مصر الحلوة.. كنيسة "البشارة" شاهدة على فنون العمارة الدينية بدمنهور (فيديو وصور)
البحيرة- محمد البربرى
_الكنيسة تحفة معمارية فريدة على أرض مصر
_من أقدم الكنائس الكاثوليكية في البحيرة.. ويرجع تاريخ أنشأها لعام 1875 ميلاديا
_كنيسة البشارة.. تقع على بُعد أمتار من مسجد التوبة ثاني أقدم مسجد في مصر وإفريقيا
تقف كنيسة البشارة بمدينة دمنهور شاهدة على فنون العمارة الدينية في مصر والتي تعود إلى محطة زمنية وحضارية مختلفة، تعكس صور إبداعية وجمالية تنقل عبق التاريخ بكل ما يحمله من حكايات الفكر والعلم إلى الأجيال المعاصرة والقادمة.
وتزامننا مع احتفالات أعياد الميلاد أعدت "بوابة روزاليوسف" تقريرا عن أحد أقدم وأعرق الكنائس بمحافظة البحيرة إذ يرجع تاريخ إنشائها لعام 1875 ميلاديا، وهي كنيسة الفئة الكاثوليكية الفرنسيسكان.. تعالى معنا في جولة داخل كنيسة "البشارة" بمدينة دمنهور.
تقع الكنيسة في ميدان المحطة بوسط مدينة دمنهور عاصمة محافظة البحيرة وتبعد أمتار عن مسجد التوبة ثاني أقدم مسجد في مصر وأفريقيا، وتعتبر كنيسة "البشارة" أقدم الكنائس في محافظة البحيرة.
وللكنيسة تراث جميل جدًا حوفظ فيه على النمط الكاثوليكي أرضيتها مبلطة بالبلاط الجميل وسقفها مماثل لسقوف البيوت العربية المسقوفة بالأخشاب القيمة وواجهتها تحفة معمارية، فيها كرسي الاعتراف الخشبي ومقاعد الزائرين من المقاعد الجدارية الخشبية ومعمودية عمرها 75 عاما من الطراز الفريد.
وكنيسة البشارة هي عبارة عن بناء قديم محافظا على رونقه، حيث الباب يطل على ميدان المحطة بالإضافة إلى مستوصف طبي للفقراء ولها مدرسة الراهبات بدمنهور التي تُخرج منها العديد من المتفوقات ورغم مرور السنين على عمر الكنيسة إلا أن معالمها لم تتغير بعد، ويوجد بها جرس جلب من إيطاليا عام 1881 وتعلو بابها لافتة قديمة مكتوب عليها "كنيسة البشارة".
الأب ميلاد رزق أمير، راعى كنيسة البشارة اللاتينية أكد لـ"روزاليوسف" أن كنيسة البشارة يرجع تاريخها إلى عام 1875 ميلاديا، مضيفا قصدها الرعاية الأجنبية لما كانت تتوافر بمنطقة رشيد ودمنهور التبادل التجاري مع إيطاليا وفرنسا وإسبانيا.
يوجد بالكنيسة "مَزود" حدثنا عنه راعى الكنيسة واصفا إياه بالمشهد التجسيدي الذي يوضح المغارة الذي ولد بها المسيح كما يوجد بالكنيسة كرسي الاعتراف حسب الكنيسة اللاتينية ومعمودية عمرها 70 عاما من الطراز الفريد.
وأوضح راعى كنيسة البشارة، أن مدينة دمنهور تعتبر فرعونية اسمها "تيم إن نور" أي مدينة الاله نور واسمها القبطي تيمنهور ومنها جاء الاسم العربي دمنهور وهي عاصمة محافظة البحيرة وتقع في الجنوب الشرقي من مدينة الإسكندرية.
الفرنسيسكان في دمنهور
وتابع الأب ميلاد، باشر الرهبان الفرنسيسكان خدمتهم بدمنهور عام 1860 وكان أحد الرهبان يأتي من كفر الزيات أو من سانت كاترين بالإسكندرية لإقامة القداسة الإلهي أيام الآحاد والأعياد للكاثوليك الأجانب بالمدينة وفى عام 1871 تم تعيين الأب بسكال لمباشرة الخدمة، وفي عام 1874 تلاحظ تدفقا من التجار والعمال الكاثوليك على مدينة دمنهور وفي هذه السنة بدأ بناء كنيسة الكنيسة والدير وفي عام 1875 انتهت عملية البناء وسكن الأب الراعي بدمنهور وكان يهتم بخدمة التلاتين والكاثوليك الشرقيين معا.
وحكى الأب ميلاد، انه في عام 1876 تم تكريس الكنيسة باسم "سيدة البشارة" واشترك في الاحتفال الأب "جزوالدو" والأخ "اومو بونو" من إخوة المدارس "الفرير" الذين قاموا بإحياء الترانيم أثناء الاحتفال والكنيسة بها مذبح لقلب يسوع وآخر للقديس انطونيوس البارزاني، وظلت الكنيسة شبه رعية تابعة لسانت كاترين حتى عام 1918.
الراهبات في دمنهور
ولفت الأب ميلاد إنه بدأ حضور الراهبات في دمنهور منذ عام 1913 نداءات أولا الراهبات الحبل بلا دنس "الفرنسيسكانيات" وافتتحن مدرسة لتعليم الفتيات لطوائف الشعب وبعد سنوات حدثت مشكلة أثارت الاضطراب والغضب في عام 1934 تقدمت فتاة مصرية أخفت عنهن أنها مخطوبة فاضطرت الراهبات إلى ترك المدينة، وبعد مرور عامين من ترك الراهبات دمنهور وتحديد عام 1936 جاءت الراهبات مرسلات مصر وانفتحت مدرسة أخرى وكان عدد تلميذاتها 93 وفي عام 1954 بلغ عددهن 400 تلميذة، ومازالت المدرسة في ازدياد.
مستوصف طبي للفقراء
وتابع الأب الميلاد، افتتحت أيضا مستوصفا لعلاج المرضى الفقراء في نفس هذا العام تم عمل ترميمات شاملة في الكنيسة مع إزالة الإضافات الباروكية وإعادتها إلى ديكورات السابق، واستمر رهبان الأراضي المقدسة في خدمة دمنهور حتى عام 1992 وفي هذا العام تم ضم الكنيسة والدير إلى الإقليم الفرنسيسكاني المصري.
الرهبان الذين أدوا الخدمة بكنيسة البشارة
ومن الرهبان الذين أدوا الخدمة الروحية الأب انجلو اوريجويتيا والأب صموئيل فايز والأب متى جرجس والأب ميخائيل صادق الذي قام بترميم وتحديد الكنيسة بمساعدة المطران يوسف باوز اردو عام 2002 بحضور الأب صموئيل فايز رئيس رهينة الفرنسيسكان بمصر والأب ميخائيل صادق راعي الكنيسة وبعض المسؤولين وتضم رعية دمنهور حاليا عددا قليلا من العائلات الكاثوليكية من مختلف الطقوس.
جرس الكنيسة أثر تاريخي عمره 138 عاما
في عام 1881 وصل من إيطاليا جرجس كبير تم تركيبة في منارة الكنيسة، وتعرضت الكنيسة لأضرار جسيمة عام 1882 إبان الحرب بين مصر وإنجلترا تتطلب إصلاحات كثيرة كما اضطر الراعي إلى ترك المدينة وعاد بعد 3 سنوات الأب الراعي ومعه راهب للإقامة في الكنيسة وكان آنذاك عدد الكاثوليك 185 نسمة وفي عام 1888 عين كاهن آخر لمساعدتهما في الخدمة.
مدرسة لتعليم التلميذات من كل الفئات
وفي عام 1892 افتتحت مدرسة ابتدائي لتعليم الأطفال، التحق بها 40 تلميذا وفي عام 1900 قرر مجلس حراسة الأراضي المقدسة للآباء الفرنسيسكان شراء قطعة أرض بدمنهور مساحتها 1843 مترا لبناء الدير وملحقاته وبعد دراسة الموقع أرسل الأب بونافنتورا دي اندري راعي الكنيسة عام 1911 تقريرا عن الأرض مع الرسم الهندسي الدير الجديد وقامت وكالة حراسة الأراضي المقدسة بإرسال ألفي فرنك للبناء، وفي عام 1918 بناء على طلب الأب فرديناندو ديو تافيللي رئيس حراسة الأراضي المقدسة، أعلن المطران اوريليو بريانته أن كنيسة دمنهور "رعية" مستقله وتشمل القرى المجاورة "حلق الجمل- دسوق- كوم حمادة- أبو المطامير- أبو حمص" والعديد من القرى المجاورة، وفي ذلك الحين كان الكاهن الفرنسيسكاني الراعي الوحيد الكاثوليك البالغ عددهم 400، "300 من الشرقيين، 100 من اللاتين"، وكانت للرعية عدة أنشطة روحية، الشهر المريمي- درب الصليب- قداس أول جمعية من الشهر- تكريم القديس أنطونيوس يوم الثلاثاء"، كما كانت تقوم، بها مواعظ باللغة العربية الإيطالية.
كان قد شارك مساء أمس الآلاف من الأقباط في قداس رأس السنة وسط تواجد أمني مكثف بالبحيرة لتأمين الاحتفالات، فيما قدم كورال الكنائس أغاني أعياد الميلاد والترانيم القبطية الشهيرة برأس السنة الميلادية، وترأس الراهب ميلاد رزق كاهن كنيسة البشارة الكاثوليكية قداس رأس السنة وإلقاء عظة روحية عن أهمية التمسك بالقيم الدينية في الحياة.
واصطحبت السيدات أطفالهن للاحتفال برأس السنة داخل الكنائس وسط أجواء من المرح والبهجة للاحتفال بالعام الجديد.
وقالت الراهبة نجاة مرتجى مدير مدرسة الراهبات الفرنسسكانيات بدمنهور وأحد المصلين بالكنيسة أن ميلاد السيد المسيح هو رسالة سلام لكل شعوب الأرض، مضيفة أنه ينبغي على كل مؤمن أن يأخذ العظات والعبر من سيرة المسيح المبنية على التسامح والغفران والبعد عن العنف الذي دمر الكثير من الدول.



