أكثر من مليوني حاج يرجون رحمة ربهم في عرفات

انطلقت أفواج الحجيج بعد شروق شمس اليوم، إلى عرفات، لتقف في المشعر الأهم بين أركان الحج، في مشهد مهيب، يباهي به الله عز وجل أهل السماء، لما يتضرعون به من دعاء وطلب المغفرة، بعد أن لبوا نداء ربهم، قادمين من كل فجٍ عميق، بمختلف ألوانهم وأعمارهم وجنسياتهم.

في ذلك اليوم العظيم "يوم عرفة" يطمع كل حاج من تلك الملايين في أن يغفر له الله ذنوبه، ثم يشهد الله- عز وجل- الملائكة بأنه قد غفر لخلقه في يوم عرفة.

وفِي عرفات انتشرت آلاف المخيمات، وتلاحظ زيادة نسبة التشجير عن الأعوام السابقة، ما وفر نسبة أطلال كبيرة للحجاج تقيهم درجات الحرارة المرتفعة.

في حين وقفت شاحنات كبيرة في الطرقات العامة، توزع على الحجيج المياه والغذاء والعصائر والمظلات التي تقيهم حرارة الجو، في مشاهد تكافل وتراحم، بمستوى عظمة اليوم.

وكانت الأوتوبيسات قد بدأت في نقل الحجاج إلى مشعر عرفات من الساعات الأولى من صباح اليوم، وتوافد الحجيج على جبل الرحمة وفِي محيطه.

ويوم عرفة هو اليوم الأكثر عتقًا من النيران والمغفرة كما قال النبي- صلى الله عليه وسلم- في الحديث الذي رواه عنه جابر رضي الله عنه: ( ما من يوم أفضل عند الله من يوم عرفة، ينـزل الله تعالى إلى سماء الدنيا، فيباهي بأهل الأرض أهل السماء، فيقول: انظروا إلى عبادي، جاؤوني شعثًا غبرًا ضاجِّين، جاؤوا من كل فج عميق، يرجون رحمتي، ولم يروا عقابي، فلم يُرَ يومًا أكثر عتقًا من النار، من يوم عرفة).

ولقد اطلق على جبل عرفات هذا الاسم لأنه بداية تعارف آدم وحواء، عقب خروجهما من الجنة، حيث كان على جبل عرفة، لذلك سمي "عرفة"، وهو اليوم التاسع من ذي الحجة ويأتي بعد يوم التروية، ويمثل ركن الحج الأكبر‪.

ويتوجه الحاج من مشعر "مِنى" ليقف على عرفات، ويجمع بين صلاة الظهر والعصر، ثم ينفر من على جبل عرفات مع غروب شمس هذا اليوم، ليتوجه إلى "مزدلفة" ويصلي المغرب والعشاء جمع تأخير‪.

ويوم عرفة هو أحد أيام الأشهر الحرم قال الله- عز وجل- (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ)، والأشهر الحرم هي: ذو القعدة، وذو الحجة، ومحرم، ورجب، كما أنه أحد أيام أشهر الحج لقول الله- عز وجل- (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ)، وأحد الأيام المعلومات التي أثنى الله عليها في كتابه حين قال سبحانه تعالى في كتابه (لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أيام مَعْلُومَاتٍ)، حيث فسر عبد الله ابن عباس- رضي الله عنهما- الأيام المعلومات: عشر ذي الحجة‪.

ويوم عرفة أحد الأيام العشرة المفضلة في أعمالها على غيرها من أيام السنة حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما من عمل أزكى عند الله- عز وجل- ولا أعظم أجرًا من خير يعمله في عشر الأضحى. قيل: ولا الجهاد في سبيل الله عز وجل؟ قال ولا الجهاد في سبيل الله- عز وجل- إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء).