بيت من الطين في الأقصر استضاف كارتر ووهبي وعمر الشريف.. (صور)

كتب - محمد راشد

هدوء وراحة نفسية وصفاء تنتابك وتسري بجسدك بمجرد السير بعض الخطوات للدخول عبر بوابته التاريخية، فطبيعته البسيطة الريفية والطراز النوبي الذي شيد عليه وسط المعابد الفرعونية جعلوه متحفاً مفتوحاً بمثابة قبلة للسائحين والأقصريين الهاوين للتاريخ المصري العظيم.

١٠٠ عام كاملة مرت على مولد فندق المرسم التاريخي الكائن بمدينة القرنة غربي الأقصر ، أصبح خلالها  معلما أثرياً واضحاً وسط أبنية الفراعنة ، واتخذ إقامة دائمة للرسامون والأثريون العاملون بالبعثات الأجنبية الخاصة بأعمال الحفائر بالمنطقة فضلا عنه أنه أضحى منذ فترة ليست بالقليلة كإقامة غير متكلفة طبيعية ريفية تثير الارتياح في نفوس الزائرين.

 

تاريخ إنشاء الفندق

كلاوس انترتينوس - مدير الفندق حالياً - يقول لـ" بوابة روزاليوسف " إن جامعة شيكاغو هي التي أنشأت الفندق وذلك في عام ١٩١٨ لذلك يعد المرسم من أقدم الأماكن والفنادق التاريخية في الأقصر بوجه عام وفي البر الغربي بوجه خاص.

وأضاف انترتينوس أنه بعد فترة قصيرة قامت الجامعة بعرض الفندق للبيع فاشترته عائلة تسمى عائلة علي عبد الرسول أحد شيوخ جبل القرنة وحولته لفندق وفتحت أبوابه لسائحي البعثات والرسامين وهواة التاريخ المصري من كافة أنحاء العالم، فأضفى الكثير على المنطقة ولما لا فبجواره من جهة اليسار يقع معبد مرنبتاح ومن اليمين على بعد نحو 200 متر يقع معبد هابو وخلفه معبد أمنحتب الثالث وتمثالا ممنون، وأمامه تقع منازل أهالي القرنة المشيدة فوق الجبل.

 

 

تكوين الفندق وسبب التسمية 

يوضح مدير الفندق أن المرسم شيد على طراز قرية حسن فتحي فهو فندق بيئي من الجريد و الطين و القباب يتكون من طابقين من الطوب اللبن المغطى بـ"الحيبة" وذلك لأن الجو في الأقصر شديد الحرارة صيفا لذلك فالطوب اللبن المشيد به يعكس درجة الحرارة ويساعد على تخفيضها، وفي الشتاء يساعد على التدفئة، ويتوسطه فناء مفتوح به أشجار ونخيل، ومقسم لثلاثة أقسام هي "البيت الأبيض" و"البيت الإيطالي " و"بيت شيكاغو" بكل قسم هناك غرف معدة خصيصا للرسامين والأثريين.

ويفسر انترتينوس أن سبب تسمية الفندق للمرسم هو سبب إنشائه حيث أنشأ كي يكون استراحة للرسامون والأثريون الذين يقومون بعمل رسومات للأثار والقطع الأثرية الموجودة بالمنطقة، حيث يوجد بالفندق رسومات شهيرة لعدد من الفنانين المشهورين تعود لستينات القرن الماضي، فعالم الآثار كارتر كان يقيم في منزل بجوار المرسم، وكان يأتي هنا يوميا، أما عن أسعار الفندق، فتبدأ من 20 يورو للغرفة المفردة في الليلة حتى 40 يورو للغرفة المزدوجة.

 

 

صفاء واسترخاء

يشير الطيب عبد الله - مرشد سياحي - إلى أن الطبيعة البسيطة الريفية الغير متكلفة التي أنشأ عليها المرسم ولا يزال هي الجاذب الأول لجميع السائحين والأثريين والعاشقين للطبيعة والتاريخ المصري ، ف" الجريد "  هو العنصر المعماري المشترك في بناء الفندق وغرفه لا تحتوي على أكثر من سريرين من الجريد وكل الأثاث الموجود بالغرفة هو أيضا من الجريد ولا يوجد مكيفات هواء إلا في غرف محددة لمن يطلب ذلك فلا تليفزيون ولا هواتف، فالتكنولوجيا تكاد تكون غائبة في هذا المكان.

ويؤكد عبد الله أن المرسم بذلك أعد بمثابة مغناطيساً جاذباً لمريدي  الصفاء والاسترخاء فلا مجال هنا في المرسم لغير ذلك فالطبيعة الساحرة وأرواح الفراعنة التي ترفرف فوق معابدهم وشموخ الجبال الذي يرى من أدنى غرفة بالمرسم يسمح بغير الراحة أن تتسرب لداخلك فكم هو شعور ممتع.

 

 

أشهر من نزلوا بالمرسم

محمود الطيب - عضو نقابة المرشدين السياحيين بالأقصر - يقول إن المرسم استمد تاريخ ليس فقط من طول مدة إنشائه والتي نحتفل بمرور ١٠٠ عام عليها تلك الأيام فحسب بل استمدها أيضا من الزيارات العظيمة التي قام بها شخصيات كبيرة وعالمية في ذلك الوقت خاصة في فترة الستينيات والسبعينيات والثامنينات من القرن الماضي.

استضاف المرسم كارتر مكتشف مقبرة توت عنخ آمون و عشرات الفنانين العالميين منهم يوسف وهبي و عمر الشريف واللورد كارنارفون والكثيرين غيرهم من المشاهير ما جعله علامة  مضيئة في تلك الحقبة الزمنية.