الأحد 21 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

الفنانة النحاتة سيدة خليل ومعرضها "المعبر" – الأربعاء القادم

الفنانة النحاتة سيدة
الفنانة النحاتة سيدة خليل ومعرضها "المعبر" – الأربعاء القادم
كتبت - سوزى شكرى

يفتتح معرض الفنانة النحاتة سيدة خليل بعنوان "المعبر"، يوم الأربعاء القادم 13 مارس 2019، الساعة السابعة مساء، وذلك بقاعة أوبنتو بالزمالك، ويستمر المعرض إلى يوم 2 أبريل 2019.

العبور نحاتاً والعبور إلى حياة جديدة كلاهما يتطلب منا البحث عن "المعبر"، ففى المعبر مسارات واتجاهات وطرق بعضها طرقاً سهلأ وبعضها يحتاج منا الى مجهود وتفكير وتامل واتخاذ القرار الصائب ، ولكن ماهو هذا المعبر؟ هل هو شاطىء سنرحل منه الى عالم آخر، ولكن كيف ونحن لا نجيد السباحة ولا نملك اشراعة مراكب ، هل هو طريق ممهد ليس به عقبات وعثرات وينتظرنا، هل هو جبالاً نتستقلها ونتحمل عناءها فالهدف غالى والمسار أعلى، وهل نحن جادين فى التخلص من القيود والانطلاق إلى الحرية، أم أننا أصبحنا ضعفاء وتأقلمنا مع عذابتنا، من تلك الاشكالية تعاطفت الفنانة النحاتة سيدة خليل مع شخوصها بمعالجتها وصياغتها المتفردة المتميزة للخامة النحاس ، فمنحت شخوصها مسارات للخروج الآمن والنجاة والحرية، فكانت لهم المنقذة، فهل استجابت شخصياتها لدعوتهم إلى المعبر، هذا ماسوف نعرفة من خلال معرضها الجديد "المعبر".

وعن القراءة النقدية لاعمال الفنانة سيدة خليل والتى قدمتها الناقدة دكتور هبة الهواري تحت عنوان "عند المعبر":

"كانت في كهفها أفضل تعكف على نبعٍ مكنونٍ، ترضى من حيث خلق الله اللطف،تبوح للنجمات البعيدات و هي تحتضر،تلمحها عند عتبات الثقوب السوداء و تختفي ،لا تكترثُ لو وصلت حكاياتها ولا تتعشم كثيراً؛ فالفراغ لا ينقلُ الصوتَ، وهي مستقلةٌ تماماً في معيةِ الفراق، تأنس إلى فيضٍ يترقرق في صدرها وحدها، تلقي بثقلها على كتلةِ السديم ،هناك حيث البين بينلا تتكئ إلا على يقينٍ طفل،لا تتألمولا يشوب مدارها الخذلان.

في أعمال الفنانة سيدة خليل نراها وكائناتها  ما زالت تسعى، تلك الكائنات التي تحكي قصةً حزينةً هي قصتُنا جميعاً منذ بدأ الخلق ، كنا  قد تركناهاوانغمسنا في مجابهة الطريق ،كانت مبعثرة و ليست يقينية بأية صورة ،تطفو في حالٍ غامضة ،كفتات الصخر على حواف البراكين ، لكنها هنا في صدورنا  في أمان لا تؤذي سوانا، لا نمتلك لملمتها أو تصنيفها، فهي تترك أثارًا ننكرها في معظم الأحيان، ربما لو جمعناها نموت، تفقد الآمال بكارتها دون أن تفرحما زالت في البين بين ،ليست واقعةً كونيةً فذة ، وليس لديها صبرٌ على السكون، لم تخرج الى العالم بتمامها،ولا تكف عن النداء.

استطاعت الفنانة سيدة خليل أن تخرج من ذلك الإطار الذي كانت تدور فيه أعمالها السابقة، إطار الحكاية و انتقلت إلى منطقة التعبير عن التجربة النفسية ذاتها وكرست أهميةً أكبر لمشكلة منح الحيوية للكائنات و المجسمات التي تتعامل معها وتعطيها أدواراً في هذا المأزق، حيث الانتقالات الإيقاعية بين المستويات والأسطح التي تصنعها بواسطة عمليات السبك الشاقة وليست مسطحات ذات سمك يمكن قصها و ثنيها، حيث تتعرض الفنانة لمراحل متتالية و كلها غاية في الصعوبة ليتم التحقق لتلك المعاني و الدفقات التعبيرية التي تسيطر عليها فتستغرق في عمليات الطرق و السحب و التكسيح و اللحام ثم عمليات التجليخ والصقل، حيث تولي الفنانة أهمية خاصة للقيمة اللونية للعمل الفني المنتج من النحاس و الذي يتم عن طريق معالجات كيميائية خاصة تسمى"الباتينة" حيث تجابهنا هنا تلك العلاقة الوثيقة بين قوة التعبير عن الفكرة الإبداعية و قوة الصنعة و احتراف التقنية النحتية لخامة النحاس.

نحن في مواجهة ما يزيد على خمسة و عشرين عملاً نحتياً تهيمن عليها فكرة الممر أو المعبر ، مجموعات من شخوص لها هيئة بشرية تتحرك في ممرات قد تكون بيضاوية أو دائرية أو نصف دائرية ،تائهين في مسارات صارمة و مقيدين في حالٍ عالقة في عالم البين بين، حيث أدركت الفنانة قيمة الفراغ بشكل أكبر ،تلك العلاقات التي تنتج من التجميع و الربط ، و عندما تلتقي تلك المستويات عن طريق التوصيلات التي تصنعها سيدة بشكل به بعض الميول و الانحرافات التي تنفذ إلى مواضع الالتقاء و تصنع خلخلة في النسب والتوازنات الهندسية التي نتوقعها بحكم العادة أو الألفة البصرية مع التكوينات.

تطرق الفنانة سيدة خليل عالماً شاقاً وتحكي فيه قصةً إنسانية جداً شديدة الرهافة، باستغراقها في عالمٍ شديد الصرامة و الصلابة، حيث تنصاع لأحكام التوازنات الهندسية لأشكالها ،و كذلك للطبيعة الصلبة للنحاس، و من المدهش أن نرى تلك الإنسانة الرقيقة تعبر بتلك البلاغة التشكيلية عن شخوصها  العالقين تحت وطأةِ الصراع لا يمتلكون قراراً ولا هروباً. و ما هو إلا نفاذ الذات المبدعة لسيدة خليل لتخترق مشقة الخامة و تهيمن على عناصرها لتنطق بما تريد. عمليات متنامية من التلقي و المتعة البصرية التي لا تنتهي و تتعدد بتعدد مستويات الرؤية البصرية و التي تمتلكها خليل منذ كانت الفكرة في خيالها ثم تجسدت في نماذجها الورقية الرقيقة و هي تطلقها أمامنا لتتحولَ إلى أبنيةٍنحتيةٍ نحاسيةٍهندسيةٍ ذات علاقاتٍ رياضية محسوبة لعمليات التقابل و التوازي و الاستقرار على المستوى الأفقي و جمالية في محاولاتٍ للفكاك من حتمِ الحيرة و القيد، يتمزقون في انتفاضاتهم نحو الخروج .

وحدها تستطيع أن تلمس الوقت ، تطأ مخالبه و هو ينبئها بالفوت ..الكلمات تتطاير في عين المدىو اللمسات تنمحي و الذكريات يشربها التراب ،لا وجود للصوت مالم تكن ذرات المزج، ما لم تنهض البهجة بالفرادة المدهشة لا معنى للنبض ما لم يتلقاك رفيق ،لا قيمة لرسائل بالدماء في قاع الملح يذروها الرجاء والحنين حصادثمرات شجر السنط أنضجها الفقدان، و التعلات بالأطياف و الآلهة لم تعد مجدية، تنحت خليلقرص الشمس وهو  يتقلب في المنحدرما له من قرار ،حين قفزت من مشرقها في أول الجرح ، لم تكن تخطط للعودة و لا تأهبت للسقوط الحر في فراغ الفزع ، شاه موضع الحريق و اتكأت في البين بينعلى مضض و الأنفاس سدىً.

تم نسخ الرابط