السبت 20 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

منال خليل تكتب: الليلة الأخيرة لزهرة البانسية

منال خليل
منال خليل

 - في ليله ما هادئة نوعا .. صاخبه بعقل" نوار " ووجدانه، مد يده ليشعل سيجاره وهو يحدث صديق عمره  " سليم " عما يؤرق روحه و قد كان يرتاح لذكر اسمها وذكرياته معها فأسترسل :

- كانت " بانسيه " لا يشبهها أحد مبهجة ساديه الحُسن و الأنوثه .. بهية كطفلة شقراء   ...  كانت دائماً كلحظه شروق ..... يخبو بجانبها الجميع ... 

يطغي نور الحب فيها على طبيعة الأشياء و الاشجار، الأحجار بالطرقات تشدو أسفل قدميها  .... كانت عطر ونور ورحيق زهور ،  دائمآ ماكان فورة حبها أكبر من استيعابي، يسطو على كل مافيا فأتضائل أمامه متراجعاً …

  - تغلبني نفسي و مخاوفي و لربما أنانية ما متأصلة بأصل تكويني ، تنخر عظام صدري فتضغط على نبضات قلبي.... فتعتل أفكاري وردود افعالي... 

- وأعود دائمآ لأحتمي بها ثانيةً، من كون غير كوني ومن حياه  ليست كالحياة ... من أوجاع، أنقلها لصدرها ... فتغمرني بكل مافيها حباً ورحمة فأفيض حباً عليها لنبدء معا من جديد و ننطلق لنحلق في عالم خاص جدا وكأنه خلق لنا وحدنا..... 

 - ثم أعاود من جديد أتخبط رهينه الظروف تغتالني الأفكار  ... ويتغلب علي أنانيه طفوليه مطلقه و عادات أعتيادية معيبة وكأني أريد أن  أغلق كل نوافذ النور عن قصد لأختبئ  ... او لاتنقل بين أخريات لربما يشعلوا في، أنطفاءات عليلة ممتده الجذر بي ..  أو لأبادلها الحب بقسوه عمياء كضلالة مختفيه بحرب بارده أعلى جبل من الجليد ، لأُرضي ذاتي بشيء لا أعلم مداه أولما !!   - كل ما أعلم أني أرغب بالعصيان  هربا لأذهب لكهف من ظلام داكن المشاعر !!!  

يتعالى صوت تناقضاتي و إحتياجاتي وانا  وحيد داخل ذاتي بمنتصف الروح وعلى حافة الحلم.. فأرتدي الغموض و أُعلن راية الخذلان الباهته عليها و ارتجف بُعداُ ... و يعربد في ذكوره منقوصه الاحتواء وفارغة من الرحمه ، فَأُغَّربَها بكل مشارقها في جدل اللا معقول ... و التيه واجمع كل تناقضاتي لأتخلص من آثار وثوابت أصل عقيده المحبين والعشق وارتدي ثوب المبررات البالي ...  وقناع اللا مبالي .

 

 

 

 

 - فتحاول " بانسيه "  أن تتفهمني وتذدهر وتمد غصون الحب حولي... وتضمني كليلة قمرية وحيدة يزينها نجوم متناثره على كتفيها المكشوفتين كشمع العسل …

و تتوه في تردياتي و تنطفأ بحماقاتي التي لا تنتهي  ... ثم  تعود لي دائمآ كزهرة جوريه نديه بصباح جديد ...   -  وبكل عفو وعوده " تضمني فيها بانسيه بعطرها الجائر و قبله على جبيني أذوب فيها لأعود لذكوره أب و تأخذني لقلبها بحنان أم "   - أجدني أتوه في تفاصيلها و أنوثتها البكر ... فأرتعد من سطوة عشق مخافة أن يتملكني، فيشتد غروري وصلفي ..واظل أقترب وأبتعد، وكأنى أبغي الاحتفاظ بها كمجموعه تجارب بجعبة متعلقات مسار حياتي ولا أقوى عالفراق... - رغم وقوفها مع جروحي كسند ، اخون كل آلامها واحتياجها  وأمزق وعودا قطعناها معاً  ، ثم أعود يسبقني قلبي وقدري إليها متعبا مكدودا من حياه تخلو من عطر نور روحها... فأنهل من قلبها من جديد بدون عتاب ... فالشوق بركان غاضب علينا معا فتفيض "بانسيه" علي حبا و عطفا أكثر وأكثر ... 

وانا ألهو كطفل مدلل يخمش وجه أمه ، وهي تحنو وتقبل لتحتوي في طفوله ممزوجه برجوله معطوبه  ...وعندما ارتوى حبا و شغفا .. أعود لأضيعها من جديد …

ونظل هكذا حتى تذبل كل زهور الصبار ويختل التوازن ذاته و الأرض لا تكف عن الهذيان تحت قدمينا معا ، أشتهيها كزهره ، كحبه كرز شهيه ، أنظر لها كقطعه ألماس على طبيعتها .. أشعر بأني أريد أن اتذوق التفاحه كآدم ... ألتهمها كحوت يونس بالغروب  !!!  حتى فقدتها في خطوه واحده ولكنها خاطئه وغاشمة .. "بكلمه جارحه متواريه بين الجمل المنقوصه " .....  ومع كل صباح قد يكون آت محمل بفرح جديد  أنتهكه بخوفي واصرار ترددي وحماقاتي وانا ارشف فنجان قهوتي البارد وحيد بين الجميع...، 

 - حتى حانت ليلة الأنطفاءة الأخيرة، رحلت فيها " بانسيه " بهدوء رائع الحزن، أنيق كالكبرياء الشفاف، برداء أبيض و شعر حر حول عنق متعالى  كعروس تزف لنجوم السماء ، .…

 و فجأة تساقطت أمام عيناي أحلامي و كل وريقات البانسيه صفراء كالخريف الباهت ... و انزويت انا داخل نفسي كطفل يتيم مع دموع جافة ككسر الجليد.... بشتاء دائم  …

-  رد عليه " سليم " بهدوء الحائر فيما يسمع  :

أحيانا المحب يخسر من أحب لضعف أو نقيصه ما ... ولكن عندما تجتمع اركان الحب بأن المحب يكون محبوبا بمن أحب ...فهذه ليست بخسارة ولكنها طلقة قاتله بمنتصف الروح يا " نوار "  _ سأله  نوار  والحزن بادي بملامحه : هل تعتقد انها ستعود ؟ رجاءً قل نعم ....فهي تاريخ ميلادي ... الروح والسند . - أجابه سليم وهو ينهض ليغادر :  انت تجاوزت معها كل حدود الحب  وهي ارخت لك كل حبال الصبر  ....    فإذا غاب عنك عتابها ... وانزلتك من مكانتك   " بأنك كل البشر " بالنسبه لها،  الي منطقة "  ككل البشر " .... فأعتقد انها لن تعود .   

تم نسخ الرابط