عاجل
الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
كورونا وأكذوبة حقوق الإنسان

كورونا وأكذوبة حقوق الإنسان

في كل مرة تتجدد المأساة بكل تفاصيلها، وتتجدد الصور لآلاف الضحايا من الأبرياء ويبقى العالم يشاهد المشهد مستمتعا بكل تفاصيله من قتل الآلاف من الأبرياء في دول الشرق الأوسط بيد جماعات البغي والضلال، التي مولتها وصنعتها وأوجدتها دول من العالم المتقدم، إلى قتل الآلاف الآخرين في حروب وهمية عبثية مرة بين العراق وإيران ومرة داخل البلد الواحد وتتورط فيها دولا مجاورة، بدءا من أفغانستان إلى اليمن وسوريا وليبيا، إلى المشهد المتكرر دائما لسقوط المئات والآلاف من الضحايا الأبرياء من الشيوخ والنساء والأطفال من أبناء الشعب الفلسطيني على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي، دون أن يحرك العالم ساكنا في كل مرة ودون أن يصدر مجلس الأمن الدولي قرار إدانة واحد، وفي كل مرة يتحدث العالم المتقدم عن حقوق الإنسان.



 

 

 

شنت الولايات المتحدة الأمريكية حملات تضييق واعتقال وطرد لكل الوافدين من العرب والمسلمين بعد أحداث 11 سبتمبر 2011 ولم يحرك العالم ساكنا، بل كان العالم يستمتع، وهو يشاهد المذابح والمجازر الجماعية التي صنعتها أمريكا في العراق سواء بأيديها أو بأيدي حلفائها الجدد من الشيعة والأكراد، كما كان يستمتع وهو يشاهد مشاهد الخزي والعار في سجن أبو غريب في العراق، وفي كل مرة يتحدث الجميع عن حقوق الإنسان بمن فيهم من مارس القتل والتعذيب.

 

 

 

ضربت أزمة كورونا العالم المتقدم في عقر داره، وحصدت أرواح عشرات الآلاف من أبنائه وسجلت هي الأخرى شهادتها أن العالم المتقدم لا يعي عن حقوق الإنسان سوى الاسم فحسب، وأنه أبعد ما يكون عنها، فها هي إيطاليا التي ضربها كورونا بقسوة على مدار الشهرين الماضيين لم يمد لها الاتحاد الأوروبي يد العون، بل أخذت المعونات والمستلزمات الطبية من دول من خارج الاتحاد مثل مصر والصين، بل إن دولة مثل بريطانيا تنتظر هي الأخرى أن تقدم لها مصر المساعدات الطبية فهل يؤمن الاتحاد الأوروبي بحقوق الإنسان؟، وهل تؤمن الولايات المتحدة الأمريكية حقا بحقوق الإنسان، والتي لم يكن بها سوى عدد محدود من الوفيات حتى إعلان كورونا جائحة في 11 مارس الماضي، إلى أن تصدرت اليوم دول العالم أجمع من حيث عدد الإصابات والوفيات بأكثر من 580 ألف مصاب وأكثر من 23 ألف وفاة، فهل كانت الإدارة الأمريكية تؤمن حقا بحقوق الإنسان وأقلها حقه في الحياة، عندما تركت الأمر يستفحل إلى هذه الدرجة مدعية أنه لم يكن في الإمكان أكثر مما كان؟

 

 

 

هل دولة مثل الصين، التي اعتقلت الطبيب الذي اكتشف فيروس كورونا، وأخفت في البداية معلومات مهمة عن الفيروس، وأنه كما انتقل من الحيوان إلى الإنسان ينتقل من الإنسان إلى الإنسان هل تؤمن بحقوق الإنسان؟ هل الصين نجحت فحسب في السيطرة على الفيروس، من خلال فرض إجراءات صارمة على حركة تنقلات المواطنين أم لأن لديها أدوية فعاله له بدليل أن الصين التي أصيب بها 82.289 تعافى منهم 77.738 أي بنسبة شفاء تقارب الـ95% أي أعلى بكثير من دول تتمتع بأفضل نظام صحي في العالم مثل ألمانيا واليابان أم أن الأمر مجرد صدفة؟!، وهل دولة مثل تركيا يؤمن رئيسها بحقوق الإنسان ففي الوقت الذي يقتل فيه كورونا المئات من أبناء شعبه ويصيب الآلاف يواصل هو قتل الأبرياء في سوريا وليبيا؟

 

 

 

كشفت كورونا عن حجم الأنانية، التي ما زال البعض أو الكثيرون يتمتعون بها ففي مسعى لإعلان النجاح لدولة ما دون غيرها سقط الجميع في فشل مدوٍ، لم تنجح كل المحاولات حتى الآن للتوصل لعلاج فعال لكورونا يحد من قدرته على حصد المزيد من الأرواح، نعم المعامل البحثية تعمل في معظم دول العالم تقريبا، ولكن دون تنسيق ودون تبادل للمعلومات في وقت يتطلب فيه كورونا التعاون وتبادل المعلومات، والسؤال لماذا تتبادل دول العالم المعلومات الأمنية ويلتقى المسؤولون في الأجهزة الأمنية من هنا وهناك للتنسيق والتشاور وتبادل المعلومات؟، ويعقد المسؤولان في الدول المختلفة الكثير من الاجتماعات لتوقيع اتفاقيات لتبادل المجرمين وعند كورونا لجأ الجميع دون استثناء إلى المكر والخداع، وإلى احتكار المعلومة وإلى العمل في صمت وإلى محاولة شراء العلماء؟، هل يعكس ذلك إيمان حقيقي بحقوق الإنسان أم الأنانية وحب الذات والرغبة في التملك؟

 

 

 

كورونا فضح العالم المتقدم أكد بوضوح أنه عالم بلا قيم وأنه طالما كانت المصلحة والمنفعة المتبادلة كانت اللقاءات وتبادل الابتسامات والقبلات أمام الكاميرات، حتى كتابة هذه السطور لم يعلن العالم عن علاج لفيروس كورونا ليس لأن الفيروس جديد ولكن لأن العالم المتقدم أناني، ويسعى لإعلاء المصلحة الشخصية أو القطرية على حساب المصالح العامة وعلى حساب مصلحة الإنسان ذاته أيا ما كان موقعه أو جنسيته، فالعالم المتقدم الذي يتشدق بترديد أغنية حقوق الإنسان ثبت أنه أبعد ما يكون عن حقوق الإنسان وأنها مجرد وسيلة للتدخل في شؤون الدول الأخرى التي تختلف معه في السياسات، هي وسيلة ليس أكثر لفرض الهيمنة والسيطرة، والسؤال أين حقوق الإنسان والعالم كله يشاهد دفن المئات من ضحايا وباء كورونا في مقابر جماعية مثلهم مثل ضحايا الحروب، بلا مراسم تشييع أو دفن بدون أدنى احترام للنفس البشرية؟

 

 

 

وكما كشف أزمة كورونا عن أنانية العالم المتقدم كشفت أيضا عن المدى والحجم الذي سيطرت فيه المادة والقيم النفعية على العالم، فالمؤكد أن واحدا من الأسباب المهمة لعدم التعاون بين الأجهزة والمؤسسات العلمية المختلفة هو أن تحتكر الدولة التي ستتوصل للعلاج إنتاجه ويكون من حقها وحدها بيعه في جميع دول العالم وتربح التريليونات من الدولارات، القصة إذن ليست هي تسخير العلم لخدمة البشرية ولا السعي بجدية لتحقيق إنجاز علمي وطبي لإنقاذ ملايين البشر، بل هي البحث عن مكاسب مادية ليس أكثر، ولذا يعلن الرئيس الأمريكي ترامب استعداده لدفع أي أموال لعلماء ألمان في مقابل شراء أبحاثهم للتوصل لعلاج كورونا، وتسعى كل دولة من الصين إلى ألمانيا مرورا بروسيا وفرنسا وبريطانيا ومن اليابان إلى أمريكا كل على حدة للتوصل لعلاج لكورونا، واكتشاف مصل أو لقاء لمنع الإصابة به مجددا دون أن يكون هناك أي تعاون فيما بينهم وذلك ليس لخدمة الإنسان، أو لتحقيق مجد علمي وأدبى بل لتحقيق مكاسب مادية ليس أكثر.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز