"ساحة الطيب بالأقصر" مزار الوزراء.. وملاذ المواطنين لفض المنازعات

الأقصر - محمد راشد
الإمام الأكبر يزورها نهاية كل شهر.. وتساعد الفتيات غير القادرات على الزواج
يعتبرها الأهالي بمثابة محكمة للفقراء وتحقن دماء المسلمين والمسيحيين
٥ قراريط في مساحة مربعة أصبحت تشكل مقصداً للكثيرين من مريدي الترويح عن أنفسهم وتنظيف أبدانهم من الهموم المتعلقة بها، فهناك الطريقة "الخلوتية" في مدح الرسول، وبها إعانات لغير القادرات على الزواج، ومن خلالها تفض المشاكل القبلية والمنازعات.
ساحة الطيب أو ساحة شيخ الأزهر بالأقصر، كما يحب أن يطلق عليها أهالي مدينة القرنة التي تقع على أراضيها، باتت في الأعوام القليلة الماضية مقصداً روحيا لزائري وساكني المحافظة من أجانب وكبار مسئولين ووزراء من مصر ودول العالم المختلفة، فمكانتها في قلوب هؤلاء جعلتها مركزاً شامخاً للدعوة الإسلامية على الأرض الطيبة وإقامة حلقات الذكر أسبوعياً.
الشيخ محمد الطيب، شقيق شيخ الأزهر، يقول لـ"بوابة روزاليوسف" إن الجد الأكبر للعائلة الشيخ أحمد الطيب الحساني هو من قام بإنشاء الساحة، وذلك عام ١٩٠٠ ميلادية أي ما يقرب من ١١٨ عاماً، وذلك لإلقاء دروس العلم بها، حيث كانت المدينة الغربية للأقصر تندر بها المدارس وكتاتيب تحفيظ القرآن الكريم.
وأشار الطيب إلى أن الساحة منذ نشأتها أخذت على عاتقها حل مشكلات المواطنين، وإزالة القبلية بين العائلات والقبائل لأنها كانت منتشرة في هذا الوقت بشكل كبير، فكان يعطي كل قبيلة أورادها، وكانوا يجتمعوا كل خميس من كل أسبوع في مجلس يضم العديد من كبار القبائل والعائلات ورجال الدين داخل الساحة الخاصة بعائلة الطيب، فكانوا بمثابة رسل لتقريب الناس بعضهم إلى بعض.
ويضيف محمود السناري، أحد العاملين بالساحة، أن الساحة تتكون من ساحتين إحداهما للنساء تتكون من طابقين الأول لحل مشاكلهن والثاني يعلوها وخصص للصلاة تزوره كل جمعة ما يقرب من ٥٠٠ سيدة، أما الأخرى فهي مخصصة للرجال للمكوث وحل النزاعات المشاكل القبلية واستقبال الضيوف ومناقشة المواضيع الهامة، يجاورها مسجد خصص لصلاة الرجال، غالباً ما يمتلئ بأكثر من ١٠٠٠ رجل يوم الجمعة .
ويشير السناري إلى أن الساحة تضم أيضا مكتبة لمشيخة الأزهر، أنشئت عام 2014 على مساحة 600 متر، وتحتوي على ١٧ ألف كتاب في مختلف العلوم، وتتكون من قاعة للاطلاع والقراءة، بها ٣ حجرات: حجرة للإدارة وحجرة للإمام وحجرة للإداريين، وأجهزة كمبيوتر، وملحق بالمكتبة يضم مكتب تحفيظ القرآن الكريم للكبار.
ساحة الطيب ذلك المكان الذي نشأ فيه الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، بحسب المريدين، لم يقتصر فقط على كونه مقصداً لمحبي الطريقة الصوفية، لكنه يعد أيضاً مقصداً لزوار المدينة السياحية من الأجانب وكبار المسؤولين والوزراء في مصر والعالم، الذين يزورون محافظة الأقصر، بالإضافة إلى أنها مركز للدعوة وإقامة حلقات الذكر.
ويتابع أشرف محمد، مواطن بمدينة القرنة وأحد رواد الساحة، أن أبواب الساحة تظل مفتوحة دائماً أمام عابري السبيل من مختلف أنحاء الجمهورية، أو من ليس لهم مأوى، ويقيمون في أماكن مخصصة، فضلًا عن تقديم الطعام اليومي للفقراء والمساكين، مما ساعد في إضافة شهرة كبيرة لها في محافظات الصعيد، وأصبح زوارها يأتون من مختلف أنحاء الجمهورية.
ويلفت المحامي محمد العشاوي إلى أن الساحة بجانب خدمتها للدعوة الإسلامية فإنها تؤدي دورًا ثمينًا في الحفاظ على أرواح المسلمين والمسيحيين أيضاً وحقن دمائهم وفض النزاعات بين العائلات في محافظات الأقصر وقنا وسوهاج وأسوان، والبحر الأحمر.
وأوضح العشاوي أن الساحة تهتم أيضاً بالقضايا المتعلقة بالزراعة وحلها، بالإضافة إلى دورها تجاه النساء، حيث تقدم المساعدات النقدية للسيدات الأرامل والأيتام والمطلقات وتعمل على حل الخلافات المالية والعائلية والزوجية، بجانب تقديم الإعانات للمطلقات والمحتاجين أو من يلجأ إليهم لطلب المساعدة، وتحمل تكلفة العلاج للمرضى.