

سهام ذهنى
أول يوم رمضان
يرتبط أول يوم رمضان في وجداني بخطواتي قرب المغرب سيرا على الأقدام مع أبنائي من بيتنا إلى بيت الأسرة القريب منا.
وفي الطريق شباب يهدوننا التمور، وآخرون يحملون مشروبات لتوزيعها على الصائمين لحظة الأذان.
يرتبط في ذهني بالسيارات المسرعة على الطريق للحاق بلمة العائلات في أول إفطار.
بجندي يحمل عمود طعام في يد وكوب سكر في اليد الأخرى، وثمة بسمة استعدادا لاقتراب مدفع الإفطار.
بمائدة الرحمن المزدحمة بالبسطاء في شارع سليمان أباظة.
يرتبط في ذهني بأنوار مطاعم مضيئة. بصوت القرآن من الجامع يهل استعدادا لانطلاق الأذان.
يرتبط في ذهني برائحة الطعام الشهية بمجرد وصولنا إلى بيت العائلة، وبضجيج الأحفاد المتجمعين مع الكبار.
ثم صوت الشيخ رفعت الشجي مؤذنا للمغرب، فتمتد الأيادي إلى ما لذ وطاب، والألسنة تثني على شقيقتي التي تتفوق على أحسن شيف في إعداد أجمل مائدة طعام.
بعضنا يبدأ بتناول التمر ويصلي المغرب ثم يجلس براحته ليأكل من مختلف الأصناف، والبعض الآخر يأكل أولا ثم يصلي المغرب، ويستعد للتحرك إلى مسجد مصطفى محمود أو إلى نادي الصيد القريب من البيت سواء لصلاة التراويح أو لمقابلة الأصدقاء.
إلا أن كل هذه الطقوس التي كنا نمارسها بطبيعية واعتيادية ليس من السهل أن نستمتع بها هذا العام مع إجراءات التباعد الاجتماعي التي تفرضها إجراءات الوقاية من فيروس كورونا.
سبحان الله، الاعتياد جعلنا ننسى شكر الله على هذه النعم وغيرها، في حين أنها نعم كبرى غفلنا عنها فغافلتنا ومضت، فمع تغير الزمان تبدل ماكان.
أما إلى متى سيستمر ترصد فيروس كورونا بالبشر، فهو سؤال إجابته تشبه الضباب فى عدم قدرتنا على الإمساك به .
فلا بد من ترويض الأمل.
ويا أول يوم رمضان يا مطعون هذا العام بفيروس لا نراه.
يا مستباح إنسيابيته بإجراءات العزل والتعقيم وربما الحجر عند البعض.
كم من ظاهر مقلق يحمل بداخله حكمة من الخالق، ربما يكشف الله لنا عنها الغطاء بعد حين، دون أن يحول هذا بيننا وبين التعامل مع ذكرياتنا عن رمضان القديم بأشواق أوحنين.