الجمعة 19 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

وفاة أكبر معمرة في روسيا وهي "تصلي" (صور)

وفاة أكبر معمرة في
وفاة أكبر معمرة في روسيا وهي "تصلي" (صور)
كتب - عادل عبدالمحسن

بينما كانت تقوم بأداء الصلاة توفيت أكبر معمرة مسلمة في جمهورية الشيشان بدولة روسيا الاتحادية عن عمر يناهز 130 عاماً وفقا لسجلات صندوق التقاعد الحكومي،

هذه السيدة المتوفاة تدعى كوكو استمبولوفا، وهي أحد الناجين من عمليات قمع ستالين ضد الشعب الشيشاني.

وكانت كوكو قد تصدرت عناوين الصحف العام الماضي بقولها إنها عاشت فقط يوما واحدا سعيدا في حياتها الطويلة عندما دخلت المنزل الذي بنته بيديها عند عودتها من المنفى في كازاخستان.

وقال حفيدها إلياس أبو بكروف إنها تناولت الطعام كالمعتاد في 27 يناير في منزل قريتها في الشيشان.

 

 

وقال "كانت تمزح وهي تتحدث" ثم شعرت فجأة بتوعك، وشكت من ألم في الصدر.

"اتصلنا بالطبيب، وقيل لنا إن ضغط دمها قد انخفض، وتم إسعافها، وفي وقت لاحق ماتت بطريقة هادئة، وهي واعية تماما وتصلي".

وقد دفنت في قريتها ببراتسكو التي نجا منها خمسة أولاد و16 من أحفادها.

المسلمة التي ولدت قبل آخر قيصر "نيقولا الثاني" عاشت قبل الاتحاد السوفيتي، وفقا لجواز سفرها الروسي الداخلي ومدون به أن تاريخ ميلادها 1 يونيو 1889- عندما كانت الملكة فيكتوريا على العرش في بريطانيا.

في شهادتها للتاريخ والتي بثت العام الماضي، تحدثت عاطفياً عن هذا اليوم المروع الذي رحل فيه شعبها الشيشاني بشكل جماعي من قبل ستالين إلى سهول كازاخستان قبل 75 عاماً.

 

 

وقالت: كيف مات الناس في قطارات شاحنات المواشي، وألقيت جثثهم من العربات التي تأكلها الكلاب الجائعة، إذ كانت سنها في ذلك الوقت 54 عاماً بعد أن عاشت من قبل تتويج القيصر الأخير نيكولاس الثاني قبل يومين من عيد ميلادها السابع، وأطاحته عندما كانت في السابعة والعشرين من عمرها.

وتضيف كوكو عن يوم نفيها من موطنها الجبلي في ترانساكاسوس في شهر فبراير عام1944: "كان يوما سيئا وباردا ومتشائما لقد وضعنا في قطار وأخذنا.. لا أحد يعرف إلى أين نحن ذاهبون حيث كانت عربات السكك الحديد محشوة بالناس وسط الأوساخ والقمامة والبراز".

وقالت للصحفيين بإصرار بلغتها الشيشانية: "اكتب ذلك: كان هناك براز في العربات.

لم يسمح لنا بالذهاب في أي مكان"

 

 

وفى مشهد مأساوي تروي كيف ماتت الفتيات القوقازيات بسبب عدم قدرتهن على التبول، حيث كن يخجلن من الذهاب إلى المرحاض في القطارات المزدحمة، وحاولت النساء الأكبر سنا التجمهر حولهن حتى يتمكن من التبول لكن دون جدوى، ومع ذلك كان هناك ما هو أسوأ.

وأكدت أنه في الطريق إلى المنفى، تم إلقاء الجثث من القطار، لم يسمح لأحد بدفن الموتى وتركت الجثث لتأكلها الكلاب حيث تم إلقاء والد زوجي من القطار بهذه الطريقة".

وقالت إن الحارس أطعمنا أسماكا فاسدة وكان لدينا أوقات صعبة عندما تم ترحيلنا بجنون من جانب ستالين الذي اتهم الشيشان بأن أهلها يتعاونون مع النازيين، وقالت: "قيل لنا إننا أشخاص سيئون ولهذا السبب اضطررنا إلى المغادرة".

"لا أعرف سببا يجعلنا نعاني من أجله فلم نرتكب ذنبا، ولفتت إلى أنه تم حصار قرى كاملة واستقدام شاحنات ضخمة لنقل الناس إلى محطات القطار. ويتم ذبح العديد من غير القادرين على السفر، كبار السن، صغار السن والمرضى.

 

 

كما تم نقل الروس وداغستان إلى منازل الشيشان، ودمرت الكتب في الشيشان والإنجوش، واستخدام شواهد القبور لتمهيد الطرق، وإزالة جمهورية الشيشان- إنجوش من الخرائط الروسية.

وكان السلطات السوفيتية قد رحلت أكثر من 400 ألف شخص من الشيشان والإنجوش في ظروف باردة ومضيقة بدون مرحاض أو مرافق غسيل. ما أدى إلى انتشار وباء التيفوئيد الذي قضى على الكثير من الشيشانيين كما تسبب البرد والجوع في موت آخرين خلال السنة الأولى من عمليات الترحيل،

وتشير التقديرات إلى أن ما بين 30 و50% من السكان الشيشان والإنجوش قد ماتوا.

وقبل الحرب، تذكرت السيدة "كوكو" الدبابات النازية المخيفة التي مررت منزل عائلتها.

وعانت كثيراً أثناء إقامتها في المنفى الكازاخستاني حيث مات ابناها في الظروف القاسية.

 

 

وقالت: "لم يكن هناك أطباء، ولا أحد يعالجهم"فعندما ولدت النساء الأطفال في كثير من الأحيان ماتوا بسبب عدم وجود أطباء التوليد، إلا الجيران والأصدقاء."

كان المنفى في كازاخستان 13 سنة، ثم بعد وفاة ستالين، سُمح للناس بالعودة إلى وطنهم.

وعندما عادت، تم الاستيلاء على العديد من المنازل من قبل الروس الذين تم استقدامهم إلى الشيشان فاضطرت للعمل على بناء منزل خاص بها، حيث اشتكت من أن زوجها "كسول جدا"

واعترفت أنه على الرغم من معاناتها فإن اليوم الذي انتقلت فيه إلى منزلها الخاص، الذي بنته بيديها، بعد عودتها من المنفى السوفيتي الداخلي كانت "سعيدة".

وقالت "لقد بنيته بنفسي، أفضل منزل في العالم". "عشت هناك لمدة 60 عاما".

وشرحت "كوكو" في العام الماضي كيف أنها لم تذهب إلى المدرسة.

وقالت: "كنت أعمل منذ الطفولة المبكرة". "لم أدرس أبدًا. اعتني ببقرة، ودجاج. وكنت ازرع حديقة وعمل في جني القطن وحصاد الذرة، ورعت أشقاءها وشقيقاتها الأصغر سنا.

وعندما كانت طفلة كانت تتذكر اللعب مع دمى مصنوعة من القماش من قبل عمها.

وكان لديها أحذية حمراء وجوارب بيضاء اشتراها والدها في معرض- "ملابس جميلة" الأولى والوحيدة في شبابها القصير.

قالت: "كان الأب والأم مرضى وهي اكبر أخوتها وتزوجت في وقت متأخر عندما تم اختيار رجل لها من قرية أخرى.

وقالت: "لم أكن أعرفه على الإطلاق". ولكن بعد ذلك بدأت أحبه. ماذا يمكنني أن أفعل إذا تزوجت؟

"كان على تحمل. كان اسمه "موحمد" وكان أصغر مني ".

وضحكت وهي تتذكر: "لم يكن وسيمًا على الإطلاق".

 

 

وعندما سئلت عن سر حياة طويلة، قالت في وقت سابق: "لقد كانت إرادة الله. لم أفعل أي شيء لتحقيق ذلك. أرى أشخاصا يذهبون للرياضة، يأكلون شيئا خاصا، يحافظون على لياقتهم، لكن ليس لدي أي فكرة عن كيف كنت أعيش حتى الآن".

كان تأكل الحليب المخمّر "الرايب"، لكنها تجنبت اللحم والحساء.

وسألت: "لماذا أعطاني الله حياة طويلة وقليلًا من السعادة؟

 

تم نسخ الرابط