الإنشاد الديني.. واحة العاشقين للنبي وذِكْره
كتب - مصطفى سيف
الإنشاد الديني والابتهالات في مصر «واحة» يفرغ إليها العاشق لهذا الفن، خاصة الذين يعشقون الابتهالات وذكر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وكثرة الثناء على حضرته ومدحه، لذلك فالمطالب عديدة وكثيرة للحفاظ على هذا الفن، وإدراجه ضمن النشاط الأكاديمي في كلية الفنون، لأن المصريين أبدعوا وتفوقوا على أنفسهم في هذا الفن.
وعلى الرغم من وجود مدرسة للإنشاد الديني، ونقابة للمبتهلين والمنشدين الدينيين والتي يرأسها، الشيخ ياسين التهامي، وهو من أشهر المنشدين والمبتهلين في مصر؛ إلا أن الإنشاد الديني بصفة عامة «متراجع» إلى حد ما، ويكثر في الموالد والحفلات الشعبية في السيدة زينب، ومسجد الحسين.
في الأغلب يتكوّن فريق الإنشاد الديني من مجموعة من الشباب يرأسهم شيخ كبير اجتمعوا على حب الله ورسوله؛ وعلى الأكثر يكونون سُنيون المذهب، صوفيون المشرب، خادمين مدح النبي المعظم.
بعض الفرق تمتاز بأن الأناشيد، أو الابتهالات خاصة بالفريق وحده أي أنّها من تأليفه ولم يقلها أحد قبله، وفي بعض الأحيان تكون أناشيد خاصة بالمشايخ الذين لمع اسمهم في هذا الفن، وبعض من القصائد التراثية القديمة.
ويرى بعض المنشدين أنَّ فن الإنشاد الديني يقوم على التصور المثالي لفهم الإسلام، فالإسلام دين محبة وود، وليس دين عُنف كما يروج له البعض في الدول الغربية، لذلك تُعد مدارس الإنشاد الديني والابتهالات، والصوفية مثال حي على أن الإسلام دين سماحة.
يُعد الإنشاد الديني إحدى قوى مصر الناعمة خاصة وأنَّها مهبط الديانات والحضارات، وتمثل الوحدة العضوية لجميع الأديان، فالإنشاد الديني في ازدهار في مصر في الفترة الحالية خاصة في هذا الشهر الكريم.
على الرغم من تراجع هذا الفن في الفترة الأخيرة إلا أنَّ الشيخ ياسين التهامي يحاول بقدر الإمكان من خلال مدرسة الإنشاد الديني، ونقابة المنشدين الحفاظ على هذا الفن من التراجع أكثر، فهو يحاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه، لذلك يسعى المشتغلون بهذا الفن دائمًا لتجديد أنفسهم ومحاولة المساهمة ولو بالقليل في إحياء هذا الفن مرة أخرى.
وجاء في كتاب "فن الإنشاد الديني" لـ"مروة البشير"، أنَّ أول ظهور لهذا الفن كان في مصر القديمة، مصاحبًا للطقوس والشعائر والصلوات داخل المعابد، ويعد الغناء من الأركان الأساسية للاحتفال الشعبي في الموالد، وتتفاوت شعبية المنشدين «الصبية» الذين يشاركون بالغناء في الموالد، ومنه ما يعرف بالإنشاد الديني الصوفي، ولا تخرج موضوعاته عن المدائح النبوية والابتهالات الدينية والتسابيح، وارتبط بفئة من المؤدين الذين اشتهروا باسم منشدي الذكر السلطاني، ومن أهم موضوعات الغناء الشعبي في الموالد معجزات النبي والأولياء.
واشتهر من المداحين والمنشدين، مداح النبي محمد الكحلاوي، الذي بدأ حياته بالمواويل الشعبية، ثم الإنشاد الديني والأغنية الشعبية، وأشهرها أغانيه "لاجل النبي، يا قلبي صلى على النبي، خليك مع الله".
الشيخ طه الفشني أحد أعلام قراء القرآن الكريم والمنشدين، وكان صاحب مدرسة منفردة في التلاوة والإنشاد، واشتهر بتواشيحه وابتهالاته، والشيخ نصر الدين طوبار منشد إسلامي وقارئ قرآن، الذي اختير مشرفا وقائدا لفرقة الإنشاد الديني التابعة لأكاديمية الفنون، وأستاذ المداحين الشيخ "سيد النقشبندي" صاحب الصوت المتميز، اشترك في حفلات وابتهالات وأناشيد وتواشيح في معظم الدول الإسلامية والعربية.
ومنشد البردة "عبد العظيم العطواني"، بفضل قصيدة البردة أشهر قصائد المديح النبوي للبوصيري، حيث توج الشيخ العطواني بإمامة فن المدائح النبوية، فصار لا يعرف إلا بها ولا ينشدها إلا هو.
وساقي الأرواح الشيخ "أحمد التوني" سلطان المنشدين استطاع بأدائه المتميز الخروح بالغناء الصوفي من المحلية إلى العالمية، ثم عميد المنشدين الشيخ "ياسين التهامي" أسطورة الإنشاد الديني في مصر الآن، الذي أبدع لونا جديدا في الإنشاد لم يكن موجودا من قبل، يزاوج فيه بين إيقاعات النغم الشرقي الأصيل والنغم الشعبي، ويمتلك طاقة ومساحة صوتية هائلة.



