السبت 20 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

"أدب الطفل.. رؤى وقضايا عربية" بمنتدى "الأعلى للثقافة"

أدب الطفل.. رؤى وقضايا
"أدب الطفل.. رؤى وقضايا عربية" بمنتدى "الأعلى للثقافة"
كتب - محمد خضير

أقام المجلس الأعلى للثقافة بأمانة الدكتور سعيد المصري، أمسية ثقافية بعنوان: "أدب الطفل.. رؤى وقضايا عربية"؛ وذلك في إطار المنتدى الدولي للحوار الثقافي، أدارها الكاتب الكبير يعقوب الشاروني، رائد أدب الطفل، وشارك فيها كل من: الكاتب اللبناني الدكتور عبد المجيد زراقط، أستاذ الأدب بالجامعة اللبنانية، والكاتبة الكويتية أمل الرندي، رئيسة لجنة أدب الطفل برابطة الأدباء الكويتية، والكاتب المسرحي محمد عبد الحافظ ناصف، رئيس المركز القومي لثقافة الطفل.

كما حضور كوكبة من المثقفين منهم: الشاعر أحمد سويلم، عضو لجنة الشعر بالمجلس، والكاتب عبده الزراع، بالإضافة لعدد من المتخصصين في مجال أدب الطفل من العالم العربي أجمع، والمهتمين بالواقع الثقافي المصري والعربي.

بدايةً تحدث الكاتب اللبناني الدكتور عبد المجيد زراقط، أستاذ الأدب بالجامعة اللبنانية، متناولًا أدب الطفل من عدة زوايا في مختلف البلاد العربية؛ حيث عقد العديد من المقارنات بين بلدان العالم العربي، ومن بينها لبنان وسوريا وفلسطين والأردن، كما تحدث عن أدب الطفل في مصر.

وأكد أن مصر تتميز بكتاب كبار متفردين في أدب الطفل، مثل يعقوب الشاروني، الذي تتسم كتاباته بالواقعية وكذلك النواحي الاجتماعية؛ والسبب أنه يستجيب لشروط الحياة المعاصرة، ويتحدث عن ذلك بوضوح داخل الرواية، وأضاف مشيرًا إلى أن قصص الشاروني تُعد قصص خيالية، وإن كانت ذات مواضيع واقعية تصلح للأطفال والكبار، وهذه تُعد إحدى أهم ميزات كتابات الشاروني.

وتابع مشيدًا بقصة: "قليل من الراحة فوق السلالم" للشاروني، وأوضح أن عنوان القصة يبدو كجملة غير مكتملة المعنى، وهو ما تعمده الكاتب؛ حيث ترك للقارئ أن يكملها بعد أن يتمم قراءتها للنهاية، وقد اقترب القاص في هذه القصة لمعاناة طفل واجه قسوة الحياة القاسية التي جعلته يصبح رغم حداثة سنه عامل بناء.

وواصل الدكتور عبد المجيد رؤاه النقدية لأعمال الشاروني، مشيرًا إلى أنه تناول بكل سلاسة ويسر، وبأسلوبه الشيق المتناغم مع قراءه من الأطفال والناشئة في روايته؛ "عالم غير صالح للعيش الإنساني"، جوانب عميقة مثل؛ المسؤوليات الواقعة على الدولة وكذلك مؤسسات المجتمع والفرد بطبيعة الحال.

ثم تناول الأكاديمي اللبناني الدكتور عبد المجيد زراقط رواية الشاروني: "منيرة وقطتها شمسة"؛ حيث تحولت منيرة بطلتها من فتاة تتصرف بسلبية إلى شخصية فاعلة، وأشاد بتحويل الشاروني لهذه الفتاة السلبية إلى شخصية إيجابية تعتمد إعمال العقل والحكمة.

كذلك تحدث أيضا عن قصة: "سر الجدة" للشاروني، وأوضح أنها تتمحور حول إحدى القضايا المجتمعية المهمة، وهي قضية التمييز الجنسي، عقب هذا انتقل لقصة أخرى للشاروني وهي؛ "معركة الطبيب" يتحدث القاص خلالها عن الطبيب الإنسان، وكأنه يغرس في عقول قراءه من الأطفال أن هذا هو النموذج المنشود للطبيب، الذي يعالج فلاحي قريته بكل ود، ليلقي الضوء على إنسانية ورقي الطب، وكذلك قصة: "معجزة الصحراء" للشاروني، التي تدور أحداثها حول مواجهة الإنسان لقصوة الطبيعة الصحراوية وتغلبه عليها.

وأضاف مؤكدًا أن هذه القصص وغيرها من الأدب المصري الموجه للطفل، وعلى وجه الخصوص أدب يعقوب الشاروني، تصور نوع من جديد للبطولة، باختصار يقصد به البطولة المعاصرة في مواجهة المشكلات بشجاعة، والتي تُبرز وتُقدم نموذجًا للبطولة مختلف عن القصص القديمة أو الكلاسيكية؛ حيث إننا غالبًا ما نجد بطل قصَّصه ما هو إلا إنسان عادي، وليس شخصية تاريخية أو حتى أسطورية.

ثم تابع الدكتور عبد المجيد زراقط متحدثًا حول رواية الشاروني: "أسرار بيت الطالبات"، وهي رواية اجتماعية اتخذت عنوانًا مثيرًا يدعونا للفضول لمعرفة ما هيك هذه الأسرار الخفية، ثم انتقل لقصة: "ليلة النار" الشاروني أيضا، وأكد أنها قصة متميزة تتخذ بنية خطية تعتمد على الاسترجاع، وانتصار البطل على الصعوبات والعقبات التي يجدها في طريقه.

ختامًا لكلمته، أوضح أن رصد أن الشاروني جمع بين خاصيتين؛ تميزت بهما كتاباته في عالم أدب الطفل، الأولى هي الدلالة النصية، أما الثانية فتتلخص في اللغة؛ فهو يكتب بلغة تتميز بمعجمها المأخوذ من لغة الحياة اليومية العادية، ويصدق هذا على تراكيب العبارات، الذي جمع بين البساطة والعمق في آنٍ واحد.

عقب هذا تحدثت الكاتبة الكويتية أمل الرندي، رئيسة لجنة أدب الطفل برابطة الأدباء الكويتية، ودارت كلمتها حول أدب الطفل في الكويت، وأكدت في بداية كلمتها اعتزازها وفخرها بدراستها في جامعة حلوان.

وأشارت إلى أن تتلمذها على يد الكاتب الكبير يعقوب الشاروني يُعد مصدر فخر كبير لها، وأكدت أنها إلى الآن ما زالت تسير على خطاه، وأضافت موضحة أن الشاروني كان لديه رؤية مستقبلية نافذة، حين اختار عملها الأدبي الذي حمل عنوان: "الفيل صديقي"، وهي القصة الأولى التي كتبتها أثناء الدراسة؛ حيث نشرها آنذاك في مجلة: "نصف الدنيا".

ثم تحدثت عن أدب الطفل في دولة الكويت، وأشارت إلى أنه كان هناك نقص في كتابات أدب الطفل المتخصصة، ومن هنا هي بدأت وانطلقت؛ فكتبت عشرين قصة يتم تدريسها في مرحلة رياض الأطفال، وأكدت أن طموحها لم يقف عند أحد، ثم استطردت قائلة: "أعتقد أن دولة الكويت وكذلك سائر دول الوطن العربي، قادرة على أن تبذل أكثر في دعم إبداع الطفل وفقًا لخطة شاملة، من شأنها أن تُنعش القراءة، وتخفف من سلبيات عيش الأطفال في عالمهم الافتراضي."

فيما تحدث الكاتب المسرحي محمد عبد الحافظ ناصف، رئيس المركز القومي لثقافة الطفل، موضحًا الأهمية العظمى لأدب الطفل، خاصة أنه يؤثر بشكل عميق في تكوين ثقافة أجيال كاملة، ثم اتجه بحديثه حول رؤية الشاروني الإبداعية والنقدية، وعن دوره الكبير في عالم أدب الطفل؛ الذي يُعد أبرز رواده. وأكد أن مشروعه الأدبي يهدف إلى إمتاع الطفل وأن يبقى في ذاكرته وأفكاره القيمة التربوية من خلال تلك البصمة التي تركها العمل الأدبي.

وفي نهاية الأمسية التي لاقت استحسان الحضور وإعجابهم، لم يفت الكاتب الكبير يعقوب الشاروني الذي أدار النقاش، توجيه التحية للمتحدثين من لبنان والكويت ومصر، على ما قدموه من كلمات دسمة وأطروحات تصب في خضم عوالم أدب الطفل؛ حيث عقب على قائلًا: "نحن كمصريين لا نعرف الكثير عن أدب الطفل العربي والعالمي ولا نتابع الحركة النقدية عربيًا وعالميًا، وإذا لم نهتم بذلك علينا ألا نأمل في التطوير، أيضا لابد من الاهتمام بترجمة أدب الطفل العالمي، وتساءل في مختتم الأمسية؛ متى سنترجم أدبنا العربي "أدب الطفل؟".

 

تم نسخ الرابط