الجمعة 19 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

لواء عبد الرحمن محروس المصري يكتب "شباب ضد الإرهاب"

بوابة روز اليوسف

الإرهاب الأسود وسيلة من وسائل الإكراه في المجتمع، وهو عبارة عن الأفعال العنيفة التي تهدف إلى خلق أجواء من الخوف لدي المواطنين، ويكون موجهاً لأغراض دينية أو سياسية، أو هدف مغرض، ولنشر الوعي بمخاطر الإرهاب على المجتمع ودور الشباب في مواجهته.

 

فالإرهاب مرض وسرطان خبيث أصاب العالم كله ، وهدد امن واستقرار الدول ولا يوجد أي دولة سواء إلا ولم تنل من كيد الإرهاب ، ولذلك يجب إن تتضافر الجهود لمواجهته ، حيث إن هدف الإرهاب هو زعزعة الأمن والاستقرار، وهدم الدولة المصرية ، وان المنظمات الإرهابية تستهدف الشباب من خلال التجنيد الإليكتروني عن طريق اختيار عناصر تتوافر فيها سمات ومؤهلات معينة لأدوار محددة يتم تدريبها لتطوير قدراتها وإسناد الأدوار لها بشكل فعلي ، وان عملية التجنيد ممنهجة لإعادة تنشئة الشباب والأطفال ، وتستخدم طرقا فعالة لأقناع المستهدف ولا تتم بطريقة عابرة بل تمر بعدة مراحل ووفق شروط معينه ليجد الشاب نفسه مندفعا لأعمال إرهابية بكامل الاختيار ، وتستخدم الجماعات الإرهابية فنون الإقناع القسري للسيطرة على العقل بحيث يصبح الشاب لينا مطوعا لأمير جماعتهم، فهم يستخدمون الاستقطاب الإليكتروني لسهولة التعامل مع مواقع التواصل الاجتماعي وسرعة نشر المعلومة مع قلة التكلفة. 

 

وقد ناقش منتدى الشباب العالمي، والذي عقد في مدينة شرم الشيخ مؤخرا، بحضور نخبة من الشباب حول العالم اجمع، حيث أشار فخامة الرئيس السيسي إلى أن الإرهاب صناعة شيطانية تستخدم أدواتها في الإنسان وتقدمه، موضحا أن الجريمة المنظمة تدخل تحت ساتر الإرهاب، وأن الإرهاب أصبح غطاء لكثير من الأهداف للدول التي ترغب في تحقيقها، مشددا على أن أخطر ما في الإرهاب هو استخدام الشباب للفكر المتطرف لتحقيق أهداف دنيئة ومصالح سياسية، ومن هنا جاء دور الشباب في مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف، ومشاركة الشباب في تنمية دولهم مهم جدًا، ويمنعهم من أن يكونوا فريسة سهلة في يد الإرهاب، إضافة إلى الاستفادة من طاقات الشباب المختلفة الذين يرغبون دائمًا في الحركة والقيام بالأعمال المختلفة، مؤكدًا أن اهتمام الحكومات بهذا الجانب يساهم في إبعاد الشباب عن التطرف.

 

  وإن الاستفادة من الشباب في مواجهة الإرهاب يكون عن طريق رفع الحس الأمني لديهم، ويتحقق ذلك برفع الثقة بينهم وبين المؤسسات الرسمية، وأنه في حال انقطاع الثقة لن يكون هناك طائل من جهود الدولة في الإرهاب.

 

  إن مكافحة الإرهاب ليست مسؤولية الحكومات وحدها، فهي مسؤولية يتشارك فيها كل فئات المجتمع بما فيهم الشباب، ولكل دور يؤديه، معتبرًا أن التزام الشباب بالتعليمات الأمنية والقوانين، سيساعد الدولة كثيرًا في معركة الإرهاب. 

 

إن البطالة من أهم الأسباب التي تساعد على تجنيد الشباب لدى الجماعات المتطرفة ، فلا بد من رفع ثقافة الشباب ، بداية من الصغر، وإعطائه دوره الكامل في المجتمع، ليكون هناك ارتباط بين الشاب والمجتمع ، ويشعر بدوره فيما يحدث من حوله، وإشراكه في القضايا التي تمر بها البلاد ، إلى ضرورة تفعيل القوانين والتشريعات عبر القنوات الرسمية التي تواجه التطرف والإرهاب الفكري في المجتمع ، وأهمية دور المسارح والأنشطة الشبابية الإبداعية والثقافية لمواجهة الفراغ لدى الشباب المؤدي إلى الوقوع في التطرف ، والتشجيع على الاحترام المتبادل ونبذ الخلافات. 

 

وللشباب دور كبير في تنمية وبناء أي مجتمع لمواجهة أي أخطار خارجية كـالتطرف العنيف، ولا يقتصر دورهم على مجال محدد، بل يتقاطع مع جميع المجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وجميع قطاعات التنمية، أيضا لهم دور كبير في مناهضة التطرف العنيف. 

 

إذا هذه بعض من العوامل والأسباب الرئيسة التي توفر بيئة جذابة للتطرف العنيف والفكر المشوه، وهنا يجب التركيز على هذه العوامل والأسباب ومعالجتها لأنها تستهدف الفئة الأكبر من فئة الشباب وإيجاد حلول واستراتيجيات لمكافحة التطرف وإشراك الشباب في المؤسسات الحكومية والمجتمع المدني في مكافحة التطرف العنيف. 

 

إلا أن الشباب ليسوا شريحة مهمشة ولا يجب أن يكونوا كذلك، لأن ذلك يجعل منهم شريحة مستهدفة. الشباب يمتلكون طاقة هائلة وهم الأكثر قدرة على تغيير العالم، والعمل على توعيتهم ودعوتهم للبحث عن فرص لاستثمار طاقتهم. 

 

وعدم توفر هذه الفرص يجعلهم يصابون بالإحباط ويسهل انجرافهم نحو التطرف العنيف وعليه يمكن مشاركة الشباب في مؤسسات المجتمع المدني وتفعيل دورهم كدور رئيسي وفعال في المجتمع، حيث أن بعض مؤسسات المجتمع المدني تقوم بمشاركة الشباب في العملية التوعوية عن طريق مشاركتهم بمناهضة خطاب الكراهية وإثراء الخطاب البديل. 

 

وبالتالي التصدي لجميع عوامل الدفع والجذب التي من شأنها أن تحفز على التطرف العنيف ، حيث أن المشاركة الفعالة لفئة الشباب تولد داخلهم بما يسمى ’’الصمود‘‘ وهو أن يتمتع الفرد بالقدرات الإيجابية للمعرفة والمهارات والقدرات للحماية من العوامل التي تؤدي إلى الانجراف للعنف والكراهية ، مما يسهل عليهم الاندماج مع الآخرين وخلق مساحات للحوار الفعال والبناء ومقاومة العنف والتطرف العنيف من خلال تحسين العلاقات بين المواطنين والشرطة و تحسين المناهج التعليمية لإثراء الفكر الناقد وتقديم مبادئ السلام الصحيحة ، هذا مثال على دور الشباب الفعال في المجتمع وكيف يلعب دورا رئيسا في مواجهة التطرف العنيف، وكذلك في توعية الأفراد .  وبالتالي؛ تعتبر فئة الشباب هم وقود التنمية والتطوير المجتمعي لأي مجتمع وأنه لا بد من بذل الجهود للاستفادة من طاقة الشباب.

 

  والسؤال هنا الأكثر أهمية ما هي الأسباب التي تقود الشباب للتطرف العنيف؟، وما هو دور المؤسسات الحكومية والمجتمع المدني في مواجه التطرف العنيف، في البداية يجب أن نوضح معنى التطرف العنيف، حسب مجلس الأمن الدولي تم تعريف التطرف العنيف على الشكل التالي “هو البرامج والسياسات التي تهدف إلى ثني الأفراد أو الجماعات عن نشر الفكر المتشدد والتجنيد في التطرف العنيف واللجوء إلى العنف الموجه أيديولوجيا من أجل تحقيق أهداف اجتماعية، اقتصادية، دينية أو سياسية. 

 

ثم نأتي الآن إلى محاولة فهم ماهية الأسباب التي تدفع وتجذب فئة الشباب وهي الفئة الأكبر والمستهدفة من قبل التطرف العنيف، حيث أن هناك مجموعة من الأسباب بشكل عام التي تقود الشباب للتطرف مثل الفقر، البطالة، الجهل أو حتى لأسباب سياسية أو دينية وثقافية، إلا أن الأسباب والتداعيات تنقسم إلى ’’عوامل الدفع‘‘ و ’’عوامل الجذب‘‘. فعوامل الدفع’’ هي مثل التهميش الاجتماعي والاقتصادي والديني والثقافي وانعدام العدالة الاجتماعية والإحباط والمستوى المعيشي المتدني كالبطالة والفقر. 

 

أما عوامل الجذب فهي قوى يمكن أن تكون جذابة لفئة الشباب المحتملين وتجذبهم بشكل خاص للمنظمات المتطرفة العنيفة، مثل فرصة الحصول على مكافآت مالية، فرصة الحصول على حياة ووظيفة أفضل، أيضا هناك عوامل جذب دينية كتصور الخلافة بأنها الطريق الصحيح للجنة والعمليات الانتحارية للفوز بالحور العين. 

 

ومتابعة شبكات التواصل الاجتماعي من حيث المحتوى المنشور، والذي يتضمن لغة الكراهية والتطرف ، وتفعيل دور المؤسسة الدينية " المسجد و الكنيسة " بطريقة حضارية و تقدمية بوصفها جهة وعظ وإرشاد ديني ، وبناء حملة إعلانية وإعلامية واضحة لمواجهة الفكر المتطرف تتضمن رسائل نصية على الهواتف المتنقلة، ومضات توجيهية على وسائل الإعلام المرئي والمسموع ، وملصقات في الجامعات ، والاهتمام بالملاحق الدينية في الصحف من حيث المحتوى والكتّاب والقائمين عليها، وتحقيق العدالة في النهج العام والممارسات التي تعزز الثقة بين الشباب و مؤسسات الدولة ، وبخاصة فيما يتعلق بفرص العمل والتعيينات ، ودراسة تاريخ مصر من منطلق الأحداث التي مرت به وسياسة الانفتاح و التسامح لدى القيادة في مواجهتها.

 

  وأخيرا يجب مواجهة الفكر المتطرف بالعملية التعليمة لكونها عملية متكاملة تعتمد على أربعة مقومات أساسية هي: الطالب والمنهج وعضو هيئة التدريس وبيئة التعليم. 

 

فلا بد من بناء برامج إعلامية متخصصة لتوعية الشباب بأمور الدين الصحيحة وتدريبهم على مواجهة الأفكار الضالة، وعقد الندوات والمحاضرات للشباب التي تضم الأساتذة والعلماء والمفكرين، وتصحيح المفاهيم الخاطئة عن الدوافع وراء العمليات الإرهابية الخسيسة.

 

حفظ الله مصر أرض الكنانة قيادة وشعبا من كيد الكائدين وعبث العابثين ونصر جندها ورحم الشهداء.

 

           لواء عبد الرحمن محروس المصري الخبير الأمني لشؤون مكافحة الإرهاب والفساد  

تم نسخ الرابط