"فاينانشيال تايمز" تتساءل: هل يمكن لكوفاكس توفير اللقاحات التي تحتاجها دول العالم؟!
ذكرت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية في عددها الصادر اليوم السبت،أن عشرات البلدان الفقيرة حول العالم تنتظر بقلق لمعرفة ما إذا كانت مبادرة "كوفاكس" العالمية متعددة الأطراف ستوفر لهم اللقاحات التي يحتاجونها لمواجهة جائحة فيروس كورونا المستجد "كوفيد-19"، وذلك في الوقت الذي تستمر فيه الدول الغنية في تأمين احتياجاتها من اللقاحات.
وأشارت الصحيفة (في تقرير لها نشرته على موقعها الالكتروني في هذا الشأن) إلى أن المبادرة وُضعت في شهر يونيو الماضي من قبل تحالف جافي العالمي بهدف زيادة وصول الدول الفقيرة إلى اللقاحات، وذلك بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية، التي شددت على ضرورة التوزيع العالمي العادل للقاحات، من خلال توفير ملياري جرعة للدول المشاركة في المبادرة خلال عام 2021.
وأضافت الصحيفة ،أن ما لا يقل عن ثلثي هذه الجرعات ستذهب مجانًا إلى 92 من الاقتصادات ذات الدخل المنخفض، فيما أعلنت كوفاكس أنها في طريقها لتحقيق ذلك الهدف ولكن، وبعد أكثر من شهرين من بدء الدول الغربية بتلقيح سكانها، لم تقدم كوفاكس جرعاتها الأولى، تاركة العديد من البلدان الفقيرة بدون أي لقاحات حتى الآن!.
من جانبها، قالت جيني أوتينهوف، كبيرة مديري السياسات في حملة ONE لمكافحة الفقر العالمي: "إن كوفاكس تخلفت عن اللحاق بالركب لأنها افتقرت مقومات القوة الشرائية ولم تجلس على الطاولة مع الشركات المُصنعة حتى الآن، بينما كان الآخرون منشغلين بعقد الصفقات".
وفي حين أعطت المملكة المتحدة 21 جرعة لكل 100 مقيم من السكان، بينما أعطى الاتحاد الأوروبي 4.2، قامت بنجلاديش بتطعيم 0.02 فقط وميانمار 0.007 والجزائر 0.00007، وذلك وفقًا لأحدث البيانات التي جمعتها الفاينانشال تايمز. فيما لم تقم العديد من البلدان الإفريقية بأي حملات تلقيح.
وفي هذا، اعتبرت الصحيفة البريطانية أن " اتساع الفجوة الحالية تعكس التحديات الهائلة التي تواجهها كوفاكس في محاولة تحويل الدعم النظري بشأن حملات التلقيح العالمية إلى حقيقة واقعة. وفي حين أن معظم الاقتصادات المتقدمة دعمت كوفاكس، تنافست تلك الحكومات نفسها ضد مخطط إمدادات اللقاح المرغوبة من الشركات المصنعة.
وتابعت الصحيفة تقول:" إن المستفيدين من كوفاكس، مثل نيجيريا، يقدرون طموح المبادرة لكنهم يتفقون في الوقت ذاته على أنها تواجه صعوبات. فقال الدكتور فيصل شعيب، مدير الوكالة الوطنية لتطوير الرعاية الصحية الأولية في نيجيريا - وهي أكثر دول إفريقيا سكانًا: "ندرك أن كوفاكس تعمل بجد قدر المستطاع في ظل بيئة تشتري فيها الدول الأكثر ثراء اللقاحات".
وفي بداية أزمة الجائحة، تم وصف كوفاكس على أنها أشبه بغرفة نظيفة ستجمع اللقاحات لجميع دول العالم، الثرية والفقيرة على حد سواء. غير أن الدول الغنية ومتوسطة الدخل سعت على الفور تقريبًا إلى عقد صفقاتها بشكل ثنائي مع الشركات المُصنعة. ويقول بعض المراقبين إن هذا الأمر كان لا مفر منه وأن كوفاكس كان يمكن أن تتقدم بشكل أسرع وأكثر كفاءة إذا قبلت هذه الحقيقة في وقت سابق.
وقال أحد خبراء الرعاية الصحية الدوليين، الذي طلب عدم ذكر اسمه: "من الجيد أن تستمر مبادرة كوفاكس، غير أن بعض أطرافها أفرطت في التفاؤل وكانت أقرب إلى السذاجة بشأن اتفاق العالم على حل متعدد الأطراف لأزمة الوباء".
في الوقت نفسه، ظلت "كوفاكس" متاحة حتى للدول الغنية، مما سمح لدول مثل كندا بأخذ جرعات منه، مع قيامها بعقد طلبات اللقاح الخاصة بها بشكل مباشر مع الشركات المصنعة.
تعليقا على ذلك، قال تحالف جافي:" انه من أجل أن تنجح كوفاكس، من المهم أن تخدم كلا المجموعتين، حيث يثبت النقد المقدم من المشاركين الممولين ذاتيًا أنه أمر حيوي في تمكين قدرتنا على عقد صفقات مع الشركات المصنعة".
وفي رواندا، قال وزير الصحة دانيال نجاميجي إنه كان يتوقع وصول الدفعة الأولى من طلبية تصل إلى 996 ألف جرعة من لقاحي أكسفورد/ أسترازينيكا في غضون أسابيع، إلى جانب بعض الجرعات من شركتي فايزر- بيونتيك.
وأضاف أن كوفاكس وعدت بتقديم 7 ملايين جرعة بحلول نهاية العام- بما قد يكفي لتحصين 25 في المائة من سكان رواندا البالغ عددهم 13 مليون شخص بلقاح من جرعتين. وقال عن المبادرة:" انها مستمرة حتى الآن في تحقيق هذا الهدف".
وأعلنت كوفاكس الأسبوع الماضي أنها ستقدم 337.2 مليون جرعة على مستوى العالم بحلول شهر يونيو القادم، مع التعهد بتسريع وتيرتها خلال النصف الثاني من العام.
وستعتمد كوفاكس بشكل كبير على لقاحي أكسفورد وأسترازينيكا، خاصة خلال الأشهر الستة المقبلة. وفي المقابل، اشترت المبادرة عددًا أقل من اثنين من اللقاحات الأخرى الأكثر تقدمًا التي تنتجها شركات فايزر- بيونتيك وموديرنا، وجميعها اثبتت فعالية عالية ضد الفيروس.
وتأمل كوفاكس أن يكون هدفها لعام 2021 كافياً لضمان تلقيح الأشخاص المعرضين للخطر والضعفاء في جميع أنحاء العالم، وكذلك العاملين في مجال الرعاية الصحية في الخطوط الأمامية، بحلول نهاية العام - وعلى الأقل 20٪ من سكان العالم. فيما أكد جافي أنه مع توفير "التمويل الصحيح، قد يكون من الممكن تقديم المزيد - بما قد يصل إلى 27 في المائة".



