السبت 20 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

فتنة القرضاوي في قطر تشتعل

فتنة القرضاوي في
فتنة القرضاوي في قطر تشتعل
كتب - عادل عبدالمحسن

الخليجيون: جماعة الإخوان لا دين ولا ذمة ولا أخلاق ونظام الحمدين يكابر

أمجد طه ناصحا تميم: لا تثق في الإخوان المسلمين سيبيعونك إن لم تبعهم فهم مواطنون للإيجار

 

بينما التزم نظام الحمدين في قطر الصمت حول تصريحات فلاديمير تيتورينكو، سفير روسيا السابق بدولة قطر، في مقابلة أجراها مع قناة روسيا اليوم وكشف خلالها أن القيادي الإخواني يوسف القرضاوي أبلغه أن النظام القطري سينهار مثلما انهارت بعض الأنظمة العربية فيما أسماه ثورات الربيع العربي.

أشعلت تصريحات السفير الروسي السابق الأوساط السياسية مواقع التواصل الاجتماعي في دول الخليج العربي وشهدت التدوينات القصيرة على "تويتر" تأكيدات لنوايا تنظيم الإخوان الإرهابي في السعي للسيطرة على الدول الخليجية.

وقال الأمير سلطان بن سحيم آل ثانٍ إنه حذر ونبه كثيرا من السيطرة الإخوانية على قطر إلا أن تحذيراته من سيطرة الإخوان "لم تزد ذلك نظام الحمدين إلا غرورا وإمعانا في السير بالطريق المظلم".

وأشار الشيخ سلطان على حسابه الرسمي بموقع تويتر إلى أن "نظام الحمدين اشترى قرب الإخوان الإرهابيين وباع جيرانه وحلفاءه الحقيقيين".

واعتبر بن سحيم أن ما قاله السفير الروسي "وفضحه دور القرضاوي الرئيسي في السياسة الخارجية لقطر" يؤكد "حقيقة موقفه من نظام الحمدين ودعمه للمتطرفين".

وفي تغريدته على توتير تقدم الإعلامي أمجد طه، الرئيس الإقليمي لـ"المركز البريطاني لدراسات وأبحاث الشرق الأوسط" بنصيحة لأمير قطر تميم بن حمد آل ثان فحواها أن القرضاوي كان يؤيد بشار الأسد وأول من حرض ضده، وكان صديق القذافي وأول من أفتى بقتله، فلا تثق في الإخوان المسلمين سيبيعونك إن لم تبعهم، فهم مواطنون للإيجار.

وقال طه موجها حديثه إلى أمير قطر: لسنا من مؤيدي القذافي أو بشار الأسد لكن نقول لا فرق بينهم وبين الإخوان.

في حين اكتفى الفريق ضاحي خلفان رئيس شرطة دبي الأسبق وأحد أبرز الخبراء الأمنيين في الخليج بنشر تغريدة دون تعليق منه مكتفيا بوضع علامة تعجب آخرها وقد جاءت نصا كما كتبها "السفير الروسي في قطر: القرضاوي كان يتصل أمامي بالديوان الأميري ويأمرهم بصرف الأموال للمعارضين.. وقال لي حرفيا: الدور سيأتي على حكام قطر وسيثور الشعب ضدهم!"

أما الناشط الخليجي الذي يسمى نفسه "سياسي حر" ويضع صورة ولي العهد السعودي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان على صفحته فغرد: "دبلوماسي روسي: القرضاوي يتوقع لنظام قطر بالسقوط حاله كحال بقية الدول في الربيع العربي. جماعة الإخوان لا دين ولا ذمة ولا أخلاق".

وفي سياق ذي صلة نشر الكاتب الصحفي السعودي عبد الرحمن الراشد مقالا مطولا عن هذه الواقعة تناول فيه كل وقائع لقاء السفير الروسي مع قناة "آر. تي" الروسية

وقال الراشد في مقاله في حديثه عن ذكرياته الدبلوماسية، عرّج السفير الروسي السابق لدى قطر، فلاديمير تيتورينكو، على تجربته في قطر، وروى حوارًا مثيرًا جرى بينه وبين زعيم «الإخوان» يوسف القرضاوي.

يروي السفير في أحد برامج قناة «روسيا اليوم»: «قال لي القرضاوي: (على روسيا أن تقبل بحقيقة أن الأنظمة الدموية، والفاسدة، في البلدان العربية يجب أن تزول، وأن الشعوب سئِمَت من حكوماتها القديمة، ويجب أن تحل محلها قوة المجتمع. وعندما تتخلص هذه البلدان من حكامها المنتهين، فستتمكن من بناء مجتمعات مزدهرة مبنية على تقاليدنا الأصيلة). عندها سألته: (أرجو المعذرة، أنت تردد باستمرار كلمة الديمقراطية؛ فهل تعتقد أن النظام في البلد الذي تعيش فيه ديمقراطي؟ أقصد قطر، والبلدان المجاورة الأخرى التي لا توجد فيها أحزاب سياسية، ولا برلمان، بل أنظمة ملكية مطلقة، فهل هذا ديمقراطي؟) فأجاب: "لا، ولكن دورها سيأتي أيضا".

ويستطرد السفير في حديثه، في برنامج «رحلة في الذاكرة»: «أعدت سؤالي: (هل تقصد أنه من الضروري الإطاحة بحكام قطر وأمرائها أيضا؟)، فأجاب: "على الأمراء في البداية أن يقوموا بدورهم، والشعب فيما بعد سيطيح بهم".

ويعتقد السفير أن للقرضاوي نفوذًا في قطر، حيث كان يتصل مثلًا بالديوان الأميري... لتعرض المحطة المزيد من اللقطات الفظيعة، قالها أمامي.. قال: "اعرضوا المزيد من اللقطات التي فيها كثير من الدماء وقتل الأطفال أكثر ما يمكن".

ويعلق المذيع: "حقًا؟! إنه أمر مريع"

فيرد السفير: «بالفعل، أبلغت موسكو بذلك، وكتبتُ لهم انطباعي بأن القرضاوي يعطي تعليمات إلى قيادة قطر حول كيفية التصرف دعائيًا، ويطلب أن يظهروا مذابح الأطفال والنساء على محطات التلفزيون». رواية السفير تيتورينكو، وانطباعاته لا تدهشنا، ولا تضيف جديدًا، لكنها شهادة من دبلوماسي تقاعَد ليس طرفًا في الخلاف، بل العكس؛ روسيا على وفاق مع بعض حلفائهم، مثل إيران و"حزب الله".

والذي يسمع ما تحدث به القرضاوي، وشهد به السفير الروسي، وهو ما يقوله في العلن آخرون من أتباع القرضاوي، قد يجد فيه شهادة لـ«الإخوان»، وليس شهادة عليهم. وهي أن رؤيتهم، ومنهجهم لنظام الحكم حداثي يؤمِن بنظام المشاركة السياسية من خلال الديمقراطية.

ولا يتسع المجال هنا لنقاش ذلك، سوى بأن أوضح أن العبارات والخطب السياسية للجماعات الإسلامية، خصوصًا «الإخوان»، تتميز بمفردات سياسية متطورة، لكنها في الحقيقة مضلِّلة لا تعكس منهجهم الثيولوجي الديني الإقصائي.

خلال «الربيع العربي» في عام 2011، حاولوا القبض على تلك اللحظة التاريخية، فتخلوا عن الحديث عن المشروع الديني السياسي «الإسلام هو الحل»، وتماهوا مع الوضع الجديد، وركزوا في خطابهم على ثلاث كلمات: «حرية.. وحقوق.. وانتخابات»، لينسجم مع انتخابات مصر وتونس.

إنما الحقيقة ناقصة؛ الديمقراطية مصطلح نسخته الجماعة وربطته بمفاهيم دينية قاسية فاشية تضمن الحكم لجماعة بعينها من حيث الترشح والحكم إلى الأبد، تمامًا كما هو حال ديمقراطية إيران الخمينية التي تتغنى بالانتخابات الفارغة حتى هذا اليوم، وقد أعدمت عشرات الآلاف من شركائها في الثورة المنتمين لتجمعات قومية ويسارية.

كما أن حديث القرضاوي، وفق رواية السفير، عن قطر وبقية ممالك الخليج ليس غريبًا، أيضا؛ فالجماعة الدينية استخدمت الشاه في فترة عصيبة من حكمه، و«الإخوان المسلمون» ركبوا حصان الديمقراطية في غزة، ولم ينزلوا عن الحكم إلى اليوم، وحوَّلوا القطاع إلى حامية إيرانية، وهو ما فعله «الإخوان» عندما مُنِحوا الفرصة في السودان؛ استولوا على الحكم وأسقطوا حكومة الصادق المهدي المنتخبة.

لهذا لن توهمنا الجماعات الفكرية المتطرفة بأنها حقًا تريد التغيير الشعبي، وتريد المشاركة السياسية، وتؤمن بالحقوق والانتخابات، لأنها ليست كذلك. الشيوعيون، أيضا، كانوا يستخدمون الخطاب نفسه.

لكن لا أرى ما يراه السفير السابق من أن القرضاوي يدير قطر.. الأرجح له دالّة في البلاط مستغلًا تقريب «الإخوان» وبعض القوميين العرب. ونحن مثل السفير لا نفهم كيف لساسة قطر أن يغفلوا عمن يتآمر عليهم، فهي مسألة لا يوجد لها تفسير علمي، ولا منطق تاريخي.

 

 

تم نسخ الرابط