن العمل جارٍ بسرعة كبيرة على اتفاق أمني بين البلدين، لذلك لا يتعين فرض رسوم على الصلب أو الألومنيوم على حليفنا.
وقال وزير الخزانة ستيفن منوشين في وقت سابق إنه يتوقع إعفاء بلدان، بالإضافة إلى المكسيك وكندا خلال الأسبوعين المقبلين.
عندما تم الإعلان عن التعريفات المقترحة في البداية، دخلت أسواق الأسهم في ذيل حول مخاوف من أنها ستشعل حربًا تجارية عالمية.
ولكن بما أن ترامب أشار إلى أن الإعفاءات ممكنة، فقد تم قياس رد الفعل، وتمت معايرة التهديدات المضادة بعناية حتى الآن.
وقد سادت حالة من القلق بعد الإعلان عن التعريفات المقترحة؛ تخوفًا من نشوب حرب تجارية، ولكن بعد إعلان ترامب عن إعفاءات ممكنة، بدى أن هناك توازنات يجرى الترتيب لها، الأمر الذي من شأنه تهدئة الأجواء.
ووفقًا لـ"رويترز"؛ ففد قال داني رودريك، أستاذ الاقتصاد السياسي الدولي في كلية جون ف. كينيدي للعلوم الحكومية بجامعة هارفارد وأحد أفضل الخبراء العالميين في مجال التجارة: "الحقيقة إن الإجراءات التجارية التي اتخذها ترامب حتى الآن ترقى إلى حجم البطاطس الصغيرة، وعلى وجه الخصوص فإنها باهتة بالمقارنة بحجم ونطاق السياسات الحمائية لإدارة الرئيس رونالد ريجان في الثمانينيات."
.jpg)
الصين الهدف
يبدو أن الهدف من إجراءات ترامب العقابية هو الصين؛ بعد أن ساعدت توسعات طاقتها على زيادة الفوائض العالمية من الفولاذ، كما أن الصين هي الهدف المحتمل لإجراءات أمريكية أوسع نطاقًا بكثير؛ بعدما قالت واشنطن إن الصين تسرق الملكية الفكرية، مما أثرَّ على الصناعة الأمريكية.
وقد تعهدت بكين "بالدفاع بحزم عن حقوقها ومصالحها المشروعة". وقالت وزارة التجارة إن التعريفات "ستؤثر بشكل خطير على النظام الطبيعي للتجارة الدولية."
ففي العام الماضي، استوردت الصين 3.2 مليون طن من الفحم الأمريكي، تبلغ قيمتها نحو 420 مليون دولار، وما يقرب من خمسة أضعاف الكمية التي استوردتها في عام 2016. وقد دافع ترامب عن صادرات الفحم مع تراجع الطلب من شركات الطاقة في الداخل.
وقد أعلنت هيئة صناعة المعادن في الصين أكثر التهديدات وضوحًا؛ حيث حثت الحكومة على الانتقام من خلال استهداف الفحم الأمريكي - وهو القطاع الذي يعتبر مركزيا لقاعدة ترامب السياسية، بالإضافة إلى تعهده الانتخابي، لاستعادة شأن الصناعة الأمريكية وتعزيز الوظائف ذات الياقات الزرقاء.
وقد أثارت هذه الأزمة المخاوف حول صادرات فول الصويا، الذي يعتبر أكثر صادرات الولايات المتحدة قيمة للصين؛ حيث من المتوقع أن يدخل في دائرة الصراع.
.jpg)
إعفاءات الحلفاء
رفضت طوكيو إلى جانب الاتحاد الأوروبي أي تصريحات بأن صادراتها إلى الولايات المتحدة تهدد الأمن القومي للبلاد - مبرر ترامب لفرض التعريفات الجديدة، وقال جيركي كاتاينن نائب رئيس المفوضية الأوروبية "نحن حلفاء ولا نمثل أي تهديد".
البرازيل التي تعتبر أكبر مورد للصلب في السوق الأمريكية بعد كندا، أعلنت عن أنها تريد الانضمام إلى قائمة الإعفاءات، وكذلك أبدت الأرجنتين نفس الرغبة تجاه إعفائها.
وفي السياق ذاته قال كبير أمناء مجلس الوزراء يوشيهيد سوجا في مؤتمر صحفي، "إن شحنات اليابان من الصلب والألومنيوم لا تشكل أي تهديد للأمن القومي للولايات المتحدة"، وتعتبر اليابان ثاني أكبر حليف اقتصادي وعسكري للولايات المتحدة في آسيا.
وقالت مفوضة التجارة الأوروبية سيسيليا مالمستروم في بروكسل، إن الاتحاد الأوروبي أكبر تكتل تجاري في العالم، وأضافت، "أن أوروبا بالتأكيد ليست تهديدًا للأمن الداخلي الأمريكي، لذا فإننا نتوقع استبعادها من التعريفة الجديدة".
ولفتت مالمستروم أنها سوف تلتقي الممثل التجاري الأمريكي روبرت لفتايزر، ووزير التجارة الياباني هيروشيجي سيكو في بروكسل يوم السبت؛ حيث ستسأل عما إذا كان الاتحاد الأوروبي سوف يتم تضمينه في التعريفات الجمركية.
وفيما يتعلق بكوريا الجنوبية التي تعتبر أحد مصدري الصلب للولايات المتحدة؛ قال وزير التجارة بايك أون جيو في اجتماع مع مصنعي الصلب "يجب أن نمنع احتمالات أي حرب تجارية، والتي تعززها الإجراءات الحمائية المفرطة التي تضر لعالم بأسره."
وقال متحدث رئاسي، إن رئيس مكتب الأمن القومي الكوري الجنوبي تشونغ إيوي يونج طلب من المسؤولين الأمريكيين دعم طلب سيول للحصول على تنازل فيما يخص الإعفاءات، بينما بعث برسالة إلى واشنطن، لدفع المحادثات الدبلوماسية مع كوريا الشمالية.



