أنفاق قناة السويس تقضى على عزلة سيناء بعد 65 يومًا من الآن
كتب - عادل عبدالمحسن
دموع القائد تنهمر عندما رأى ماكينة الحفر تخرج من الجانب الآخر بنفق الإسماعيلية
بينما كانت أشعة الشمس تداعب أمواج مياه قناة السويس صباح يوم 23 ديسمبر الماضي انهمرت دموع القائد عندما شاهد الرئيس عبدالفتاح السيسي خروج ماكينة الحفر العملاقة بعد الانتهاء من أعمال الحفر والتبطين بأنفاق قناة السويس بالإسماعيلية.
في واحدة من أكبر المشروعات القومية حفرت مصر 4أنفاق أسفل قناة السويس لربط أرض الفيروز بباقي أجزاء الوطن وتسهيل حركة المواطنين من غرب القناة إلى شرقها والعكس وذلك بعد مرور 149عامًا على حفر قناة السويس القديمة.
يوم 30 يونيو المقبل سوف يتوقف التاريخ إيذانًا بعبور أول سيارة في الأنفاق الأربعة أسفل القناة وقتها سنجد المصريون يبكون فرحا على عظمة الإنجاز وعلى الجانب الآخر سيبكى أيضا المتآمرون على إحباط مؤامراتهم ضد مصر.
فريق هندسي في مهمة وطنية
لم يكن قد مر وقت طويل على تقلد الرئيس عبدالفتاح السيسي منصب رئيس جمهورية مصر العربية، عندما اجتمع في عام 2014 للعمل في الأنفاق، مع فريق هندسي بحضور المهندس هاني عازر خبير الأنفاق العالمي، وقيادة اللواء أركان حرب مهندس كامل الوزير رئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة وشركات ومكاتب هندسية استشارية ورغم طموحهم وحماسهم الوطني كانوا خائفين من ضخامة المسؤولية لم يكونوا يعرفون بعضهم بعضا، الجميع كان خائفًا من عدم إتمام المشروع، نظرا لضخامة تحدياته حيث إنهم بدأوا من الصفر، فالمشروع له مراحل عدة ومختلفة بداية من المجسات والتصميم والرسم وتمهيد التربة وجلب المعدات وبدء الحفر، إلا أنها جميعًا تم إنجازها في 15 شهرًا فقط، في إنجاز عالمي لم يشهد أي منطقة في بقاع المعمورة.
وفى الاجتماع برئاسة رئيس الجمهورية الذي لم تكن قد مر على تقلده منصبه أيام بدأ بعرض المعلومات حول التغلب على صعوبات المشروع في مؤتمرات عالمية من باب التسويق للمشروع من خلال الشباب المصري، وبعد إجراءات عديدة تم إنجازها في أيام، وهي في العادة تستغرق سنوات بدأت أعمال الحفر بعد جلب القوات المسلحة 4 ماكينات حفر مصرية والتي تم تصنيعها في ألمانيا.
في الإسماعيلية يتضمن المشروع نفقين تنفذهما شركتا "كونكورد" و"بتروجت"، لعبور السيارات يخدم كل نفق اتجاهًا مروريًا واحدًا، للربط بين طريق بورسعيد القاهرة غربًا، وطرق القنطرة شرق رأس سدر شرق قناة السويس.
وفي شهر مارس 2015 انطلق العمل في المشروع على وتيرة واحدة بدون توقف ولمدة 24 ساعة، حتى في أيام الأعياد والإجازات، ويتم العمل بواقع ورديتين من الساعة السابعة صباحا وحتى السابعة مساء، ومن السابعة مساء وحتى الساعة السابعة من صباح اليوم التالي.
العمل في الأنفاق كخلية نقل طوال 15شهرًا
وطوال 15 شهرًا ويسير العمل في مواقع الأنفاق كخلية النحل ما بين سيارات قادمة بالحلقات الخرسانية وأخرى لنقل العمال إلى الموقع وعمال آخرين يرشدون الجميع لتطبيق معايير الأمن والسلامة في الموقع، وحركة دائبة في مصنع الحلقات الخرسانية، وعلى ماكينات الحفر العملاقة، وتفتيش الزائرين والقادمين إلى الموقع بكل دقة، في سيمفونية رائعة لا نشاز فيها، بالرغم من العمل على مدار اليوم بدون توقف.
في نفقى الإسماعيلية الشمالي والجنوبي يسير العمل في المشروع على قدم وساق، حيث يصل طول كل من النفق الشمالي والجنوبي إلى 4 كيلو مترات و800 متر، وتم الانتهاء من أعمال الحفر بالنفقين ولم يتبق سوى الأعمال الإنشائية والدهانات والأناة وأجهزة الاتصال وغيرها من اللامسات الأخيرة، وقد تم تصميم النفق الجنوبي ليكون السير في الاتجاه من الإسماعيلية إلى سيناء، بينما السير بالنفق الشمالي في الاتجاه المعاكس من سيناء إلى الإسماعيلية، وبخروج ماكينات الحفر في شهر ديسمبر الماضي، بدأت أعمال التشطيبات داخل الأنفاق الأربعة من الأعمال الكهروميكانيكية، وتزويدها بوسائل مكافحة الحريق وتركيب كاميرات المراقبة.
وشلمت أعمال شق النفقين إنشاء 4 آبار للصيانة "تحتوى على بيارتى تهوية في كل بيارة صيانة" بجانب 4 ممرات هروب عرضية، حيث تم ربط النفقين بمجموعة من الممرات العرضية المتكررة كل 1000 م من طول النفق والتي تستخدم في عمليات إخلاء الأفراد في حالات الطوارئ
ماكينات الحفر مصرية وليست مستأجرة
وكان قد تم إنشاء مصنع إنتاج الحلقات الخرسانية على مساحة 14500 م2 بطاقة إنتاجية قصوى 15 حلقة / يوم، ومنطقة لتخزين المنتج على مساحة 25900 م2 تكفي لتخزين 928 حلقة خرسانية، تتكون الحلقة الخرسانية الواحدة من (9 قطع Segments) بإجمالى كمية 45م3 خرسانة و4.5 طن حديد (إجمالي وزن الحلقة 112 طنًا.
أما نفقا جنوب بورسعيد فيمران أسفل قناة السويس عند علامة الكيلو 19.150 ترقيم قناة. ويبلغ طول النفق الواحد 3920م (2851 م ويعمل كل نفق منهما في اتجاه واحد مغاير للآخر.
ويحتوى النفقان على 4 آبار للصيانة "تشملان بيارتى تهوية في كل بيارة صيانة" –4 ممرات هروب عرضية "يتم ربط النفقين بمجموعة من الممرات العرضية المتكررة كل 1000 م من طول النفق والتي تستخدم في عمليات إخلاء الأفراد في حالات الطوارئ.
كما تم إنشاء مصنع إنتاج الحلقات الخرسانية على مساحة 10000م 2 بطاقة إنتاجية قصوى 15 حلقة / يوم، ومنطقة لتخزين المنتج على مساحة 20310م2 تكفي لتخزين 700 حلقة خرسانية.
ولأول مرة في تاريخ مصر تكون ماكينات الحفر العملاقة ليست مستأجرة أو تابعة لشركة أجنبية تقوم بتنفيذ المشروع وإنما ماكينات تملكها مصر ممثلة في قواتها المسلحة حيث تم تفكيكها بنهاية المشروع ويجرى حاليا إعادة تجميعها للعمل في حفر الخط الثالث لمترو الأنفاق بشارع جسر السويس، حيث أصبحت لمصر الريادة الآن في تنفيذ أعمال الأنفاق في الشرق الأوسط، لأنه لا توجد شركات وطنية تقوم بهذه الأعمال في الشرق الأوسط، حيث تتم الاستعانة بالشركات الأجنبية في هذا المجال. ولكن بعزم وإصرار أبناء مصر استطاعوا أن يتفوقوا على المهندسين الأجانب عقب التعلم منهم.



