الجمعة 19 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

محمد أوني يكتب: حين تخدعنا المظاهر

بوابة روز اليوسف

منذ فترة قصيرة جاء إليّ زميل في العمل، ببعض من التفاح. قال لي: اِختار بنفسك واحدة من بينهن.

فاِخترت منهن أجمل وأفضل تفاحة من وجهة نظري، فكانت حمراء اللون، ورطبة، ومتناسقة القوام، وجميلة الملمس.

ومن خلال شكلها، ظننت أن طعمها سيكون ألذ واحدة فيهن.

وبعد اِستعداد تام لاِلتهامها، قمت بتقطيعها إلى نصفين، وفجأة اِكتشفت بأنها لا تصلح نهائي للأكل، فقد أصابها العفن من الداخل، فتأكدت بأن دائماً المظاهر ما تخدعنا.

في سياق الموضوع:

يقاس ما يلقاه الشخص من الاِحترام في مجتمعنا في الغالب الآن، من خلال ملابسه، ونوع سيارته، ومركزه الاِجتماعي، ومنطقته السكنية، وليس من خلال جوهره، وقيمه الإنسانية، وأخلاقه، فنظرة المجتمع دائماً ما تخدعها المظاهر الكاذبة، من حيث ما سبق.

ومن المؤكد أن هذه الأشياء تزول ولن تدوم، وتبقى قيمة الإنسان المتمثلة في جوهره، وأخلاقه السامية، وقدرته على النفع، والعطاء، وسمعته الطيبة، هي المستمرة، والمعبر الأساسي عنه.

فعمر بن الخطاب (رضي الله عنه)، كان أمير المؤمنين وخليفتهم، إلا أن ملابسه لم تكن باذخة كعادة الملوك والأمراء، بل تروي الآثار عن

تواضعه، أنه كان يرقع ثوبه ويخيطه، كما روى ذلك عنه أنس بن مالكٍ (رضي الله عنه).

وفي عصرنا الحالي، كان "أوباما" رئيس الولايات المتحدة الأسبق، يظهر عادةً ببذلتان، إحداهما رمادي، والأخرى كحلي اللون.

أما "مارك زوكربيرج" صاحب شركة Facebook ، فهو غالب الظهور بتيشرت رمادي، تكرر ظهوره به، في أغلب المؤتمرات التي يحضرها.

وكذلك "ستيفن جوبز" صاحب شركة Apple، فهو غالباً كان يظهر في أي إعلان، أو ترويج عن أي منتج جديد للشركة، بقميص أسود وبنطلون جينز رمادي.

وكان "غاندى" يرتدى "الدوتي" وهو رداء هندي بسيط صنعه بنفسه، ليكن مثل الكهنة في المعابد، كنوع من الحداد، والبعد عن الملذات الدنيوية، والشهوات، والنزاعات، والغرائز.

وهذا إن دل، فإنه يدل على اِهتمام هؤلاء بجوهر ما يقدمونه، وبدورهم في مجتمعاتهم، أكثر من الشكل المظهري.

فأخلاق الإنسان ورقيها، وجوهره الطيب، وقلبه النقي، والأثر الذي يتركه في نفع الناس والمجتمع، هم المعيار الأساسي لقيمة وقدر الإنسان، والمُعبر الأساسي عن أصالة معدنه.

يقول رسول الله (صلى الله عليه وسلم): (إنَّ الله لا ينظر إلى صوركم، ولا إلى أموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم).

تم نسخ الرابط