الإمام الأكبر يترأس الوفد المصري في كازاخستان
كتبت - هدى المصرى
تستضيف جمهورية كازاخستان في الفترة من 10 إلى 11 أكتوبر المقبل المؤتمر السادس لزعماء الأديان العالمية والتقليدية، الذي سيعقد في العاصمة الكازاخية أستانا، تحت عنوان (زعماء الأديان من أجل عالم آمن). ويترأس وفد مصر في المؤتمر الذي يستمر على مدار يومين الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف.
وقد قامت مؤسسة الأزهر بدعم وتعزيز المبادرة التي أطلقها رئيس كازاخستان نورسلطان نزاربايف لتأسيس "مؤتمر زعماء الأديان العالمية والتقليدية"، الذي يعقد دوريا كل ثلاث سنين منذ عام 2003، حيث أيد الأزهر الشريف المبادرة منذ اليوم الأول لإطلاقها، وقدم مساهمات كبيرة لتطوير نشاط المنتدى وحصوله على الاعتراف الدولي.
كما شارك شيخ الأزهر السابق الدكتور محمد سيد طنطاوي – قبل وفاته – بانتظام في أعمال المؤتمرات الثلاثة الأولى، يرافقه في كل مرة الدكتور محمود حمدي زقزوق وزير الأوقاف الأسبق، وعدد من أساتذة وعلماء الأزهر الشريف.
وكان لأعضاء الوفد المصري دائما الدور الأبرز في تحديد جدول أعمال مؤتمرات زعماء الأديان والموضوعات التي تناقشها اللجان الفرعية المنبثقة عنها، وكذلك صياغة الوثائق الختامية الصادرة عن المؤتمرات.
في عام 2015 ترأس وفد مصر في المؤتمر الخامس مفتي الديار المصرية الدكتور شوقي علام، وأكد المشاركون في المؤتمر، على أهمية دور زعماء الأديان العالمية والتقليدية في تطوير الحضارة الإنسانية من خلال نشر المثل والقيم الروحية، وشددوا على الدور المهم للدين في نشر ثقافة الاحترام المتبادل وتدعيم القيم الأسرية والتربية الأخلاقية للشباب.
كما اعتمدوا (إعلان أستانا)، حيث تمت الدعوة إلى دعم حوار زعماء الأديان مع الشخصيات السياسية والمنظمات الدولية والمجتمع المدني بغرض ضمان الاستقرار والأمن وتفادي النزاعات وتسويتها.
أستانا - مقر المؤتمر
حتى أواخر عام 1997 لم تكن (أستانا) تحظي بهذه المكانة الخاصة ولا تلك الرمزية التي تكتسبها الأن على مستويات عدة وابرزها المستوى الحضاري والسياسي والاقتصادي.. فقد أصبحت تلك المدينة الذكية عاصمة جمهورية كازاخستان وثقلها السياسي والاقتصادي خلال فترة وجيزة وجهة مثالية وجاذبة لاستضافة كبري الفعاليات الدولية الهامة في قلب آسيا الوسطى ومجالا من شأنه أن يساهم في تبديد ما تلبد من سحب في سماء العلاقة ما بين معتنقي الديانات المختلفة في بلد يقدم نموذجًا لا مثيل له في العالم من الوفاق والتعايش السلمي بين القوميات وأتباع الديانات المختلفة على أراضيه، والتي تزيد عن 130 قومية عرقية ودينية يعيشون في سلام ووئام اجتماعي.
بلدا مزج أبناؤه بين الهندسة والفن في تناغم كبير مع الطبيعة لتشكيل فسيفساء تتعايش فيها مختف الديانات، وهو الأمر الذي يتأكد خلال مؤتمر زعماء الأديان العالمية والتقليدية الذي يعقد كل ثلاث سنوات وتستضيفه أستانا بمبادرة من رئيسها نورسلطان نازاربايف.
وفي أكتوبر المقبل تحتضن العاصمة أستانا الدورة السادسة لهذا المحفل الدولي الفريد الذي يشكل جوابا على كل الدعوات التي تحث على الكراهية والعنصرية، ومناسبة تضمن استمرارية الحوار بين معتنقي الأديان المختلفة في الديار الكازاخية التي تحتفل هذا العام بمرور 20 عامًا على إنشاء العاصمة الفتية أستانا.
ويحفظ التاريخ لـ مدينة أستانا التي احتضنت منذ تأسيسها عدة اجتماعات دولية تهدف إلى نشر السلام والأمن في العالم منها مؤتمر "من أجل عالم خال من السلاح النووي" في أغسطس من العام الماضي، والمؤتمر الأول لزعماء الأديان العالمية والتقليدية منذ عام 2003، المجهود المبذول من قبل كل فعالياتها ومكوناتها لخلق حالة من التقارب بين مختلف الثقافات وذلك بفضل التطبيق المدروس للمبادرة التي طرحها الرئيس نورسلطان نازارباييف والهادفة إلى محاولة استغلال القدرات الروحية والأخلاقية للأديان العالمية بهدف حل القضايا الدولية ومواجهة التهديدات العالمية والتعصب الديني.
العودة للبداية وبالتحديد إلى سبتمبر 2003 عندما عقد المؤتمر الأول لزعماء الأديان العالمية والتقليدية في أستانا، حيث كان الهدف الرئيسي من المؤتمر هو صياغة الحوار بين الأديان في هذا العالم المضطرب، والتقريب بين الحضارات من خلال الحوار ودعم جهود حل النزاعات بطريقة سلمية ثم تحول هذا المؤتمر إلى منبر جديد متميز، لإنشاء حوار بين الأديان والحضارات والأمم المختلفة سعيًا لتحقيق السلام. وقد استندت كازاخستان في استضافتها لمؤتمر زعماء الأديان العالمية والتقليدية إلى عدة مبادئ هي احترام حقوق الإنسان وتوازن المصالح العامة والدينية والتعاون وتحقيق التعاون المتبادل.
وفي سبتمبر 2006 اجتمع زعماء الأديان وينتمون إلى أكثر من خمسين دولة تحت مظلة مؤتمر زعماء الأديان العالمية والتقليدية الثاني في المكان ذاته في مدينة أستانا.
وفى الدورة الثالثة للمؤتمر دعا الرئيس نزارباييف في كلمته الافتتاحية إلى تعزيز القيم الروحية واستعادة المثل التي حرصت على تكريسها الأديان السماوية، وبالأخص الحوار بين الأديان والتسامح والتفاهم بين الحضارات في حضور عدد من قيادات وزعماء الأديان الرئيسية الثلاث الإسلام والمسيحية واليهودية، وممثلين عن طوائف دينية تقليدية من مختلف أنحاء العالم.
كما دعا إلى إيجاد آلية جديدة، وتبني نظام عالمي جديد يعيد صياغة العلاقات بين الدول واستعادة الثقة في النظام المالي في أعقاب الأزمة المالية العالمية التي قال إنها عصفت باقتصاديات كبريات الدول، وزادت من معاناة الدول الفقيرة، مشددا على التوزيع العادل للموارد والثروات بطريقة تضمن مصالح كل دول العالم لا مجموعة منه فقط.
كما طالب نزارباييف دول العالم للاقتداء ببلاده التي تخلت طوعا عن ترسانتها من الأسلحة النووية منذ 19عامًا. وناشد الأمم المتحدة إلى اعتبار العام 2010 عاما لتنفيذ الآليات الجديدة لمنع الانتشار النووي والتصدي لمخاطر تهريب المكونات النووية في العالم. واعتبر نزارباييف الإرهاب واحدا من أكبر التحديات التي تواجه العالم، رافضا في الوقت ذاته ربط الإرهاب بالإسلام.
وأهاب الرئيس الكازاخي بممثلي الأديان والقيادات الروحية في العالم إلى إشاعة ثقافة الحوار، والتصدي للكراهية والتعاون من أجل تعزيز هذه القيم.
وعلى هامش المؤتمر الرابع لزعماء الأديان العالمية والتقليدية الذي عقد خلال عام 2012 أعلن مفتى كازاخستان، أنه تقرر لأول مرة إنشاء لجنة للشؤون الدينية بالأمانة العامة للمؤتمر العالمي لزعماء الأديان التقليدية والعالمية تضم ممثلين لتلك الأديان للعمل على نشر أسس الحوار وثقافة التعاون والخير ونبذ العنف والشر وأكد على أن هذه اللجنة ستقوم بمهامها بالتنسيق والتعاون مع الأمانة العامة للمؤتمر برئاسة رئيس مجلس الشورى في كازاخستان ومع مجلس زعماء الأديان الذي أعلن الرئيس نور سلطان نزار باييف رئيس كازاخستان إنشاءه، وترأس أولى جلساته مع بداية أعمال المؤتمر الرابع.
وفى المؤتمر الخامس الذي عقد قبل ثلاث سنوات ناشد (إعلان أستانا)، الزعماء السياسيين لكافة الدول الكبرى بوقف تنامي فجوة عدم الثقة في العالم المعاصر ووقف العقوبات المتبادلة واستخدام آليات منظمة الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية، لتسوية الخلافات، واستعادة السلام والأمن وفقًا للقوانين الدولية.
وأوصى الإعلان بضمان الاحترام المتساوي تجاه الأديان العالمية والتقليدية وكل ما يعتبر مقدسًا فيها، والمشاعر الدينية للمتدينين، مع التأكيد على عدم تجزأ حقوق الإنسان في حرية اختيار العقيدة والرأي والتعبير. كما دعا إلى احترام التنوع الديني مع تطوير الحوار بين الأديان العالمية والتقليدية، ودعم الجهود لمواجهة التطرف والإرهاب.
وأكد الإعلان على ضرورة العمل على تطوير تعليم الشباب والاهتمام بالتوعية الدينية والتربية على قيم التسامح واحترام القيم الأسرية، ودعا مالكي وناشري وسائل الإعلام لوقف توظيف وسائل الإعلام التقليدية والجديدة في إشعال الفتن الدينية والطائفية، والمشاركة في نشر ثقافة السلام والوفاق والاحترام والتعايش بين أتباع الأديان وأمم وشعوب العالم.
وأوصى الإعلان بتوحيد جهود رجال الدين والسياسة على الصعيد الدولي لحل المشاكل الملحة مثل الفقر والمجاعة والأوبئة والبطالة ومكافحة الكوارث الطبيعية والكوارث الصناعية. كما رحب بمبادرة جمهورية كازاخستان بشأن عقد مؤتمر إقليمي في أستانا لمواجهة التطرف المسلح، وعقد المؤتمر الدولي السادس لزعماء الأديان العالمية والتقليدية عام 2018 في مدينة أستانا.



