عاجل
الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

مرصد الأزهر: "بوكو حرام" تستغل وباء كورونا وتزيد من عملياتها الإرهابيّة

تُعدُّ قضية اللاجئين ‏إحدى المشكلات التي تواجه القارة الإفريقيّة، وهي عاملٌ مشتركٌ بين ‏معظم الدول الإفريقيّة. والمتابع لتلك القضية يلاحظ أن أعداد اللاجئين في إفريقيا تتزايد بشكل سريع؛ وذلك بسبب الاضطرابات وأعمال العنف، نتيجة ما تقوم به الجماعات الإرهابيّة في شرق ووسط وغرب إفريقيا، الأمر الذي جعلها تحوي حوالي ثلّث عدد اللاجئين على مستوى العالم.    



   

 

وأوضح مرصد الازهر في تقرير له اليوم انه على  الرغم من الانشغال بجائحة كورونا، والمحاولات المُضنية التي يبذلها العالم أجمع من أجل التوصل إلى علاج سريع، لمحاولة التصدي لهذا الوباء والقضاء عليه، إلا أن جماعة "بوكو حرام" تستغل هذا الوباء ضد النيجيريين وتزيد من عملياتها الإرهابيّة بشكل أكبر، حتى تستطيع السيطرة على مساحات أوسع من الأراضي النيجيريّة، وتتمكّن من توجيه ضربات مُوجعة للحكومة النيجيريّة دون النظر إلى حرمة دماء المدنيين الآمنين، الأمر الذي أدَّى إلى نزوح عدد كبير من الشعب النيجيريّ إلى مناطق أكثر أمانًا، حتى وإن اضطرّوا إلى الفرار خارج أوطانهم بشكلٍ كامل.

           

 

واكد المرصد  أن جرائم "بوكو حرام" المتتاليّة، وما يعانيه الشعب النيجيريّ في ظل أزمة كورونا، يزيد على قوات الأمن عبئًا إضافيًا في معركتها ضد جماعة "بوكو حرام" الإرهابيّة. وبالفعل هذا ما تريده تلك الجماعات الإرهابيّة وتستغله بشكل واسع؛ حيث رفضت جميع فصائل «بوكو حرام» في وقتٍ سابق فكرة الموافقة على هدنة مع الحكومة النيجيريّة حتى في وسط المعاناة من جائحة كورونا.

 

 

ولفت إلى انه  في أعقاب انتشار فيروس كورونا والتداعيات الخطيرة على القارة الإفريقيّة، والتي كان لها آثار سلبيّة عديدة على جميع الجوانب الاقتصاديّة والصحيّة والاجتماعيّة، ناشَد الاتّحاد الإفريقيّ القادة الأفارقة بوقف الأعمال القتاليّة خلال هذه الظروف الاستثنائيّة، وذلك بدعم من الأمم المتّحدة، ونجح هذا النداء الإنسانيّ المهم في جذب عددٍ من المجموعات المُتناحرة؛ حيث أعلنت قوات الدفاع الجنوبيّة للكاميرون - وهي جناح مسلح لحركة التحرير الشعبيّة الإفريقيّة - في 25 مارس الماضي وقفًا مؤقتًا لإطلاق النار.    

 

 

  وفي جنوب السودان، اتجهت الأطراف المُتصارعة إلى تهدئة النزاع، وهو نفس الأمر الذي حدث في إفريقيا الوسطى؛ حيث التزمت الجبهة الديمقراطيّة لشعب إفريقيا الوسطى ومجموعة (R3)، بعد التوقيع على الاتّفاقيّة السياسيّة للسلام والمصالحة (APPR)، بإقرار السلام وحثّ الجميع على ضرورة التّعايش السّلميّ معًا داخل الأوطان.  

 

 

 وعلى الرغم من موافقة مجموعات مسلحة كثيرة على تلك الدعوة المهمة التي دعا إليها الاتّحاد الإفريقيّ في ظل الظروف الصعبة التي تمرّ بها القارة الإفريقيّة، إلا أن جماعة "بوكو حرام" الإرهابيّة رفضت بشدّة تلك المبادرة، بل وقامت باستغلال تلك الجائحة، وزادت من أوجاع ومعاناة الشعب النيجيريّ، فما زالت على يقين – من وجهة نظرها – أن هذا الوباء الذي يهدّد العالم أجمع هو ابتلاء من الله لأعداء تلك الجماعة، ممّا يدلّل أن تلك الجماعة بمعزلٍ عن كل ما يحدث في العالم، وتسعى إلى تحقيق مآربها تحت عباءة مزيّفة من خلال تطبيق الشريعة التي تتوارى بها!          

 

 

وحذَّر مرصد الأزهر لمكافحة التطرف من تفاقم مشكلة اللاّجئين داخل القارة الإفريقيّة، وطالب في العديد من التقارير الصادرة عنه الجهات المعنيّة بشؤون اللاّجئين بمحاولة إيجاد حلول جذريّة وسريعة لتلك المشكلة، إلا أن الأمر يزداد سوءًا يومًا بعد يوم، وبالتحديد داخل الأراضي النيجيريّة. هذه الأراضي التي تنتشر فيها الأعمال الإرهابيّة بشكلٍ كبير، نتيجة ما تقوم به تلك الجماعة المتطرفة. مُعضلة اللاجئين في النيجر

 

 

 

  كما تناولت المفوضيّة الساميّة للأمم المتّحدة لشؤون اللاّجئين في تقريرها الأخير الذي صدر في شهر مايو الماضي، أن أعمال العنف التي وقعت شمال غرب نيجيريا أجبرت نحو 23 ألف شخص على الفرار إلى النيجر خلال مدة لا تتجاوز الشهرين، كما ذكرت أن هذا التدفق الأخير - غالبيته من النساء والأطفال - جاء في أعقاب الهجمات التي شنَّها مسلحون في ولايات "كاتسينا" و"سوكوتو" و"زمفارا" النيجيريّة خلال شهر إبريل الماضي.  

 

 

 وذكرت المفوضيّة أيضًا إلى أن 47 شخصًا راحوا ضحية الهجوم الذي وقع في الأسبوع الأخير من شهر مايو الماضي وهو الأعنف في "كاتسينا"، ما دفع القوات النيجيريّة المُجهدة في مواجهة إرهاب جماعة «بوكو حرام» المستمر منذ عقد في شرق نيجيريا إلى شنِّ هجمات جويّة. وقد قال المتحدث باسم المفوضيّة الساميّة للأمم المتّحدة لشؤون اللاّجئين، "بابار بالوش": «نعمل عن قرب مع السلطات في النيجر لإعادة توطين سبعة آلاف على الأقل في مناطق آمنة. حيث يمكن توفير الماء والطعام والمأوى والحصول على الرعاية الصحيّة والمساعدات الأخرى الضروريّة».

 

 

جدير بالذكر أن أعداد اللاجئين الذين فرُّوا من الأراضي النيجيريّة إلى النيجر، قد ازدادت تقريبًا بمقدار ثلاثة أضعاف عن العام الماضي، حيث أعلنت المفوضيّة الساميّة للأمم المتّحدة لشؤون اللاّجئين عن أول تدفُّق للاّجئين الذين بلغ عددهم 20 ألفًا، في أعقاب تمرُّد وقطع طرق في شمال نيجيريا، مما أودى بحياة المئات وتشريد الآلاف. ووفقاً لما صرحت به الأمم المتّحدة في وقتٍ سابق، فإن منطقة "ديفا" - كبرى مدن جنوب شرق النيجر - تستضيف حوالي 120 ألف لاجئ وآلاف النازحين. وقد أدَّى النزاع المستمر في شمال شرق نيجيريا إلى مقتل أكثر من 36 ألف شخص، ونزوح نحو مليوني شخص عن منازلهم منذ 2009 وحتى الآن.

 

 

وثمن  مرصد الأزهر لمكافحة التطرف الدور المهم الذي تقوم به دولة النيجر في استقبال اللاّجئين الفارِّين بسبب النزاع وأعمال العنف والإرهاب المُمارس من قبل "بوكو حرام" ضد المدنيين في نيجيريا، لكن في الوقت ذاته يخشى المرصد أن يتسبّب استمرار العمليات الإرهابيّة في البلاد إلى تهجير المزيد إلى داخل النيجر، مما يضاعف أعداد اللاّجئين داخل الأراضي النيجريّة ويزيد من العبء الواقع على كاهل الحكومة هناك.

 

 

ويرى مرصد الأزهر أنَّ التعامل مع مشكلة اللاجئين ‏في نيجيريا، يتطلب تضافر الجهود لحل هذه الأزمة، كما أنه يجب على الجهات المعنيّة والمنظمات الدوليّة أن تتحمل مسؤوليتها في دعم التنمية داخل الأراضي النيجيريّة والتي من شأنها العمل على تقليل نسبة النزوح إلى الأراضي المجاورة، وأن ينظر الجميع إلى قضية اللاّجئين في نيجيريا وإفريقيا بشكل عام باعتبارها قضية إنسانيّة في المقام الأول. كما يشدد المرصد على أن قضية اللاجئين إن لم تجد حلولاً على أرض الواقع ربما تتفاقم وتُستغل من جانب الجماعات المتطرفة وبهذا الشكل تتضاعف الإشكالية وتتحول الأمور إلى مسار آخر يستنزف المزيد من الجهود والأعباء بل ومن الدماء.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز