
- أنشأه الملك فاروق بجوار استراحته التي شهدت اجتماعات تأسيس جامعة الدول العربية
تعرّف على حكاية الجامع الكبير بـ"إنشاص الرمل"

إبراهيم العسيلي
تتسم الآثار المتنوعة بمحافظة الشرقية، بالقيمة الجمالية العالية والندرة، ومن بينها ما يرجع لحقبة الملك فاروق، وتحديداً في قرية "إنشاص الرمل"، التي يوجد بها واحد من أبرز الآثار الإسلامية في العهد الملكي، أو ما يعرف بالجامع الكبير.
وتختلف الآراء حول مؤسس الجامع الكبير، منها من قال إنه الملك فؤاد الأول، وأكمله الملك فاروق، ومنها من قال إنه الخديو عباس حلمي الثاني، على أن الرأي الراجح أنه الملك فاروق، الذي حكم مصر من ١٩٣٦ - ١٩٥٢.
ويقع الجامع الكبير بمنطقة بساتين إنشاص، بالقرب من شاطئ ترعة الإسماعيلية، وبجواره قصر للملك فاروق كان يستخدمه كاستراحة وقت زيارته للمنطقة، وهو قصر شهد الاجتماع الأول بين الملك فاروق وزعماء الدول العربية، عند تأسيس جامعة الدول العربية، وكان للجامع والقصر سور واحد في تلك الفترة.
وقرية “إنشاص”، هي إحدى القرى التابعة لمركز بلبيس بمحافظة الشرقية، وتقع شمال شرق القاهرة، وتبعد عنها ٣٥ كيلو متراً، وأصل الاسم هو "إنشاز الرمل"، أي المرتفعات العالية، نظرا لطبيعتها الصحراوية، ومر الاسم بتعديلات كثيرة خلال العصر الروماني وبعده، وأيضاً بعد الفتح الإسلامي لمصر، وذُكر أن الجيش الإسلامي مر بها وهو في طريقه إلى القاهرة، بعد أن استولى على مدينة بلبيس.
تنقسم القرية إلى جزءين كبيرين، الأول في الجانب الشمالي من ترعة الإسماعيلية، وبه منطقة البلد والمنيل، وبه محطة القطار، والمصالح الحكومية، والجزء الثاني مع جنوب ترعة الإسماعيلية، ويعرف بمنطقة التفتيش الملكي، وبه القصر الخاص بالملك فاروق، وحديقة الصبار الملكي، والإسطبل الملكي، والجامع الكبير. يقول الدكتور مصطفى شوقي، مدير عام آثار الشرقية، إن الجامع شيد بالكامل من الحجر "الدبش"، شأنه في ذلك شأن كل المباني المحيطة به، التي أنشأها الملك فاروق، مثل القصر ومدرسة إنشاص الرمل، وبيت المفتش، وتم ذلك بطريقة هندسية رائعة، باستخدام الرخام فى بعض الأحيان، كما حدث في المحراب.
وكان الجامع يتمتع بأربع واجهات حجرية، متبقى منها اثنتان حالياً، هما الواجهة الجنوبية الشرقية، التي تحتوي على محراب القبلة، والواجهة الأخرى الشمالية الشرقية، وتمت تعديلات حديثة على الوجهتين الأخريين، وتتكون المئذنة من ثلاث طوابق حجرية، يعلوها هلال.
تحف نادرة
يحوي المسجد بعض التحف النادرة، مثل ساعة مهداه للملك فاروق، ويبلغ ارتفاعها مترين ونصف، وتوجد حالياً في مواجهة جدار القبلة، غير أنها معطلة.
ودكة المقرئ دكة خشبية أبعادها “١.٥٠× ٨٠ سم × ١.٢٠م” عليها زخارف أطباق نجمية، وبها درابزين من خشب الخرط، وتتدلى المشكاة النحاسية المثمنة الأضلاع من مركز القبة.
وأكد "شوقي" أن المسجد يتميز بالعناصر الزخرفية والمعمارية المميزة بعدد كبير من العقود متنوعة الأشكال والمقاييس، مثل العقد المدبب والثلاثي والنصف دائري، علاوة على مجموعة رائعة من الأقبية، مثل قبو الممر السري، وأسلوب تغطية المسجد يجعله تحفه معمارية، حيث يغطي بقبة مقامة علي أربع دعامات في الأركان، مع استخدام "المقرنصات" كنوع من الزخرفة والتهوية، وهى نفس الزخرفة الهندسية في رسم المحراب، بالإضافة لكتابة نصوص قرآنية أعلة كوشة العقد، مع استخدام الأطر الحجرية البارزة، وما يعرف بالإطار المجدول الذي يزخرف القبة من الخارج.