السبت 20 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

حوار نادر لمبارك ب«روزاليوسف» منذ ٣١ عامًا.. أقرأ مفاجأت

الرئيس الأسبق محمد
الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك

في حوار ل"روزاليوسف" أجراه الكاتب الصحفى الكبير  مفيد فوزي والكاتبة الصحفية ،إقبال بركة مع الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك بمجلة صباح الخير بتاريخ 18 مايو 1989، تداعى الحديث إلى صبا مبارك وآرائه المختلفة بعيداً عن الحياة السياسية، والى تفاصيل الحوار:

 

مبارك قال لي . .ولكم لأن هذا الحوار ، جرى في حديقة بيت الرئيس، في الهواء الطلق . . انطلقت أسئلتي، ولا أظن أن سؤالاً واحداً ارتد إلى حلقي!.

ربما شجعني اكثر أن الرجل بروتوكوله الصدق واهم طقوسه الصراحة . والأسلوب هو صاحبه ، كما يقول الإنجليز . لذلك كانت رقابتي على عقلى - وأنا أحاوره - ليست متشددة ، فقد أتاح لي أن أفصح عما في نفسي وأن يستقبله بهدوء ، أشعرني براحة دون « حبس دمي» كما يقول الحس الشعبي ! كنت أريد أن أعرف أكثر . مبارك ، الإنسان ، إذ بقدر ما يتضح العمق الإنساني لرئيس الدولة ، وصاحب القرار بقدر ما يحدث التجاوب الإرادي بين الشعب وبين قراراته . وشعب مصر - من بين شعوب العالم - يضيع نصف وقته كل يوم وهو يتساءل دائماً تجاه الاخرين (جواه إيه) ، و(يقصد إيه) . .

 

وبالنزول إلى أعماق القائد تتضح صورته ويتكون اهم شيء وهو عنصر الثقة التلقائي ومبارك ـ كما وصفه شيسون رئيس المجموعة الأوروبية - رجل متفرغ بالكامل لعمله ومهمته ولا شيء غير ذلك وإذا كان نمط عمل الإنسان يفرض عليه طبيعته فمبارك قد أخذ من الطيار - في ادائه - أنه لابد أن يعرف دائماً نقطة البداية ونقطة النهاية قبل أن يشرع في الرحلة . . وهذا ما ينتقد بانه وحذر شديد . . ولكن معه، تصل إلى بر الأمان. ايضاً كطيار وكطبيعة يعرف أن اصغر تفصيل في تجهيز القيام والهبوط واستمرار الرحلة، يحدد نجاحها أو عدمه.

جرى هذا الحوار صبيحة يوم عيد ميلاد الرئيس الذي اظن ان اعياده الشخصية مؤجلة مادامت عينه على إنسان مصر ، وسعادته ورخائه وكرامته . أليس هو القائل لقد رفعنا معاً اعلام السيادة وعلينا أن نرفع معاً اعلام الحياة الكريمة لكل مواطن على ارض مصر

 

استقبلنا في منتصف النهار زميلتي الكاتبة إقبال بركة وانا ، وكانت قد طلبت منه في قطار طنطا ليلة الاحتفال بليلة القدر ان يسمح لها بمناقشته فيما يخص قضايا المراة ، واستجاب الرئيس ، وكانت استجابته تحيه ل صباح الخير ، التي لم تحظ على مر العهود - بحديث إنساني ، عائده سياسي - مع رئيس الدولة . الجلسة بسيطة ، بساطة مبارك ، هو في بدلة سفاري زرقاء من قطن مصر . نجلس في الحديقة الصغيرة على كراسي قش، بيننا ترابيزة، صغيرة عليها نظارته الشمسية داخل جراب بني ونوتة ملاحظاته التي بدون فيها كل شيء ولا تفارقه كنت وانا اهم بالحوار معه ، أريد أن أكتب عنه بصورة مختلفة ليس على غرار ما يخلق الكتاب والروائيون في كتبهم من اناس اسطوريين أو خرافيين بلا شرايين يتدفق منها الدم البشري الساخن . كنت احلم برصد الخلجات الدفينة . واعترف اني ظللت مبهوراً طوال لقاني بنشاط الرئيس الجسدي والذهني ، فذاكرته مدربة - لست ادري كيف - على ارشفة الأشياء بعقل مرتب لا خلط فيه كان الحديث أول أداة عرفها البشر في نقل ثقات ،  . . والأفكار ما هي إلا ادوات تحاول الكائنات البشرية بواسطتها أن تنجز ما نصبو إليه من غابات. وافكار الرجل هي الرجل ومبارك جاء إلى مقعد الحاكم عبر كفاءته وادائه الوطني ، في زمن عبدالناصر كان مديراً للكلية الجوية . وفي أيام السادات رئيسا للقوات الجوية وصاحب الطلعة الأولى في ملحمة العبور . المباشرة منهجه ولهذا تبلور تفكيرى في السؤال۰

 

مدرستك في المصارحة ، هل لها اصول تربيت عليها ام هي نتاج العسكرية؟

أنت لا نستطيع ان تكون صريحاً بالاكتساب لابد أن تكون بيئتك وأنت طفل قد ساهمت في هذه النشأة فمن تعلم الصدق وهو صبي لابد أن تصاحبه في الحياة العلمية وهو  رجل وأنا قد تعودت على الصراحة وانا انتمي لأسرة يمجدون قيمة الصراحة ويعتزون بها ، لان لا لف فيها ولا دوران . انت تصل إلى النقطة المباشرة والجهد الوحيد الذي تبذله ان تكون صريحاً . وسط هذه البيئة نشات ، واعترف لك انى عشت معظم وقتي في البلد . يعني ماجتش العاصمة إلا أخيراً ، . عشت في قويسنا بعض الوقت ، وفي منوف ، وفي قرى وبلاد مجاورة . تربيت على تقاليد . تستطيع ان تقول حكمتنا هذه التقليد . تربيت على الصلاة و الفرض بفرضه ، . كان إلى جوار بيتنا جامع صغير وكنت اذهب للصلاة في الجامع . كان الاحترام من الصغير للكبير سمة طبيعية في جيلنا . كان من يركب بسكليت ، او حماراً ، يترجل إذا مر على ناس اكبر منه عمراً او مقاما ، كان لابد من السلام ومخاطبة من هو اكبر مني بكلمة عمي. أي واحد في مقام والدك يبقى عمك على طول . كان الكذب جريمة لا تغتفر .

تعلمت ان اقول الصراحة او اسكت . تربيت عليها ومن الصعب ان اغير ما انغرس في داخلي من قيم . ثم جاءت العسكرية فلم تكن كمنهج إلا امتداداً لهذه الصراحة انت تسئلني هل خسرت يوماً بسبب صراحتى ؟ ، . . نعم ولكنها لم تثنيني . ربما خسرت إلى حد ما ، ربما جلبت شوية متاعب ، ولكنها اصبحت طبيعة ثانية كما يقولون ،

 

وكحاكم لا احب الضحك على الناس ولا اهوى اللعب بعقولهم . « حاقول الواقع والحقيقة . قد تغضب ، وقد تتضايق لكنك في النهاية سوف تستفيد . انا لا احب ان انثر بالونات التفاؤل بلا حساب . انا اصارح بالحقيقة ولا افقد الأمل . وهذا منطق المواجهة الذي أومن به ولا اتزحزح عن الإيمان مهما كانت الظروف . الإنسان باصغريه ، كما يقولون ، قلبه ولسانه ، فالقلب يشعر واللسان يفصح عما يشعر به ولو اقتصر الأمر على قلب بشعر فقط ، لما عرفت الدنيا رسالة لرسول ولا فكرة المفكر ولا معتقدات لحاكم .

ماذا يا ترى في ذهن مبارك : فيم تكمن مشكلة الإنسان المصرى . . هل لابد من شحذ همته عبر محنة أم ماذا ؟

 

اجاب الرئيس : - . عاوز الصراحة ؟ ، الإنسان المصرى منذ بدء البشرية وعبر العصور . . والحكومة ترعاه . . في كل ظروفه وتعداده , عندما كان ٩ ملايين نسمة و ۱۲ مليونا وعشرين مليونا و 30 مليونا . كانوا يطلقون عليهم ، عيال الحكومة ، . وإن فاتك الميرى اتمرغ في ترابه ، . التصقت هذه المعاني بكيانه واصبح معتمداً على الحكومة ، حتى في اقل المهام ، حتى قبل الثورة . صمت الرئيس برهة وتداعت في راسه الصور : - كان فيه قبل الثورة حرية محدودة ، ومن يتكلمون عن قانون الطواريء الآن يعرفون كيف كان قانون الطوارىء زمان . كنت تقعد في المعتقل سنتين ولا حد يقدر يفتح بقه ، ، مقبوض عليه بامر الانجليز . كيف يستقيم الأمر . . .

اللى بيعملوه زمان بيتكلموا عن قانون الطواريء النهارده ، . قانون الطواريء . . لماذا ؟ ببساطة حمي الشعب من الذين يلعبون به وبقوته وبمصالحه ، قانون الطواريء ليس لحماية حاكم . . الحاكم مش عايز حماية . انا يوم ما اشعر كحاكم إني في حاجة لحماية ، اترك امكاني . . اصارحك اكثر . . و الحاكم اللى عايز حماية من شعبه لا يصلح أن يكون حاكماً ، . . انا مش جاي علشان احمي نفسي من شعبي ، . إن دوري هو ان اساعد الشعب على اجتياز حاجز مشاكله ، ومعاناته ، اريد ان اسهل الطريق أمامه ، إن الشعب هو الذي انتخبني . . . احمي نفسي منه ليه ؟ ! . . . .

إيمان مبارك بشعبه لا حدود له . وإذا كان قدر الشعوب في رحم الغيب ، فإنها أيضا تحت نهم عقل الحاكم لطبيعة شعبه وكيمياء ظروفه . . وإذا كان الناس الذين يعيشون في القمة يرون بصعوبة البشر . الذين يعيشون في القاع لأسباب جغرافية فإن مبارك يعرف أن لا أسباب جغرافية تحول دون رؤية الناس في القاع فهو حاكم يرى الناس بشكل افقي وليس عبر منظور رأسي كيف يفكر رئيس الدولة في الإنسان المصري أكثر وتبلور

سؤال : كيف يخرج الإنسان المصرى من مرحلة اعتماده المطلق على الحكومة و الميرى؟

أجاب الرئيس المسألة تأخذ وقتاً ، لا يمكن أن تتغير بين يوم وليلة لابد من المصارحة لابد أن يقف على أرض صلبة لا رخوة يجب أن تقول له ( ظروف إيه موقفك إيه ) الأمل هنا ضرورة فبغير الأمل لا حياة ولكن لابد أن تخاطبه بواقعية  لابد من عمل متواصل ، لابد من إنتاج لايهمد ولا يفتر فيه الحماس أنا أصارحة عشان يعرف حقيقتة قلت المصارحة هنا ، بناء ، بناء للشخصية واقتراب من فكر الحاكم ،

وقالت زميلتي إقبال بركة : وليفهم الناس ايضا - يا سيادة الريس - معنى أي إجراء .

أجاب الرئيس : - المصارحة واقع ، ومن الضروري أن يفهم الناس عمق الإجراءات دي لها سبب وهو مصلحته وأنا عندنا أقرر إجراء ما أو حتى أحرك سعر أي شئ من بعض الأساسيات لا أحركها من منطلق أن أضايق الناس . هذا غير وارد بتاتاً . فالشعب الذي انتخبني احاول ان اوفر له اسباب الرفاهية ، ومن الضروري أن يكون معي على نفس الموجة وان يدرك بعمق اني باعمل لصالحه ، .

السياسة والأخلاق خطان متوازيان وأظن أنهما لن يلتقيا أبدا . ومبارك ليس سياسياً محترفاً . فلا تزال الأخلاق عنده تغطى مساحة السياسة ودهاليزها . لقد أردت أن أنفذ إلى مفاهيم ترقد في نفسه فكان السؤال . . الثواب والعقاب ، اليس فلسفة حكم تضع حداً للاستغلال والضمائر الميتة ، وتثير الشهية للعمل؟

 

اجاب الرئيس : . - هذه الفلسفة قائمة ولكن العقاب إذا زاد على حده ، قد يجلب لك نتائج عكسية . بعض الناس يقولون : « إعدام المدمنين لابد أن يتم في الميادين . . انا اقول : لا ! نحن بلد له تقاليد ولا استطيع أن أعدم إنساناً في ميدان عام ليس هذا تحضراً . لا استطيع ان اقلب المجتمع إلى مجتمع متوحش وغير متحضر .

الشعب المصري ، شعب طيب . وماينادي به البعض ، يجعله شعب متوحش بياكل بعضه . . اريد ان اقول لك إن حتى العقاب له بعد انساني نابع من ماذا ؟ نابع من تقاليدنا والفلسفات نابع من حياتنا وظروفنا كدولة والتقاليد هي الأساس ، خد مثلا ، يحدث أحياناً أن يتناول قلم كاتب او صحفي ۰۰ وزيراً ويقسو في الهجوم ويتناول أشياء هي ضد تقاليدنا . هذا الوزير قد يكون له بنتان أو ولدان ، ولد في الجامعة بنت مخطوبة بنت متجوزة جديد , بنت على وشك تتخطب ، عندما يقسو الهجوم باتهامات مبعثرة يميناً وشمالا , تصاب نفسية الأولاد بالعقد ، « تجيب امراض نفسية . . الولد قد يمتنع عن الذهاب للمدرسة البنت سوف تنزوي . وليس من المفروض أن تتسرع الأقلام في احكامها ، حتى ولو كان عندها ما تدينه به . فلا يجب الزج . . باسرته . ففي هذا . تدمير للعائلة ، ، وربما كانت بريئة تماماً من ايه اتهامات .

انا اقول لك - عبر حواري معك - موجهاً الكلام للأقلام : يا صحافة راعوا هذا أصالة مبارك ليست في ابتداع نظريات ، إنما في تطوير تجارب إنسانية لواقع مُعاش ، إنه يحرث أرض الواقع المصرى . وتبلور هذا المعنى سؤال : هل تربط بين الضائقة الاقتصادية وبعض القيم التي غابت ومنها ضياع التقاليد ؟

اجاب الرئيس : ـ غياب بعض القيم نتيجة حتمية للضائقة الاقتصادية. زمان كان ذهاب الفرد للجمعية التعاونية ، غير مستحب ، « كان يقولك دي جمعيات الناس محدودة الدخل . كان اى رجل في مركز كبير يتعفف ، عن الذهاب لهذه الجمعيات حتى لا يخطف شيئاً من ايدي الناس الغلابة . الآن الوضع تغير ، البعض وهم القادرون يذهبون وياخذون من الجمعيات ما يريدون وما يزيد على حاجتهم ، واحياناً يصله ما يريد لغاية بيته ، ضاعت التقاليد . اسييء استخدام القيم والدلالات اشتغلوا ، وولدت السوق السوداء . لماذا ولدت ؟

لان اسلوبنا في الاستهلاك ليس طبيعياً . أية إشاعة همس بها مغرض و يريد إرباكنا وإرباك البلد ، تنتشر بسرعة البرق وينفد سكر الجمعية في ساعات مع انه يكفي كل الناس . . ولكن اسلوب الاستهلاك غير الطبيعي يجعل بعض الناس يتكالب على السلع . . الأرز والسكر ويخزن في بيته 40 و 50 كيلو ليس في أي بلد في الدنيا هذا التكالب . . وفي بعض البلاد الاشتراكية يسألك إذا زاد طلبك على المقرر لك ولا تستطيع أن تأخذ أكثر من حاجتك . قالت زميلتي إقبال بركة : ما ملاحظات سيادة الريس على نمط الاستهلاك في الأسرة المصرية ؟ !

أجاب الرئيس : - عاوزة الصراحة ؟ فظيع !! شيء محير ! ! لكن الأمر لا يخلو من مظهرية العامل الذي يعمل ثلاثة او اربعة ايام إذا ما قبض القرشين ، ذهب ليأكل كباب (لغاية فلوسه ما تخلص وبعدين يرجع يشتغل تاني ، وطول ما في جيبه فلوس يبطل يشتغل). إنها ضرب من ضروب المظهرية حتى في أبسط الناس ، تعال نتأمل الدعوات للغداء والعشاء قد تكون الدعوة لعشرة أشخاص . ( مايصحش لابد انها توكل مائه ، وإلا قالوا عنا فقرا ) .

اذكر ان زوجتي كانت مدعوة على مائدة مسؤول كبير في أمريكا .

كان عدد المدعوين ۱۰ بين مصريين وأمريكان . مم كان بتكون الغداء ؟ من طبق شوربة وطبق سلطة وقطعة أيس كريم . تصور لو قدمت لضيوفك طبق شورية وطبق سلطة . يطلع يفضحك في أنحاء المعمورة ، أريد أن أقول إن المظهرية و الفشخرة ، تلتهم حياتنا . وتعمل برُوزات في اليمين والشمال والظهر وأحمال على القلب وسكر وضغط ، وكل أمراض الدنيا سببها الإفراط في الأكل ، وهذا يكلفنا للعلاج أدوية وخلافه . كل هذا سببه نمط الاستهلاك السييء والمظهرية التي تحكم حياة البعض

 

عندي سؤال شديد البساطة ، لكنه ضروري ولا أريد أن أكتمه عن الرئيس : لماذا تفضل أن تكون معظم لقاءاتك بحديقة بيتك وليست في صالونات ؟

اجاب الرئيس : ـ لا أحب (قعدة الصالونات والغرف المغلقه). . ولو ظللت بعض الوقت في غرفة مغلقة اروح طالع بره على طول ، ، طول عمري ، أفضل المكان المفتوح وأنا تلميذ كنت اذاكر في الجنينة واتمشي ع الزراعية . كنا نشي وسط الغيطان ونذاكر والهواء نقي جداً . الآن أذهب إلى الإسماعيلية واقضي وقتي في الهواء الطلق .

قلت : عندما قلت : عندما جئت إلى الحكم ، هل تخليت عن بعض مفاهيم قديمة كانت تصاحبك طوال العمر . . ؟

أجاب الرئيس : - لم اتخل عن شيء إلا عن . الأصحاب الانتهازيين ، الذين يريدون استغلالى . ساعتها اقول بالفم المليان ستوب . أحد أقاربي على سبيل المثال يعمل في مكان ما قال لي إن اسم . مبارك . تاعبني وعاوز اغير مكان شغلى . قلت له : إذا كانت كلمة مبارك تعباك ، غير اسمك !

-كنت أعلم أن علاء مبارك ابن الرئيس مبارك قد خطب فتاة أحبها واحتفل الرئيس - في حفل عائلي ضيق - بهذه المناسبة . . كنت أريد أن أسأل : هل يؤمن الرئيس بالزواج التقليدي لأولاده أم هو يعطيهم حرية العاطفة . منعني من السؤال شعوري بأن الرئيس يعتبر حياته الخاصة وحياة عائلته . من خصوصياته . . لكن هذا لم يمنعني أن أصوغ أمامه هذا السؤال : -قراراتك العائلية . هل يجتمع مجلس العائلة لمناقشتها . . أم هي وليدة تفكيرك ؟

أجاب الرئيس بسؤال : - زي إيه . . مثلاً ؟ قلت : شيء متعلق بسفر الهانم ، شيء له صلة بعلاء أو جمال ! ! أجاب بلهجة بالغة الحنو :ـ إنهم يستشيرونني دائما ، وعندنا خط عام وكل واحد منا يعرف مربعاته . إذا كان واحد منا سوف يتحرك في مكان معين فإنه يسألني : أنا معزوم في الحتة الفلانية إيه رأيك يابابا . أقول له والله يابني اعتذر له بطريقة لطيفة لأنه حيبقى فيه كذا وكذا ويقولوا كذا وكذا ، وأنت عارف برضه انتهازية بعض الناس يقتنع. زوجتي عاوزه تسافر تسألني إيه رايك . اقولها لا . . بلاش الموضوع ده لأن ظروفه كيت وكيت وقد يُستغل بالشكل الفلاني يعني فيه تشاور بيننا باستمرار وفيه خط عام . -تستوقفني عبارة نابليون (قلب رجل الدولة لابد أن يكون في رأسه).

ربما لهذا طرحت سؤالا كان يجول بخاطري دوما كلما لمس الرئيس المسألة السكانية. أفرجت عن السؤال أمامه : هل تعتقد أن الدين يستطيع ان يلعب دورا في التأثير الوجداني في قضية الزيادة الموجعة في السكان. هل لو طلع الأئمة في المساجد والوعاظ الكنائس يؤثرون ؟

أجاب الرئيس : لقد تكلمت في يوم الدعاة في 4 مارس في هذا الموضوع بالذات وقلتها بصراحة لرجال الدين . وقد تجاوبوا معي واعطوا فتاوى كثيرة و محرموش تنظيم الأسرة . و . احنا مابنقلش نحدد نسل . نحن ننادي بتنظيم الأسرة . لابد أن تحافظ الأم على صحتها ليكون أولادها في صحة جيدة و تبقى عيلة متدينة ، صحية متعلمة . ليس معقولاً أن تنجب أسرة عدداً من الأولاد مع دخل محدود للغاية ، لن يجدوا اللقمة ولا الملبس حيطلعوا معقدين ، الدعوة ليست استراتيجية دولة فقط بقدر ماهي صحة مجتمع قادر على العمل وصحة أفراده النفسية

 قالت زميلتي إقبال بركة : هل حدث ياسيادة الريس تفكك في الأسرة المصرية ؟

أجاب الرئيس : - ليس لهذا الحد . فمازالت العيلة المصرية مترابطة وأنا لا شئ يفرحني مثل ترابط الأسرة وتماسكها . ملاحظتي تنصب فقط على انبهار الشباب . شباب الآن بعضه وليس كله عاوز يطلع بعد سنة اتنين يبقي مليونير . وعنده فيلا وعربية ومتجوز وعايش عيشة ما بعدها عيشة ، كنت أقول لأولادي ومازلت إن العمل يحقق لك احلامك . وإن التصورات الخيالية المبهورة شئ بعيد عن الواقع قاطعت الرئيس بإذن منه : متى اشتريت أول سيارة في حياتك ؟

أجاب الرئيس : ـ لقد قلت لابني مرة ، انا ماشتريتش عربية إلا لما بقيت مقدم في القوات الجوية وسافرت بعثة واثنتين وحوشت قرشين أنا لم أولد وفي فمي ملعقة من ذهب .

صراحة مبارك تحرضني على الصراحة وكانت صياغة هذا السؤال هكذا دون أي تعديل . عفواً ، تبسطك مع الجماهير ، هل هو فلسفة خاصة ؟

وإن كان البعض يقولون إن هذا قد يقلل من وقار الحكم . انا مع تلقائيتك ، ولكني أنقل لك وجهة نظر المتشنجين . أجاب الرئيس باهتمام - انا لن أغير نفسي بادىء ذي بدء .

. ثانياً ، المتشنج خليه يتشنج ، أنا لا أحب أن أكون . منشّي ، ولا أحب أن يصفني الناس أني في , برج عاجي ، . فيم يؤثر التبسط مع الناس في وقار الحكم ؟ اذليس هؤلاء الناس بشراً ؟ هل تجهم الحاكم مطلوب لوقار الحكم ؟ والرئيس الأمريكي - مثلاً - لما ينزل و يهرج ، مع الناس ويضحكون لقفشاته يقلل من وقاره ؟ ماهو الوقار في الحكم ؟ أن اعتزل الناس . . واخالط الصفوة فقط . . وإذا لعبت رياضة طلبت فلان بك وفلان باشا ؟ هل هذا هو الوقار ؟ هل الوقار أن اتحدث مع الناس بقفاز أبيض وردنجوت . ؟ أنا أتعامل مع المواطن كاخ وكاب كبير ، وليس كرئيس ، هذا الإنسان الذي انتخبني أعامله بإخوة دون أن أتعالى عليه . أنا مؤمن أن العلاقات الإنسانية تذيب أشياء كثيرة . إذا كانت هذه العلاقات الطيبة مع أغلب رؤساء العالم لها دور في السياسة الدولية فما بالك بالعلاقة بين الحاكم وشعبه الذي انتخبه ، إنني اتبسط ، نعم ، فهذه طبيعتي ، ولكن يوم تخطيء فهذا أمر آخر . وتأتي لحظة الجد . . غلطت مليش دعوة بيك ما اعرفكش .

سألت زميلتي إقبال بركة الرئيس : أي المؤسسات الثلاث أولى بالرعاية : الشارع أم المدرسة أم البيت ؟

أجابالرئيس : - البيت لأنه الأساس والمرجع وأضيف و « الوالدان ، . احياناً نرى اسرتين ، واحدة رب العائلة فيه وقار الأبوة والعائلة الثانية رب العائلة ، كأنه شقيق كبير . ونكتشف أن الأب الغليظ القلب ، يُرعب أولاده . ينظرون له برعب . يقتربون منه في رعب . هل تعلمين النتيجة ؟ عمر الولد مايقول لأبيه الحقيقة . ولو عنده مشكلة يكتمها عنه ، ولو لقى أمه صريحة وطيبة معاه . حيصارحها بس الأب والأم حيقعوا مع بعض ويظن الأب أن الأم تفسد ابنها . لابد من تعاون الأب والأم في سفينة الحياة الأب العنيف سوف تكون نتيجة عنفه أن يكتم عنه أولاده كل مشاكلهم

علقت إقبال بركة : وأحياناً يشكون عنف الأب ا الأصدقائهم . قال الرئيس : هل هذه تربية ؟

 ضمن كلام الرئيس أن ربة البيت هي التي من الممكن أن تُرشد استهلاك البيت وتلعب دوراً سياسياً غير مباشر . . ولكن السؤال هو : المراة والسياسة في مصر ، خافتة الصوت ؟

 أجاب الرئيس : ـ المرأة في السياسة ليست خافتة الصوت كما تتصور ولكن المرأة بحكم ظروفنا وتقاليدنا لم تحقق الكثير . . يعني ما طلعتش في المجال بصورة كبيرة ، . هي نصف المجتمع وهناك كفاءات كبيرة جداً . واتمنى ان تحلق المزيد من الانتصارات في مجالها الاجتماعي .

قلت للرئيس : وشباب مصر ، هل باشتغاله بالسياسة في الجامعة ؟ أجاب الرئيس : أنا أومن أن من حق الشباب أن يعرف الموقف السياسي ويُحاط به (٢) انا لا أوافق على استخدامه سياسيا في الجامعة ضد أي عمل . ( ۳ ) أريد للشباب أن يتعلم ، تعليم صح ليفيد بلده ويطلع ينضم لأي حزب سياسي . لكني أطالبه - في الجامعة بالتركيز على علمه . من حقه أن يفهم واقع بلده . لكني لا أتصور أن فئات تجمع فئات من الطلبة ضد فئات أو تستخدم فئات لعمل هرج ومرج في الجامعات ، هذا بوضوح مرفوض ولسنا فيحاجة إلى هذا ، الأن . محترفو السياسة لا علاقة بين مايفكرون فيه وما بقولوه ولا علاقة أيضاً بين مايقولونه ويعملونه . ومبارك - رئيس الدولة . يكره السياسة بمعنى الشطارة .

لهذا جاء سؤالي كما هو ، دون ادعاء شطارة في صيغته أو تنسيق ألفاظه : كيف ينظر مبارك إلى الأغنياء في مصر ؟

أجاب الرئيس : - أنا أحترم الأغنياء طالما يستخدمون أموالهم في خدمه الفقراء في الاستثمارات والإنشاءات والمشروعات . اللى تشغل فقرا كتير ، واحترم الأغنياء الذين يؤدون واجبهم الوطني تجاه هذا الشعب بدفع الضرائب أساس التكافل الاجتماعي التي ينفق منها على الفئات غير القادرة . هذا الغنى الوطني الذي يسير في هذا الاتجاه ويساعد بلده ، انا معه وبدون هذا ، سوف يزداد الفقير فقرا . وسوف ينمو الحقد الاجتماعي بقلب الفقير على الغني. .

قالت زميلتي إقبال بركة : هل فيه فجوة بين الطبقات يا افندم ؟

اجاب الرئيس : - ليس بالدرجة التي نتصورها ، والأغنياء ليسوا بالغني الضخم زى مابنقول ، وعندهم فلوس بره . كل ده كلام تقديري ولا أساس له من الصحة ولا يستطيع حد يحصيه . أنا أطلب من الأغنياء إرضاء ضمائرهم بدفع الضرائب . وبذلك انتزع الأحقاد من طريقهم واخفف وطأة الحرمان من الطبقات الفقيرة . مبارك - عبر قراءة أفكاره - يريد تطورا بلا مضاعفات أو ارتجاج اجتماعي ، ولكنه طيار ، تحمل طائرته اطناناً من القنابل ويسير ببطء حين يقترب من الموقع ولكنه يدكه تماما . ولديه رؤية عريضة كلية وهو محلق في شمولية واستيعاب ومن هنا يأتي سؤال يدفعني إليه ماقاله مرة د.أحمد هيكل حين وصف مبارك بأن ظروف الفطرة والأسرة والبيئة جعلت تكوينه يتشرب الطهارة والجدية والاستقامة فما معاييرك في اختيار معاونيك ؟

جاب الرئيس بهدوء : - الإخلاص والتفاني في العمل . يسبقهما الأخلاقيات والمبادىء . ولو كان كفؤا ومنحرفاً مش عاوزه . . لماذا . . اسألني ؟ ! . لانه حيطلع عيني ، سوف احتاط له ، وسوف احذر منه وسوف أضع عيني عليه وأنا مش فاضي أراقب حد . عشان تبقى عارف .

سألت الرئيس : الرياضة تحتل مساحة من حياتك فهل تساعدك على صفاء التفكير والتركيز في قراراتك ؟ أجاب الرئيس : - عندما أمارس الرياضة ، فإنني أعطي للرياضة حقها . لا مناقشات في العمل ولا تفكير في قرارات تخص الدولة . لا أسمح بأى كلام عن مسؤول كبير . ولا أعطى أذني للنميمة التي قد تتسرب في الزحام ، إن كل شيء له أصول . وإذا سمعت من أحد ما ترفضه النفس ، واجهته بصراحة تغضبه .

علقت زميلتي إقبال بركة : ماذا تعطيك الرياضة من الناحية النفسية ؟ أجاب الرئيس : - تغسل هموم اليوم كله . سالت الرئيس : متى تنام عادة ؟

أجاب : الساعة حداشر . سالت إقبال بركة : هل تشاهد التليفزيون ؟ أجاب الرئيس : احيانا قلت : هل تختار مواد ، بعينها ؟ قال : ليس بالضرورة ، أنا وحظي وحسب الوقت . مبارك - الإنسان - جاء في زمان مصر وقد حمل تراكمات ماضية ثقيلة الوزن والحجم .

ويثور سؤال : هل يحدث لك شيء من اليأس والإحباط من فرط ما تواجه من هموم مصر ؟

أم تواجه رياضة التفاؤل ؟

الرئيس : أبدا مادامت هناك حياة ، فهناك أمل . تحريت عن لعبة أو رياضة الإسكواش التي يمارسها الرئيس ، وحصلت على هذه المعلومات :

۱ - أهم ركيزة في هذه الرياضة سرعة الأذهان والأبدان

۲ - إنها ثاني أسرع لعبة في العالم بعد البلتو

٣ - اللعب في حيز ضيق ، فلابد من الهروب من حرج يسببه لك خصمك وهذا يحتاج سرعة رد الفعل وسرعةالبديهة

٤ - لاعب الإسكواش ، لابد أن يكون على أعلى مستوى من اللياقة البدنية . فاللعبة ، مثلثها : اللياقة البدنية والفنية والذهنية

٥- إنها واحدة من لعبات السادة المهذبين ( الفروسية والسلاح والتنس والإسكواش ) .

٦- افضل لاعبي العالم هو جانا بخير خان باكستاني

۷ ـ يحتاج الإسكواش إلى ملكة التركيز الشديد ، وإذا شحب التركيز تسهل الهزيمة . سؤال للرئيس : هل تنظر للحكم بزهد تام - الحكم عندي هو المسؤولية ، وأنا تعودت أن أواجه وأبذل أقصى طاقة ممكنة ، وإذا كنت أتحمل مسؤولية بيتي كرب عائلة ، فأنا أتحمل مسؤولية البيت الكبير : مصر ولا أستطيع أن أتنصل عن هذه المسؤولية مهما كانت الأعباء .

متى ينتابني اليأس ؟

عندما أجد الناخبين الذين انتخبوني وأعطوني أصواتهم وثقتهم غير راضين .

إن ضميري يتصدر آدائي لهذا الوطن وترابه الغالي . سؤال أخير : هل كلفتم مساعد السيد رئيس الجمهورية بقضايا معينة تحمل عنك بعض العبء ؟ اجاب الرئيس : ـ نعم ، كلفته . وأكلفه . قلت : اى نوعية من القضايا ؟ ابتسم وقال : كفايه فضول ! عند الرئيس مبارك : ميناء الإقلاع : مصر . و ميناء الوصول : رخاء واستقرار أمن انسان مصر . الارتفاع محلقا : بارتفاع هامة وكبرياء المصري . السرعة : بكل حذر السلامة . الرحلة : رقم واحد في مهامه الكبرى.

تم نسخ الرابط