"كوبا".. بعد 6عقود من رئاسة الأخوين كاسترو..إلى أين؟
كتب - مصطفى سيف
توقعات بتغيير في قضايا حقوق الإنسان والعلاقات الدبلوماسية
هل ستتخطى كوبا مرحلة الأخوين كاسترو بعد 6 عقود؟، هل سيستطيع الرئيس الجديد أن يحقق التنمية وتحسين العلاقات مع الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بعد تدهورها؟، كيف سيتعامل الرئيس الجديد مع الأزمات الداخلية؟، أسئلة عدة يطرحها العهد الجديد لما بعد "الأخوين كاسترو".
تستقبل كوبا في الأيام القليلة المقبلة أول رئيس لا يحمل اسم كاسترو، وهناك اتجاه قوي لاختيار البرلمان الكوبي لنائب الرئيس الأول، ميجيل دياز كانيل، الذي يبلغ من العمر 56 عامًا، في وقت تتجه فيه العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية إلى أدنى مستوياتها.
جاء من المجهول وأصبح أحد أهم رجال كوبا بعد مرحلة "الأخوين كاسترو"، هكذا يُعرف "كانيل" الذي تشير بعض التقارير إلى غموض شخصيته، وندرة المعلومات التي تُعرف عنه، بحسب تقرير لـ"نيويورك" تايمز الأمريكية، فإنه ارتقى بثبات عبر صفوف الحزب الشيوعي من سكرتير الحزب في مقاطعة فيلا كلارا لنائب الرئيس الأول، إلا أنَّه يشبه كثيرًا "كاسترو".
فيدل كاسترو ظلَّ في السلطة فترة طويلة، حتى إنَّه توقّع أن يموت أثناء وجوده في السلطة، ولكن في عام 2008 أجرى جراحة فاشلة في الأعماء، ونتيجة مرض غامض، اضطر للتنحي، وتُوفي في عام 2016، فاستبدل الحزب الشيوعي الكوبي أخوه الأصغر راؤول كاسترو الذي وعد بجعل ثورتهم "مزدهرة ومستدامة".
.jpg)
حقوق الإنسان
كانت القصة المُثارة حول تدهور العلاقة بين واشنطن وهافانا هو حقوق الإنسان، وتضييق الخناق على الحقوقيين في مباشرة عملهم، إلا أنَّ اجتماع مُصوَّر في العام الماضي شهد حضورًا مميزًا لـ"كانيل"، وهو يدافع عن نشطاء حقوق الإنسان، إلا أنَّ البعض يتصوَّر أنَّه لن يكون لديه الكثير من الحرية لتغيير تجاهات "كاسترو"، إلا أنَّه يرغب في تحقيق إصلاحات داخلية.
في 2016؛ أصدرت منظمة العفو الدولية تقريرًا قالت فيه إنّه لا يُسمح لها- إلى جانب عدة مراقبين دوليين مستقلين لحقوق الإنسان- بالدخول لكوبا، وتقول المنظمة في تقريرها إنَّه غالبًا ما تخضع أجهزة الهاتف الأرضي، والهاتف المحمول، والأجهزة المتصلة بالإنترنت التي تنتقد الحكومة، والناشطون في مجال حقوق الإنسان، والصحفيون إلى الرقابة أو تُعطل الخدمة إذا اقتضى الأمر.
في يونيو 2016، أعلنت كوبا أنَّ هناك خلافات عميقة مع الاتحاد الأوروبي بشأن قضية "حقوق الإنسان"، مؤكدة أنَّها تنوي إحراز تقدُّم في هذه المسألة وعلى صعيد "عملية بناء علاقات أفضل"، لافتة الى ان المباحثات تناولت "الحقوق المدنية والسياسية (...) والاقتصادية والاجتماعية والثقافية".
في فبراير 2018، أصدرت منظمة العفو الدولية (أمانستي) تقريرها بشأن حقوق الإنسان في كوبا، وقالت إنَّ الاعتقالات التعسفية والفصل العنصري من الوظائف الحكومية والمضايقات في العمل الحر لإسكات النقد، لا زالت مستمرة، علاوة على غلق الأبواب في وجه المراقبين لحقوق الإنسان.
وقالت في تقريرها، إنَّ اللجنة الكوبية لحقوق الإنسان والمصالحة الوطنية (وهي منظمة غير حكومية كوبية غير معترف بها رسميًا من قبل الدولة) أعلنت احتجاز ما يزيد عن خمسة آلاف كوبي احتجازًا تعسفيًا في عام 2017، وهي النسبة الأقل من 2016 والتي تُقدَّر بـ9.940 في 2016.
.jpg)
وأضافت المنظمة: "نهاية ولاية راؤول كاسترو كرئيس لكوبا، والتي من المتوقع أن تنتهي في 19 أبريل اليوم الخميس، تمثل فرصة تاريخية لإصلاح وضع حقوق الإنسان في كوبا، وقال جيفارا روساس، مدير برنامج الأمريكيتين بمنظمة العفو الدولية: "إن هذا بمثابة لحظة مناسبة للمشاركة في حوار جوهري وبناء بشأن مستقبل كوبا. ويجب على الرئيس الجديد أن يغتنم هذه الفرصة للبناء على التقدم في مجال حقوق الإنسان في هافانا".
ولكن رغم ذلك؛ يخشى البعض من ملف حقوق الإنسان في كوبا وأن يُلقي "الأخوين كاسترو" بظلالهما على أي حكومة مقبلة، فعلى الرغم من تنحيه عن الرئاسة، سيبقى راؤول الأمين العام للحزب الشيوعي الكوبي (الحزب الرسمي الوحيد الذي يحدد جدول أعمال الدولة)، وسيحتفظ بمنصبه كرئيس للقوات المسلحة. التي تسيطر على حصة كبيرة من الاقتصاد القيادي في كوبا.
العلاقات مع الولايات المتحدة
يتوقع الكثير من المراقبين الأجانب أن تدهور العلاقات أكثر فأكثر مع الولايات المتحدة الأمريكية، ما يثير عدة تكهنات حول كيفية رد فعل إدارة ترامب على رحيل الأخوين كاسترو الذي طال انتظاره من السلطة، بحسب ما قال تيد بيكسوني، زميل في معهد بروكينجز.
ويقول "بيكسوني" في مقاله المنشور على موقع معهد بروكينجز، إنَّ إقامة انتخابات حرة ونزيهة، واحترام كامل لحقوق الإنسان، قد يجعل الولايات المتحدة الأمريكية في أزمة ويعيق أي محاولة للتكيف مع الظروف المتغيرة، وبناء حوار بديل عن سياسة التهديد والوعيد التي تتبعها واشنطن مع هافانا منذ ستة عقود.
استغل أوباما إعلان كوبا انفتاحها ورغبتها في الجلوس على مائدة المفاوضات لفترة قصيرة لمدة سنتين شملت الاعتراف الدبلوماسي، والتعاون الثنائي في المجالات ذات الاهتمام المشترك، والدعم الأمريكي المستمر لمطالبة الشعب الكوبي بالحرية السياسية والاقتصادية.
أوباما اتخذ هذه الخطوات بعد أن تبنت حكومة راؤول كاسترو إجراءات ملموسة نحو الإصلاح ، مثل الحد من حجم القطاع العام المتضخم ، وفتح قنوات جديدة لرجال الأعمال في القطاع الخاص، وتوسيع الحريات الشخصية للكوبيين لشراء وبيع الممتلكات، والوصول للإنترنت، والسفر داخل وخارج الجزيرة بحرية أكبر.
.jpg)
الاقتصاد
في مقال لصحيفة "التايمز" يقول كريستوفر سابتيني، وهو محاضر في كلية الشؤون الدولية والعامة بجامعة كولومبيا، إنَّ شريان الحياة الاقتصادي الذي يوفره النفط المدعوم من فنزويلا بدأ في النضوب، وكوبا ليس لديها الكثير لتُصدِّره إلى الخارج، خاصة في ظل قوانين الاستثمار الأجنبي التي شُرِّعت في 2014 لم تحقق أهدافها، فحتى النجاحات المدعومة بدرجة كبيرة (رغم أنها مبالغ فيها) للثورة في مجال الرعاية الصحية والتعليم تآكلت بسبب النقص وقلة الاستثمار الحكومي.
ويضيف "سابتيني"، إنَّ التحدي الاقتصادي الرئيسي في توحيد نظام العملة المزدوجة في كوبا، الذي يستخدم البيزو المحلي والبيزو الدولي المنفرد للتداول مع البلدان الأخرى سيؤدي لحدوث اضطرابات في الاقتصاد، وزيادة أسعار السلع المستوردة، مما يؤدي إلى التضخم والبطالة.
يرى كاتب المقال أنَّ هافانا هي المكان الذي يجب أن تأتي إليه الولايات المتحدة للاستثمار فيه، خاصة أنَّ ليس من مصلحة أمريكا عدم تشجيع الاستثمار، لأن ذلك سينتج عنه انفجار داخلي اقتصادي واضطرابات اجتماعية وموجات من المهاجرين للشواطئ الأمريكية.
وطرح "سابتيني" إمكانية إعطاء البنوك مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي (بطلب من واشنطن) علاوات خاصة لتقديم مساعدات اقتصادية للحكومة الكوبية المقبلة مع توفير غطاء دولي للجهود التي تقودها الولايات المتحدة، مشترطًا أن يكون ذلك تماشيًا مع منع قمع الاحتجاجات.
لكن أكَّد أنَّ القيام بذلك يتطلب إعادة موظفي السفارة الأمريكية إلى مستويات ما قبل ترامب حتى يمكن للمسؤولين إجراء اتصالات أوسع مع الحكومة ومع السكان - كما تم التفاوض عليه في ظل إدارة أوباما، حتى لو كان ذلك تدريجيًا، فإن تغيير الأجيال سيأتي لكوبا. وسواء كان "كانيل" يريد ذلك أم لا، فإن البلاد تواجه قرارات اقتصادية صعبة.



