عاجل
الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
القيادة والبروتوكول والإتيكيت في شخصية يوسف بن علوي

القيادة والبروتوكول والإتيكيت في شخصية يوسف بن علوي

طيلة الأسابيع الماضية ونحن نتطرق إلى هذه العناصر الثلاثة الحيوية للقائد الناجح و المتميز ، على مختلف المناصب من هرم الدولة إلى أصغر نواة في المجتمع.



 

وخلال السنوات الماضية كنت أتابع عن كثب من باب التحليل والتدقيق والتعلم كل خطوة يخطوها فارس الدبلوماسية العمانية والعربية يوسف بن علوي وزير الشؤون الخارجية السابق / الذي تخرج من أرقى المدارس الدبلوماسية الحديثة ، ألا وهي مدرسة السلطان قابوس - طيّب الله ثراه -  والذي كان مثالًا يُحتذى في القيادة والبروتوكول والإتيكيت ، وستبقى الدبلوماسية السياسية القابوسية منارة لمحبي السلام والحكمة والتأني والحنكة السياسية والكرم، بعيدًا عن المذهبية والحزبية والتخندق الطائفي وكان أحد خريجيها المتميزين والمحظوظين هو بيرق وراية الدبلوماسية العمانية يوسف بن علوي ، وأنا شخصياً لم ألتقِ به ، ولم تربطني به صلة عمل أو أي نوع من التواصل ، ولكن الحقيقة تقال إني وجدتُ بشخصية معاليه كل عناصر التميز التي كنت أتطرق إليها في الاسابيع الماضية. حمل معاليه أفضل وأرقى صفات القيادة التي كنا قد تطرقنا اليها وكان يحمل حب السلطنة وأهلها في قلبه وأجتهد كثيراً في سبيل إيصال رسالة السلطان قابوس في المحافل الدولية والعربية  والتي تميزت بالحب والسلام والنقاش  والمفاوضات الهادئة البعيدة عن كل التشنجات والأنانية، كان قمة في القيادة لأنه تلميذٌ متميزٌ من تلامذة السلطان قابوس -طيب الله ثراه- فكان قائدًا يتمع بهدوء وحنكة سياسية بلا منافس في السلك الدبلوماسي السياسي وهذه ايضاً من صفات القائد التي تكلمنا عنا، وكان يتبادل الآراء والأفكار ومستمعاً بكل حواسه ما يطرح من جلالة المغفور له بإذن الله.

 

أما حضوره في المؤتمرات والأنشطة العربية والأجنبية فكان يحسب له ألف حساب لكونه كنزًا من الحكمة المتأنية ويملك مفاتيح الحلول لتجنب السلطنة وشعبها ويلات الأزمات سواء الحربية أم الاقتصادية ، و كان لا يعطي قرارًا سريعًا قد يندم عليه ؛ لأنه يمثل شعبه وبلده وسلطانه. إنّ السلطنة بقيادتها ويوسفها كان هو الوجه الراقي بكل المؤتمرات والاجتماعات عبر عشرات السنين،  لتعكسُ الحكمة والتآخي وحب السلام  والوجه المشرق منذ توليه حقيبة الخارجية. 

وكان معالي يوسف بن علوي قمة في الكتمان بعيدا عن الأضواء والتصريحات الإعلامية على مختلف أنواعها والتباهي بذلك مسترشدا بقول رسولنا الكريم :" استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان" ، وهذه هي من أهم سمات القائد المتميز حيث كان يعقد اللقاءات الجانبية خلف الكواليس على سبيل المثال لإطلاق الأسرى من الجانبين الأمريكي والإيراني وهو يهتم بالجانب الإنساني ، ولم تكن تُذكر هذه اللقاءات والمباحثات في أروقة الإعلام وإنما كنا نحصد النتائج فقط. كان يقابل الجانب الإسرائيلي في المؤتمرات الدولية بصورة مباشرة أو غير مباشرة بعد أن يحقق نفس اللقاء مع الجانب الفلسطيني للمطالبة بحقوق الفلسطينيين والحفاظ على أرواحهم ومناقشة ورقة العمل المطروحة من الجانب الفلسطيني الشقيق وصولا إلى الأهداف المرجوة، وقام بدورٍ كبيرٍ مع في تجنب الحرب على العراق عام 1991 أو الحروب التي تلتها ولكن اللاعبين الكبار كانوا هم أصحاب القرار النهائي ، كان هدفه في الأزمات أن يتجنب إراقة الدماء بين الإخوة العرب تنفيذا لتوجيهات السلطان قابوس رحمه الله ، ويسعى بكل ما أُوتي من حكمة وحب الخير للجلوس على طاولة المباحثات وإن كانت على مراحل متعددة وبذل المزيد من الجهد لغرض حقن دماء العرب والابتعاد عن التشنجات والتهديدات وكان لايعرف الكلل وهذه أيضا من صفات القائد الذي يملك نظرة بعيدة لحل مشاكل الأطراف.

 

فعلاً يوسف بن علوي وزير الشؤون الخارجية العماني ينطبق عليه قول الشاعرالكبير إبراهيم ناجي : واثق الخطوة يمشي ملكاً .. هذه الثقة أتت من حبه لعمان وللسلطان ، لذلك يجب على الجيل الدبلوماسي القادم الذي يحمل الراية من بعده وعلى مختلف الدرجات الدبوماسية أن يدرسوا كل مفردات خطواته وأفكاره وأهمها حب تراب الوطن والسلطان وأهل عمان الأُصلاء . كان الاثنان" السلطان قابوس ويوسف بن علوي" يمثلان قلب الدبلوماسية العمانية التي نهضت وتطورت كثيرًا بعد استلامه حقيبة الخارجية مع كل التقدير والإجلال والاحترام للذين سبقوا في السلك الدبلوماسي .

 

وفي موضوع البروتوكول كان حريصاً وشغوفاً في إبراز سمات وأهداف البروتوكول العماني  في اجتماعات الأمم المتحدة سنويا أو اجتماعات الاتحاد الأوروبي أو الأنشطة الأخرى، لقد كان اباّ وأخاً كبيرا للكادر الذي يعمل معه على مدار السنين وخاصة في حضور المؤتمرات الدولية، حيث كانوا  يعملون جميعا كخلية نحل من حيث التجاوب والتفاعل مع أطراف أخرى لصياغة قرار ما أو تعديل بنود ما. والمعروف عن الوفد العماني الدبلوماسي بأنه يشتغل بعيداً عن الأضواء واللقاءات التلفزيونية ويتمع بثقل دبلوماسي وسياسي واضح للعيان وخاصة في اجتماعات القمم على مختلف أنواعها أو وزراء خارجية مجلس التعاون الخليجي أو الجامعة العربية.

  أما العنصر الثالث من عناصر مثلث الحياة وهو فن  الإتيكيت، فمن خلال مشاهدتي لكل مفردات سلوكه الفردي ، من حضوره  اعتماد أوراق السفراء أو حضوره المؤتمرات فإن ملابسه وقيافته وألوانها ونوعيتها سواء بالزي العماني أم بالزي المدني ( البدلة وربطة العنق) فعلا كانت ملابس بسيطة راقية ومعبرة أيضا ذات ألوان رسمية سواء النهارية منها أم حضور دعوات العشاء في غاية الاتزان وهذا ما يحتاجه القائد في هذه الأماكن لكونه يعكس صورة بلده والكل ينظر لمعاليه بكل أحترام وتقدير

 

لقد كان لتكريمه من قبل مولانا السلطان هيثم بن طارق "حفظه الله ورعاه" بوسام الاشادة السلطانية من الدرجة الاولى لهو دلالة واضحة على الجهد المميز الذي بذله طيلة العقود الماضية لاظهار صورة السلطنة بابهى ما يكون.

 

لذلك علينا جميعا أن نتعلم منه الكثير لإنه إنسان أصيل وقلبه يدق بحب عمان وسلطانها وأهلها دون النظر إلى ملذات الحياة المادية أو الشخصية، وأنا شخصيًا أرجو منه أن يكتب مذكراته حتى تستفيد منها الأجيال القادمة مع خالص تقديري وإجلالي لكثير من الدرجات الدبلوماسية العمانية من أعلى درجة إلى أقلها على أن يضعوا نصب أعينهم حب السلطنة وجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ، لكي نكون مع الرايات المتميزة التي تحب السلم والسلام والحكمة ومحبة الشعوب بعيدا عن كل أنواع الأنانية والخوض في الماء العكر. 

 

دبلوماسي سابق

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز