مقاتلون وراء أبطال حرب أكتوبر على جبهة القتال
كتب - عادل عبدالمحسن
800 سيارة تقل الإمداد والتموين من الأطعمة ومتطلبات المقاتلين في يوم واحد فقط 8 أكتوبر
رصد موقع المجموعة 73 مؤرخين الإلكترونى الذى يهتم بالتوثيق لأهم الحروب المصرية ضد العدو الصهيوني إسرائيل، نصر 6أكتوبر 1973 وهى عمليات الإمداد والتموين ودور القطاع المدنى في الحرب فكل مقاتل جيش من الجنود يحتاج إلى داعمين حتى يكون قادرا على القتال فالطيار لا يمكن لطائرته أن تغادر الأرض بدون جيش من الفنيين والمهندسين والعمال والجنود تعمل في جهد كبير لكي تكون الطائرة صالحة للطيران، والطيار نفسه لا يمكن له الطيران إلا بعد كشف طبي متكرر من فريق طبي يخدم الطيارين ومن فريق من الطهاة لإعداد طعام صحي ومناسب للطيران، والجندي علي الخط الاول لا يمكن له القتال وخزينة سلاحه خاوية أو لو كان يتضور جوعا او ليس معة ملابس مناسبة للقتال.. ولا يمكن للمدرعة التحرك بدون وقود وزيوت أو ذخيرة.
فيكفي للتدليل علي حجم الأمداد الذي احتاجته القوات المصرية شرق القناة في حرب أكتوبر 1973، أن 800 عربة نقل ضخمه قامت بحمل الإمدادات للجنود ليلة 8 أكتوبر 1973 فقط، فما بالكم بطول فترة الحرب؟
وعندما حاصرت إسرائيل الجيش الثالث الميداني في معركة الثغرة حاولت اللعب علي عامل عدم كفاية الامدادات للجيش وانه سوف يستسلم لا محالة، وذلك لمعرفة اسرائيل التامه بأن أي جيش لا يقوي علي القتال بدون أكل وشرب لكن كان للجيش الثالث الميداني رأي آخر.
ولعبت مصر علي نفس العامل خلال مفاوضات الكيلو 101 – فخطوط امداد القوات الاسرائيلية تصل الي 400 كيلو واغلبها معرض للقصف المصري وعمليات قوات الصاعقة والمظلات وكثيرا من الروايات كانت معروفة عن سرقة الجنود الاسرائيليين للمنازل في منطقة الثغرة لايجاد طعام لهم وكانت الامدادات احد السيوف المسلطة علي عنق اسرائيل خلال عمليتها الفاشلة في الثغرة.
هذا الموضوع يظهر مدى دور رجال الإمداد والتموين والمستشفيات وغيرها من القطاعات في الدولة بالمعركة عن الأبطال خلف الأبطال ويجب أن نذكركم بالمقولة العسكرية الشهيرة.
((الجيوش تمشي على بطونها)) كناية عن الأهمية القصوى لدور الإمداد والتموين للجنود في وقت المعركة، وذلك حسب ما ورد في كتاب الساعة 14.5الحرب الرابعة على الجبهة المصرية للراحل الدكتور صلاح قبضايا.
عندما نشبت المعركة.. فان كل مقاتل يحتاج خلال اشتباكه مع العدو الي عدد من الافراد لخدمته ومعاونته يتراوح عددهم بين ثلاثة وخمسة افراد يقومون بخدمة المقاتل الواحد.
ودور هؤلاء الرجال هام وخطير لان اثاره تنعكس علي سير المعركة مباشرة ولكن بصورة متفاوتة وبدرجات متعددة..
وبينما المعارك والنيران بكل مكان في الجبهة.. والابطال يخوضون أعنف معارك الحرب كان هناك أبطال أخرون يخوضون المعارك من حولهم ومن ورائهم وفي العمق.. وفي كل مكان.
وبرزت بطولات ساهمت في تحقيق النصر من خلال توفير كل ما يحتاجه المقاتل في المعركة بأقصى سرعة.
ولعب رجال الشئون الإدارية دوراً رئيسياً في هذا المجال حيث كان عليها أن توفر المواد الغذائية والذخيرة والوقود للقوات الضاربة خلال سير العمليات.
ويمكن لنا أن نستعرض دور الشئون الإدارية في المعركة من خلال كلمات اللواء نوال سعيد الذي رأس جهاز التخطيط الإداري وأشرف علي جميع الخطوات التنفيذية قبل وأثناء وبعد المعركة.
ان احتياجات الحرب الحديثة أصبحت تمتاز بالتعدد والتنوع بصورة لم تعرفها الحروب من قبل، فقد أصبح لكل سلاح انواع متعددة من الذخائر كل نوع منها له استخدامه الخاص في مختلف الظروف المتغيرة، بمعني ان السلاح الواحد يستخدم طلقات معينة ضد مدرعات العدو بينما نفس السلاح يستخدم طلقات أخري ضد التجمعات المعادية فهناك الطلقات الخارقة والحارقة وشديدة الانفجار.. وغيرها الكثير.
ونفس الشيء بالنسبة لأنواع الوقود التي تتعدد بتعدد معدات القتال، واستطاعت الشئون الادارية تحت أقسي ظروف المعركة ان توفر للمقاتل التعيين والمياه والملابس والمعدات الشخصية التي تناسب ظروف القتال، ومختلف انواع الذخائر والوقود والزيوت والشحومات، ومهمات الوقاية الكيماوية الاشعاعية، والمهمات والادوات الطبية المختلفة، بالإضافة الي توفير المعاونة الفنية لإصلاح المركبات والمعدات والاسلحة وتزويدها بقطع الغيار اللازمة، واقامة ورش للإصلاح علي مختلف المستويات داخل أرض القناة.
هذا على مستوى السلاح فماذا أطعمة المقاتل حتى يظل قوياً قادراًعلى القتال وكيف يتم أعدادها بكميات ضخمة.
لملايين المقاتلين من علب الاطعمة المحفوظة التي لم تمنع الشئون الادارية عن نقل الاطعمة الطازجة أيضاً الي أرض القتال مع المياه والذخائر والوقود..
فالأبطال الذين وقفوا وراء أبطال قواتنا الضاربة يوفرون كل شيء للمعركة.. وينقلون جميع الاحتياجات الي الجبهة كانت جميع قطاعات الشعب بكل مكان في موعدها مع المعركة.
الحكومة طلبت 40متطوعاً لمواجهة اثار العدوان على المدنيين بالدقهلية فتطوع 1000 مواطن.
وتحولت مستشفيات مصر لأول مرة في تاريخها الي مستشفيات حقيقية تقدم العلاج والراحة والاطمئنان لمصابي العمليات الحربية وتقدم لهم قبل كل هذا الرعاية النفسية التي هي أكثر ما يحتاج اليه جريح الحرب بل استطاعت هذه المستشفيات أن تعيد الي المعركة عددا من المصابين بعد ان تم علاجهم واستعادة لياقتهم للقتال.
كذلك كانت أول برقية تخرج من اللجنة المركزية بعد العبور هي التي أرسلت الي كل المحافظات والي كل تنظيمات العمال والشباب والنقابات المهنية وكانت عبارة واحدة (( لقد بدأت الحرب )) وتنفذ جميع خطط الحرب، وكان معني ذلك أن تبدأ جميع غرف العمليات علي مستوي المحافظات والمراكز في العمل مع تواجد القيادات في الوحدات الاساسية علي مدي 24 ساعة، وأن يتسلم متطوعو المقاومة الشعبية في أماكنهم، وأن تفتح مراكز التطوع بالدم.
تجدر الإشارة إلى أن الغارات علي قري الدقهلية ومدنها كانت لا تتوقف ففي اليوم الأول أصيب 30 منزلا في بلدة منشية عبد الرحمن نتيجة القاء طائرات العدو قنابلها بعيدا عن الاهداف العسكرية.. وكان هناك ضحايا من المدنيين. وأسرعت القيادات الشعبية من المراكز والمحافظة لتشارك أهل القرية في عمليات الإنقاذ.
وطلب من القيادات المحلية متطوعون للعمل في اصلاح ما أحدثته قنابل العدو الطائشة، وكان العدد المطلوب لا يزيد عن 40 متطوعاً فتقدم اكثر من 1000 متطوع.
وتقدم طبيب هو الدكتور علي عثمان الي لجنة المعركة في المحافظة ليبلغ عن ملاحظة وجدها خلال غارات العدو حيث وجد أن الطائرات تسلك طريقا محددا وتنجرف عند نقطة معينة للإغارة علي المنطقة، وقال الطبيب انه لا يعرف شيئا عن هذه الأمور العسكرية وفن القتال ولكنه يري ان من واجبه التقدم بهذه الملاحظة، وتم نقل الملاحظة الي رجال الدفاع الجوي الذين استطاعوا بالفعل أن يستثمروها عسكريا على أفضل وجه، وغير ذلك من مئات القصص التي تروي التحام الشعب بأكمله بالقوات المسلحة مع ظروف المعركة.
ونظمت الدعوة الي ضبط الاستهلاك عند نشوب القتال وكذلك الاشراف علي توزيع السلع التموينية وعلي ما التزم وتعهد العاملين في كل المواقع وزيادة الانتاج 5% والقيام بجميع التزامات العمل رغم استدعاء بعض العمال للخدمة العسكرية.
وحدث في بعض المواقع أن استدعي سائقون للخدمة العسكرية فتولي المهندسون قيادة السيارات بدلا من السائقين.
وكانت حملات جمع التبرعات للمجهود الحربي، سواء التبرعات المالية او العينية مستمرة وواضحة وكانت الاستجابة رائعة والعطاء الوطني ضخماً.
هكذا كان وراء الابطال جيش أخر من الأبطال لا تسع مئات المجلدات لكل قصصه.. فلم يكن أبطالنا في معركة العبور هم 800 ألف جندي فقط بل كانوا عدة ملايين من رجال ونساء وشباب مصر.. التي ستبقي دوما ودائما أرض الأبطال.



