الجمعة 26 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

ترقب عربي وسط غليان واشنطن وطهران

ترقب عربي وسط غليان
ترقب عربي وسط غليان واشنطن وطهران
كتبت - نهاد مهينة

أثر التهديدات الأمريكية على الأسعار العالمية للنفط

احتمالية تغيير الأسعار العالمية وتأثيرها على مصر

أثارت تهديدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض عقوبات اقتصادية على إيران، والتي من المتوقع أن تتضمن حصارا اقتصاديا مُحكما يمنعها من تصدير النفط اهتمام العديد من المحللين الاقتصاديين، نظرا لما قد تتسبب فيه هذه الخطوة من ثورة في الأسعار العالمية للنفط نتيجة لنقص المعروض منه، فيتأهب الجميع للخطوة في ترقب لما قد تضمنه من أرباح كبيرة لمنافسي إيران في سوق النفط، متمثلين في الدول المصدرة للنفط مثل دول الخليج العربي، والتي اضطرت خلال الفترة السابقة لتقليل المعروض من إنتاج أوبك" لتحقيق التوازن في الأسعار فسيشكل الحظر على إيران فرصة قوية لتحقيق أرباح عالية.. وعلى الجانب الآخر تسود المخاوف لدي بعض الدول مثل دول الاتحاد الأوروبي من احتمالية ارتفاع الأسعار مما قد يتسبب في أزمات اقتصادية لديهم وسط وعود من واشنطن بتحقيق التوازن.

الأثر المُتوقع على أسعار النفط "شواهد ودلالات سابقة "

يرى الكثير من المحللين الاقتصاديين أن هناك علاقة طردية ما بين شدة الحرب الكلامية وأسعار النفط تظهر خلال تتبع الأسعار اليومية له، فيجد الكثيرين في هذه التهديدات والعقوبات المنتظرة السبب وراء تماسك أسعار المنتجات النفطية.

ما تقوله النظرية الاقتصادية

إذا استندنا إلى القوانين الاقتصادية النظرية، فالأمر لا يحتاج إلى الكثير من التكهنات فقلة المعروض وبنسبة كبيرة تشكل صدمة للسوق مسببة ارتفاع كبير في الأسعار وفقاُ لقانون العرض والطلب، خاصة وسط إحصائيات تنبئ بارتفاع بمعدلات الطلب وتوقعات بزيادة المكاسب السعرية للنفط حيث صرح "روس كيندي" العضو المنتدب لشركة "كيو اتش اي" للمنتجات النفطية لجريدة الاقتصادية "أن أسعار النفط الخام مرشحة لمزيد من المكاسب خلال الفترة المقبلة بعدما أطلقت وكالة الطاقة الدولية تحذيراتها من احتمال حدوث نقص كبير من الإمدادات العالمية للنفط"، فعلي الرغم من زيادة الإنتاج الأمريكي وتوقعات وصوله لمستويات قياسية تصل لـ 10.7ملايين برميل يوميًا في يونيو 2018 والي 11,3 مليون برميل يوميًا خلال عام 2019، إلا أن ذلك لم يؤثر على معدل الأسعار واستمرارها في الزيادة!!

ما أثبتته التجارب السابقة "الدليل العملي"

الحصار الأمريكي للنفط الإيراني ليس بالأمر الجديد بل حدث من قبل خلال عقوبات عام 2010 واستمر لعام 2015 مما يجعل من السهل التنبؤ بنتائج الصراع الحالي، حيث نتج عن الصراع وقتها قلة المعروض بشكل درامي تسبب في ارتفاع جنوني لأسعار النفط حتى وصل سعر البرميل 134 دولارًا، ويبقي هنا السؤال هل اختلف الوضع الآن؟ هل ستستطيع واشنطن تغطية المعروض الناقص أم سينتهي الأمر لنفس مشهد عام 2015؟!

أثر التغير بالأسعار على الدول الغنية بالبترول.."دول الخليج العربي"

لاقت تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإعرابه عن نيته للانسحاب من الاتفاق النووي وعودة العقوبات الاقتصادية على إيران استحسانًا كبيرًا من قبل دول الخليج العربي نظرًا لما تحمله من مكاسب محتملة على كافة الأصعدة سواء السياسية أو الاقتصادية فسارعت المملكة العربية السعودية بإصدار بيان دعت فيه المجتمع الدولي بتأييد خطوات ترامب ووضع حد لإيران وحلفاؤها في المنطقة عملًا على أن يعم السلام على المنطقة العربية بأكملها وعلي نفس النهج، توالت بيانات التأييد من المملكة البحرينية، وكذلك دولة الإمارات العربية المتحدة.

فمن الناحية السياسية – فقرارات رئيس الأمريكي إن كان جادًا في تطبيقها تُمثل وضع حدًا للنفوذ الإيراني بالمنطقة العربية والذي ظهر بطريقة ملحوظة خلال الآونة الأخيرة، خاصة، خلال الأزمة مع قطر، فالتلميح بإمكانية التحالف الإيراني القطري يُشكل خطرًا جسيمًا على منطقة الخليج العربي، سواء من الناحية الاقتصادية أو من الناحية الأمنية وهو ما لن تقبله دول المقاطعة الخليجية أبدًا، نظرًا لاعتباره تدخلا من العدو التاريخي "الفارسي" في الشأن الخليجي الداخلي.

من الناحية الاقتصادية- العقوبات الاقتصادية المُحتملة على إيران تُشكل أرباح محتملة على الجانب الآخر لدول الخليج المُصدرة للنفط، فقلة المعروض من النفط نتيجة الحظر على النفط الإيراني سينتج عنه اتجاه الأسعار نحو الزيادة ومجابهة الإنتاج المتزايد لأمريكا خلال الفترة الأخيرة والمتوقع أن يبلغ ذروته خلال عام 2019 بإنتاج 11.3 مليون برميل يوميًا، فقلة المعروض ستضمن تماسك السعر بل زيادته أيضا، بالإضافة إلى أنه لن تكون منظمة " أوبك" متمثلة في اتحاد المصدرين للبترول لتقليل المعروض من إنتاجها مثلما لجأت خلال الآونة الأخيرة بل سيكون لديها الفرصة لجني مكاسب كبيرة من خلال إنتاج كبير يعوض النقص الإيراني مع الحفاظ على السعر عند معدلات عالية تحقق لها الربح.

ومن الممكن أيضا تحقيق الربح عن طريق الحفاظ على نفس المعدلات الإنتاجية وعدم الاتجاه لتعويض الناقص من المعروض وذلك لما سيسببه ذلك من ارتفاع جنوني في الأسعار مثلما حدث بعد عام 2010، ولكن هذا الطريق يحمل مخاطر ألا وهي – المنازعات مع الدول المتضررة ومنها دول الاتحاد الأوروبي والتي ستتكبد خسائر كبيرة نتيجة لرفع سعر النفط وعلي الجانب الآخر خطر "رد الفعل العكسي للسوق"، فالزيادة الكبيرة بالسعر قد تُسبب مفاجأة بنقص الطلب بنسبة تقترب من نقص العرض أو تساويها الأمر الذي يؤدي إلى هبوط الأسعار بشكل درامي ومن ثم خسائر كبيرة للدول المُصدرة.

فيبقي الحل الأول ألا وهو استغلال فرصة استقرار الأسعار عند معدلها المرتفع والمقبول نتيجة بنقص المعروض من النفط الإيراني في تحقيق الربح عن طريق زيادة الإنتاج.

أثر احتمالية ارتفاع الأسعار على مصر

إن ارتفاع الأسعار العالمية للنفط بالإضافة إلى ارتفاع سعر الدولار قد يُعجل من قرارات رفع الدعم عن الوقود بمصر، حيث بحسب تقرير "الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء"، لديسمبر 2017 ارتفعت واردات مصر البترولية لـ 5.2 مليار دولار مقابل 4,2 مليار دولار لعام 2016 وهو ما يُشكل زيادة ضخمة بفاتورة دعم المواد البترولية، فالزيادة العالمية ستؤدي حتمًا إلى زيادة الأسعار المحلية، ولكن يبقي السؤال هنا عن مقدار الزيادة هل ستكون جنونية كما حدث عام 2010؟ أم ستكون واشنطن قادرة على إحداث التوازن في الإنتاج، ومن ثم الأسعار كما تقول وعودها؟!

 

 

تم نسخ الرابط